افتداهم الرب فليحمدوه
المزمور المئة والسابع
1. المزمور المئة والسابع هو مزمور شكر ينشده مؤمنون متعدّدون بعد أن خلّصهم الله من الضيق، فيقدمون إلى الحاضرين تعليمًا عن كيفيّة معاملة الله لأتقيائه: الرب صالح، وإلى الأبد رحمته. يستمع الشعب إلى هذا النشيد في جوّ العيد، وقد جاؤوا من كل صوب يحملون تقادمهم في صلاة ليتورجية ليشكروا لله صنائعه لهم: يشكره المسافر التائه لأنه تدخّل في طريقه فنجّاه. يشكره السجين والمسبي والذليل لأنه حطّم قيودهم. يشكره المرضى في أسرّتهم والبحّارة في سفنهم لأنه أعطاهم الخلاص. ليحمد جميعُ البشر الرب على رحمته وعجائبه.
2. نشيد شكر ترفعه الجماعة إلى الله.
آ 1- 3: مقدمة: يدعو الكاهن المؤمنين ليبدأوا صلاة الشكر. حملوا معهم تقادمهم لأن الرب افتداهم وجمعهم من أربعة أقطار الدنيا ليعرفوا خلاصه.
آ 4- 9: يروي المسافرون كيف تاهوا في الطريق فهداهم الرب وأنقذهم. سفَرهم هو رمز لعبور الشعب من الصحراء القاحلة إلى أرض الميعاد الغنّاء: "كانوا جياعًا عطاشًا تخور نفسهم في الطريق". ثم يدعو الكاهن الحاضرين: "إحمدوا الرب على رحمته".
آ 10- 16: يتحدّث الاسرى عن ذلّهم وحياتهم في الظلام وظل الموت. ولكن الرب كسر لأجلهم أبواب النحاس وحطّم مغاليق الجديد. نجاتُهم هي رمز لرجوع شعب الله من المنفى في بابل إلى حياة الحرية في أرض الله.
آ 17- 22: يذكر المرضى كيف كانت تعاف الطعام نفوسهم حتى اقتربوا من الموت. أرسل الرب كلمته فشفاهم، فليحمده كل المتألمين لأن خلاصه قريب منهم.
آ 23- 32: يروي البحّارة كيف كاد البحر يبتلعهم بأمواجه. صرخوا إلى الرب في ضيقهم فخلّصهم من متاعبهم وهداهم إلى ميناء مقصدهم. فليسبِّحوه لأنه عون لكل من يُحدق به خطر، أكان في البحر أو على الأرض. ويقول الكاهن:" مجدّوه، سبحوه".
آ 33- 41: نشيد لمجد الرب المخلّص الذي يغمر شعبه بعطاياه، فيعظِّم المساكين ويحطّم الاقوياء.
آ 42- 43: الخاتمة: يدعو الكاهن الحاضرين إلى أن يتخذوا عبرة من هؤلاء الحجّاج الذين أتوا إلى أورشليم ليخبروا كيف تغلّبوا على الصعوبات بفضل الرب: أنظروا أيها المستقيمون وافرحوا. إحفظوا هذا الكلام وتفهَّموا مراحم الرب.
3. يعيش اسرائيل جوَّ العيد، فيأتي الشعب من كل بلد ليعيّدوا لربهم، ويسبحوه ويشكروا له نعمه. يخرج الكاهن من باب الهيكل ويحرّض المجتمعين على إنشاد مدائح لله ويقول لهم: اعترفوا للرب لأنه صالح، فيجيبون: لأن إلى الأبد رحمته. رحمة الرب تعني حبّه (كالأم التي حملت ابنها في رحمها). وهي تعني أنه يتصرّف بوحي قلبه مع شعب ارتبط معه بعهد أبدي وظل أمينًا على هذا العهد. ورحمة الله، وإن كانت خفيّة، فهي تظهر غالبًا عبر أعماله العظيمة. فالله لا يبقى مكتوف اليدين عندما يرى شعبه في الضيق، بل يهبّ لنجدتهم.
الرب حاضر في حبِّه لشعبه، حاضر في أعمال رحمته. وهكذا عندما يمتدح المؤمن هذه الرحمة فهو يعلن عنها في فعل إيمان يعبّر فيه عن رجائه بالرب وعن حبّه له، رغم ما يمكن أن يعتريه من صعوبات. يعبّر المؤمن عن ثقته بالله، فيكشف الرباط الذي يربطه بالله. ينشد المرتّل رحمة الله، فيكتشف أنه مرحوم ومحبوب من الله وهو يعيش في ظلّ حمايته.
4. يبيّن لنا هذا المزمور أن محور عبادة الله نشيد الشكر لمجد الله. فندخل في "إفخازستيا" لعهد جديد يصبح فيها حب الله ظاهرًا. ونفهم معنى دعوة الشعوب إلى تمجيد الله. وهكذا تتمّ كلمات أشعيا النبيّ عن الرب (57: 15): "إني أسكن في العلاء وفي القدس ومع المنسحق والمتواضع الروح، لأحيي أرواح المتواضعين وأحيي قلوب المنسحقين". فالمسيح سيشبع الجياع والعطاش (لو 6: 21) لأن المسيح خبز الحياة. فمن يأتي إليه لا يجوع ومن يؤمن به لا يعطش (يو 6: 35). يأتي إليه المتعبون والثقيلو الاحمال فيريحهم لأن فيه كل نعمة (يو 1: 14، 16) وكل غنى فلا يعوزنا معه شيء من الهبات (1 كور 1: 4- 5). وهكذا ننشد هذا المزمور مع الكنيسة كلها فنمجّد الرب لأجل رحمته ومعجزاته.