درب الصليب - المونسنيور يوحنّا كوكباني

درب الصليب
دوّنه المونسنيور يوحنّا كوكباني

حاول أبونا يوحنّا أن يحافظ على ترتيب المراحل. غير أنّه جعل اللاهوت الرعائيّ في الصلاة، كما في الترتيلة التي تُنهي كلّ مرحلة. وها نحن نقدّم "درب الصليب" كما نشر في "دليل المؤمن".
المرحلة الأولى: بيلاطس يحكم على يسوع بالموت (يو 19: 16)
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك
لأنّك بصليبك المقدّس خلّصت العالم
بيلاطس متأكّدٌ من براءة يسوع، وقد أعلنَها على اليهود، ومع ذلك حُكِمَ عليه بالموت. قبِلَ يسوعُ الحُكمَ الظَّالم من أجل معاصينا، "لأنّ الربَّ ألقى عليه إثمَ كلّنا" (أشعيا)
علّمنا يا ربّ أن لا نَحكمَ على أحد، فأنتَ وحدَك تعلَمُ ما في القلوب والنوايا. وقوِّنا، لنتحمَّلَ كلَّ ألمٍ يَتأتّى علينا ممّا يَختلِقُهُ النّاس علينا افتراءً ونميمة. آمين
إرحمنا يا ربّ
إرحمنا
فلتسترحْ أنفسُ الموتى المؤمنين
برحمة الله والسلام آمين

المرحلة الثانية: يسوع يحمل صليبه
يا يسوع أنتَ قلت: "ليسَ أحدٌ يَنتزِعُ حياتي منّي بل أنا أبذلُها برضاي. فلي سلطانٌ أنْ أبذلَها ولي سلطانٌ أن أستعيدَها أيضًا. فتلك هي الوصيّةُ الَّتي قبِلْتُها من أبي. لهذا يُحبّني أبي لأنّي أبذلُ نفسي لأستعيدَها أيضًا (يو 10: 18)
علّمنا، يا ربّ، أنّ قيمةَ الألمِ ليسَتْ على قدْرِ شِدَّتِه بل على قدْرِ ما يكونُ عن رِضى وحبٍّ وطاعةٍ لِمشيئتك. آمين

المرحلة الثالثة: يسوع يرزح تحت الصليب للمرّة الأولى.
يسوعُ إنسانٌ حقًّا يَشعرُ بالألم والوجعِ مِثلَ كلِّ إنسان، لا بل أكثرَ مِن كلِّ إنسان، لأنّه يُدركُ عظمَةَ الخالقِ وحقارةَ الخليقة. خارَتْ قِواهُ تحتَ ثِقَلِ خَشبةِ الخطيئة فهَوى.
علِّمْنا، يا ربّ، متى قهَرَنا الألمُ وأرزحَنا تحتَ وطأتِه، أن نَقبَلَ ضُعفَنا البشريَّ ونَصبِرَ عليه وننظُرَ إليك تُشدِّدُنا لِننهضَ، وعلِّمْنا أن نَلطُفَ بضُعفِ الآخرين ونُساعدَهم على النهوض. آمين

المرحلة الرابعة: يسوع يلتقي أمه الوجيعة
يسوعُ يتألَّمُ لألَمِ أمِّه ومريمُ تتألَّمُ لألمِ ولدِها. ونحن، يا يسوع، في عيالِنا، نختبِرُ هذا الألمَ يُسبِّبُهُ الوالدون لأولادِهم والأولادُ لوالديهم.
علِّمْنا يا يسوع أن نُدرِكَ في حياتِنا قيمةَ الألمِ يُصقِلُ سلوكَنا المسيحيّ ويجعلُه حبًّا وفداء. آمين

المرحلة الخامسة: سمعان القيروانيّ سُخّرّ على حَمْلِ الصَّليبِ مع يسوع (لو 23: 26)
أُجبِرَ سمعانُ على حَمْلِ الصليبِ مع يسوع. علِّمْنا، يا ربّ أن نَحمِلَ آلامَنا وأوجاعَنا، أيًّا كانَتْ ومِنْ أين أتَت، حبًّا لك وتَكفيرًا عن ذنوبنا. آمين.

المرحلة السادسة: القدّيسة فيرونيك تمسحُ وجه يسوع بالمنديل
مشَتْ فيرونيك على درْبِ الصَّليبِ وشاءَتْ أن تُلطِّفَ على يسوع آلامَه فمسحَتْ عن وجهِهِ العرَقَ والدَّم.
علِّمْنا، يا ربّ، أن نَحنُوَ على آلامِ الآخرين فنفتَحَ لَهم يدًا تُلطِّفُ أوجاعَهم وقلبًا يُبلسِمُ جراحَهم. آمين

المرحلة السابعة: يسوع يقع للمرة الثانية
قِوى يسوعَ الجسديّة تضاءَلَتْ مع الطَّريقِ الطَّويلِ والحِمْلِ الثَّقيل.
ونحن يا يسوع، طريقُنا إليك طويلٌ مُوجع، فمُدَّ إلينا يدَكَ وانتشِلْنا من الجلجلة، وأنظارُنا عالقةٌ بنُورِ القيامة. آمين

المرحلة الثامنة: يسوع يُشجِّعُ بناتِ أورشليم (لو 23: 27)
"وكان يَتبعُهُ نساءٌ يَندُبْنه ويَنُحنْ عليه. فالتفتَ يسوعُ إليهنّ وقال: "يا بناتِ أورشليم، لا تَبكَينَ عليّ، بل ابكَينَ على أنفسكنّ وعلى بناتكنّ".
نعم، يا يسوع، علِّمْني أن أفهمَ مِعنى الألمِ الصّحَيحِ الَّذي احتملْتَهُ لأجلي. آلامُك سببُها خطايانا، فعلِّمْنا أن نَتوبَ عنها إليك. آمين

المرحلةُ التاسعة: يسوع يرزح تحت الصليب للمرّة الثالثة
طالَ الدَّربُ دربُ الصَّليب، فخارَتْ قِوى يسوعُ الإنسان. ونحنُ، متى طالَ دربُ العذاب، نَهوي ونكادُ نَقطَعُ الأمل. فلا تَترُكنا، بل شُدَّنا إليك مُعذَّبًا غيرَ مَقهور، فنَقوى على النُّهوضِ من سقَطاتِنا لِنُواصلَ الدَّربَ معك إلى الجلجلة، فإلى القيامة. آمين

المرحلةُ العاشرة: الجندُ عَرّوا يسوعَ من ثيابه وناولوه خمرًا ممزوجة خلاً (مت 27: 32)ظنّ الإنسانُ أنَّه قد عرَّضَكَ للهُزء والسُّخريةِ عندما عرّاك من ثيابِك. وفاتَهُ أنَّكَ أنتَ الطُّهرُ وأنتَ النقاء، ومن جسمِكَ يَشِعُّ الحياء.
علِّمْنا، يا ربّ، أن نفهَمَ معنى الحياءِ البشريّ، وأعطِنا ألاّ نَكونَ بقلِّةِ حِشمتِنا سببَ عثرةٍ وشكٍّ لأخوتِنا. آمين.

المرحلةُ الحاديةَ عشْرَة: يسوعُ سُمِّرَ على الصَّليب (مر 15: 24)
الصلبُ هو أحدُ أنواعِ التَّعذيبِ للمجرمين. وقد سبقَ أشعيا وقال: "أفاضَ للموتِ نفسَهُ وأُحصِيَ مع المجرمين، وهو حمَلَ خطايا كثيرين، وشفَعَ في المُجرمين" (أش 53: 12)
علِّمْنا، يا يسوع، أن نَقبَلَ بدونِ تَذمُّرٍ آلامَ الحياة، بخاصَّةٍ ألمَ نهايةِ الحياة فنَجعَلَه، كما جعلتَهُ أنتَ، ألمًا فاديًا ومخلِّصًا. آمين

المرحلةُ الثانيةَ عشْرَة: يسوع يموتُ على الصليب
لمّا أسلمتَ الرُّوحَ بين يدَي أبيك انشقَّ الحِجابُ الَّذي يَستُرُ قُدسَ أقداسِ الهيكل، إنذارًا بِزوالِ العَهدِ القديم، وتفتَّحَتِ القُبورُ لأنَّكَ بِموتِكَ غلبْتَ الموت.
هذا، وأمُّكَ واقفةٌ عند صليبِك، تتجرَّعُ معكَ كأسَ العذابِ حتّى النِّهايةِ، لِخلاصِنا، وآلامُها تُضاعِفُ آلامَك، وتُعزّيكَ بِحضورِها واشتراكِها في سرِّ فدائك.
أعطِ الآباءَ والأمّهاتِ الَّذينَ تألَّموا ويتألَّمون لآلامِ أولادِهمِ المَرضى والمعذَّبين، أنْ يَجعلوها بالصَّبرِ والمحبَّةِ والإيمانِ تقدمةَ فِداء. آمين

المرحلةُ الثالثةَ عشْرة: يسوع أُنزل عن الصليب ووضع في حضن أمّه (يو 20: 38)
مريمُ، أم يسوع، تَحضُنُ ابنَها ميتًا. هي الوحيدةُ تَفهمُ لماذا رَضِي ابنُها الموت، وهي الوحيدةُ تَضمُّ آلامَها إلى آلامِه فتجعلُها آلامَ فداءٍ وخلاصٍ، وفي قلبَيهما نورُ رجاءٍ سيَنجَلي انتصارًا للبارِّ المتألِّم.
علِّمينا، يا مريمُ، أن نَفهمَ مَعنى المشاركةِ في الفداء ونعيشَها كما فعَلْتِ، ونكمِّلَ فينا ما نقُصَ من آلامِ المخلِّص. آمين

المرحلةُ الرَّابعةَ عشْرَة: يسوعُ وُضِعَ في القبر (لو 23: 53)
لقد تمَّ كلُّ شَيء، وانتهى كلُّ شيء، وظفَرَ على يسوعَ أعداؤُه وأخفَوهُ في قبر... والرُّسلُ فقَدوا كلَّ رجاء بما كانوا ينتظرونَ مِن يسوع. أمّا يسوع، الحامِلُ حُبَّ اللهِ للبشر، فلم يَبقَ في القبر. إنَّ الحُبَّ أقوى من الموت. دحرجَ الحجَرَ الكبيرَ عن بابِ قبرِه، وعاد يُعلِنُ على الرُّسلِ حُبَّ الله ولِمَنْ سيُؤمنونَ على يدِهم.
أعْطِنا، ربِّ، ألاّ نيأسَ من الحياة، لأنّك أنتَ القيامةُ والحياة، وامنَحْنا الحُبَّ الَّذي يَغلِبُ المَوت. آمين.

صلاة:
أيّها الآبُ الأزليّ الَّذي قدَّسَ رايةَ الصَّليبِ المُحيي بِدَمِ ابنِهِ الثَّمين، نسألُ مراحمَكَ أنْ تَمنَحَ الَّذينَ يُكرِّمونَ هذا الصَّليبَ المقدَّسَ مَغفرةَ خطاياهم ودخولَ المجدِ الأبديّ باستحقاقاتِ مُخلِّصِنا يسوعَ المسيح. آمين

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM