خاتمة

خاتمة

وهكذا انتهينا من قراءة سفر إرميا. تعرّفنا فيه إلى حقبة عاشت الاضطراب حيث سقطت أورشليم ودُمّرت، وأحرق الهيكل وذهب الشعب إلى السبي، وانتهت حياة إرميا في مصر وتقول حكاية متأخرة إنه ممات هناك شهيداً.
وتعرّفنا إلى كتاب مركّب من عدة عناصر، من أقواله إرميا، وما كتبه باروك مرّة أولى، وأضافه فيما بعد. هذا عدا عن قراءة للنصوص خلال المنفى، وما بعد المنفى، ولاسيمّا على ضوء التقليد الاشتراعيّ.
كلام إرميا يواجه الملك والشعب. يشجب اللا أخلاق عند سكّان أورشليم وأهل يهوذا، ويعلن أن الربّ يتخلّى عن مدينته إن هي لبثت على حالها ولم تَتُب. عند ذاك، تبدأ آلام النبيّ: كله كانوا يعارضونه. يريدونه أن يسكت بالوعد أو بالوعيد، ولا سيمّا من قبل الملك. كم تمنّى إرميا أن يسكت! ولكنه لا يستطيع وكلمة الله نار محرقة في أحشائه.
كتاب إرميا كتاب عهد نقضه الشعب، فنسي الربّ، وسارع إلى المعاهدات تارة مع مصر وطورًا مع بلاد الرافدين. وكانت عبادة الأصنام التي وصلت حتّى إلى الهيكل. العدوّ على الأبواب والأنبياء الكذبة يقولون: سلام، سلام. لا تخافوا. أما إرميا فكان واقعياً بعد أن رأى الخطر المحدق بالشعب والمدينة. ففي سنة 597، كان سبي أول هُجِّر فيه من هُجِّر من أورشليم ومملكة يهوذا. أيريدون تهجيراً ثانياً؟ ولكنهم لا يريدون أن يتعلّموا من الأحداث. نُقض العهد فتطعّ النبيّ إلى عهد آخر هذا العهد سيبقى رغبة وأُمنية، ولن يتمّ حقاً إلاّ مع يسوع الذي قدّم نفسه "كالعهد الجديد الأبديّ".
كتاب إرميا هو كتاب النبيّ. رفع الصوت عالياً فتكلّم باسم الله وما تراجع. سمع معاصروه ولكنهم لم يفهموا. ولكن سيقرأ كلامَه أولئك الذين جاؤوا بعده. وهؤلاء سوف يفهمون ويتوجّهون نحو الربّ ليسيروا بهديه ويعيشوا حسب عهده. وهو كتاب عبد الله وعابده الذي سنجد صداه في أناشيد عبد يهوه كما نقرأها في سفر أشعيا، في قسمه الثاني. رُفض إرميا مع أنه نادى بموقف يمنح الحياة لسامعيه. ورُفض عبد يهوه مع أنه أرسِل ليحمل خطايا كثيرين. أتُرى يكون مصير النبيّ إرميا مختلفاً عن مصير الأنبياء الذين قال فيهم يسوع مندّداً بالكتبة والفريسيين: "ها أنا أرسل لكم أنبياء وحكماء، فنهم من تقتلون، تصلبون...".
هذا هو إرميا النبيّ، وهذا هو كتابه. قدّمنا له تفسيراً نرجو أن يكون رفيقاً لكلّ واحد منّا في قراءة الكتاب المقدّس والتعرّف إلى كلمة الله. فيا ليته يساعدنا لكي نكتشف غنى كبيراً. ونحن نرجو أن نتبعه بتفسير لحزقيال واشعيا. والله هو الذي ينير خُطانا

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM