ينابيع الإيمان
-22-
يوسف بن يعقوب
قصائد منسوبة إلى أفرام السرياني
القصائد 8-12
المونسنيور بولس الفغالي
منشورات الجامعة الأنطونية
تقديم
في جزء أوَّل قدَّمنا القصائد 1-7 من خبر يوسف بن يعقوب. وها نحن نقدِّم القصائد الأفراميَّة 8-12. في القصائد السبع الأولى، قرأنا حول حسد الإخوة من يوسف، ولاسيَّما بسبب القميص الذي أعدَّه له أبوه فميَّزه عن إخوته. وهكذا باع الإخوةُ أخاهم فمضى إلى مصر. بيع إلى رجل اسمه فوطيفار، ولكنَّه صار في السجن بعد أن اتَّهمته امرأة فوطيفار، ظلمًا ، أنَّه حاول أن يقترب منها. ولكن انطلق يوسف من السجن لينال أعظم إكرام: صار الشخص الثاني في مصر بعد فرعون: هو سيِّد مصر ويوزِّع الحنطة على الآتين إليه، في سنوات الجوع التي أنبأ بها وأخذ الاحتياطات حين كدَّس القمح في سنوات الوفر. لهذا جاء الإخوة إلى أخيهم في مصر ليشتروا طعامًا. أعطاهم يوسف حاجتهم، ولكنَّه احتفظ بشمعون وقال إنَّه لن يُفلته قبل أن يعودوا إليه ومعهم بنيامين.
في القصائد 8-12 المنسوبة إلى أفرام، يتواصل الخبر. يعود الإخوة ومعهم بنيامين. وهنا تبدأ المأساة: جُعل هذا "الصغير" سارقًا، ولهذا يكون عبدًا ويبقى في مصر ويعود الإخوة إلى أبيهم. وتأتي المرافعة التي "تجرح" قلب يوسف من أجل أبيه، والإخوة لا يدرون. وفي النهاية، عرَّف يوسف بنفسه. ما صدَّق إخوته، ولاسيَّما من الخوف. بقي أن تبلغ البشرى إلى الأب الذي أتى إلى مصر. والقصيدتان الأخيرتان توردان موت يعقوب وما نال من إكرام في دفنته، وموت يوسف الذي ستعود عظامه إلى أرض كنعان.
وأضفنا إلى هذه الأناشيد ثلاثة فصول. الأوَّل، الرواية اليوسفيَّة في سفر التكوين. هي قراءة علميَّة تفكِّك الخبر وتبيِّن كيف بدأ وتطوَّر حتّى وصل إلى الحالة التي نقرأها فيه. ومقال ثانٍ يعود إلى براشيت ربه الذي هو مدراش إرشاديّ بشكل وعظٍ للمؤمنين، مع بعض الشروح الإضافيَّة في البدء، على أن نستغني عن الشروح فيما بعد. ولكنَّنا توقَّفنا عند خبر يوسف مع امرأة فوطيفار لئلاَّ يطول هذا الفصل. وفي النهاية، قدَّمنا قراءة إيشوعداد المروزيّ، ذاك الكاتب المشرقيّ، الذي اختير بطريركًا، ولكنَّ السياسة أعادته إلى العلم فشرح كلَّ أسفار العهد القديم والعهد الجديد.
لماذا أضفنا هذه الفصول الثلاثة على هذه القصائد "الأفراميَّة"؟ لكي نفهم مختلف التقاليد حول شخصيَّة يوسف بن يعقوب، أو ما دُعيَ يوسف الحسن. كان بالإمكان أن نقدِّم شرح أفرام السريانيّ للكلام عن الفصول الأخيرة (37-50) من سفر التكوين، أو بعض عظات يوحنّا الذهبيّ الفم عن هذا الشخص الذي جعلنا في إطار العهد الجديد، مع ننظرة واسعة إلى مخطَّط الله الذي يخرج الخير من الشرِّ، والذي غفر بطريقة لا يمكن أن يقبل بها "ابن الشرق" الذي لبث على مستوى "سنّ بسنّ وعين بعين" وما عرف ما قاله الإنجيل عن محبَّة الأعداء والصلاة من أجلهم.
وكان بالإمكان أن نتكلَّم عن يوسف في الفكر الإسلاميّ. فاسمه يرد ثلاث مرَّات في القرآن: مرَّة مع "أنبياء" آخرين (6: 84)، ومرَّة في فم رجل مصريّ يتوسَّل إلى فرعون لكي يقف بموسى (40: 34). وكانت سورة كاملة، السورة 12 مخصَّصة كلُّها للكلام عن يوسف، وهي تدلُّ على معرفة بهذا "البطل، كما في النصِّ البيبليّ".
عالم واسع دخلنا فيه وما استنفدنا غناه، ولكن ما اكتشفناه يفتحنا على كنوز نحن بحاجة إلى أن نتعرَّف إليها ونغتني بها. فإلى نهاية هذه القصائد الأفراميَّة وشروح أخرى تنطلق من الكتاب المقدَّس، من سفر التكوين، حيث يكون شخص يوسف صلة الوصل بين خبر الآباء إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وبين الخروج من أرض مصر. فهل نعجب بعد ذلك أن يكون القرآن جعل يوسف معاصرًا لموسى؟