تقديم

تقديم
هذا هو الجزء الثاني والأخير من تفسير الإنجيل بحسب مرقس. عنوانه: يسوع ابن الله. كان عنوان الجزء الأول: إنجيل يسوع المسيح. إنجيل يسوع الذي هو المسيح. وحاولنا أن نتوقّف عند 8: 30. ولكن الفصل امتدّ ابعد من ذلك لأن هناك وصلة تربط بين الجزء الأول والجزء الثاني. لهذا، عدنا في هذا الجزء الثاني إلى 8: 27، وهكذا انطلقنا من قمة أولى وصل إليها مرقس حين أعلن بطرس ليسوع: أنت المسيح. وسوف نصل إلى قمة أخرى مع قائد المئة الذي أعلن أن هذا المصلوب هو في الحقيقة ابن الله. لهذا عنونا الجزء الثاني: يسوع ابن الله أي يسوع الذي هو ابن الله. وهكذا ينتهي الكتاب كما بدأ في 1: 1 الذي هو عنوان إنجيل مرقس: "بداية إنجيل يسوع المسيح ابن الله".
نجد في هذا الكتاب المقدمات في ثلاثة فصول: الإنجيل بحسب مرقس، الوجهات التعليمية في الإنجيل الثاني، بين يوحنا ومرقس. ثم قدّمنا المراحل الباقية أي الرابعة والخامسة والسادسة: معنى حياة الإنسان. مملكة داود ودينونة أورشليم. ابن الإنسان وابن الله. هذه النظرات العامة مهمّة جداً، لأنها تبرز بنية عدد من المقطوعات داخل الإنجيل كله وداخل كل مرحلة من المراحل.
بعد هذا، بدأ التفسير مقطوعة مقطوعة. وتوجّه إلى طالب اللاهوت والكاهن والراهب والراهبة والعلماني. توجّه إلى كل أفراد شعب الله. توجّه إلى كل إنسان يريد التعرّف إلى يسوع المسيح.
وتوسّع التفسير في أخبار الآلام (سميناها: الحاش. الكلمة السريانية تعني: الألم) مع أننا لا نقرأ إلاّ قسماً قليلاً منها في الحياة اللتورجية. أو نقرأ الخبر كله دون أن نتوقّف عند مقطوعاته واحدة واحدة. يا ليتنا نقضي زمن الصوم نتأمل فيه أخبار الحاش. فهي لم تُكتب لكي تثير فينا عاطفة البكاء على ما حدث ليسوع. فإن كان تألم ومات، فهو قد قام. ولا لتثير فينا الغضب على الشعب اليهودي الذي قتل المسيح. فيسوع غفر له من على صليبه. وهي لم تُكتب لترضي فضولنا العلمي أو التاريخي. فالإنجيل قبل أن يكون خبراً هو شهادة يوردها أولئك الذين عاشوا مع يسوع ورأوه وسمعوه. وهكذا، فأخبار الحاش هي قبل كل شي تعليم يتوجّه إلينا في كل وقت، ولا سيّما في ساعات الشدة والضيق، في ساعة المرض والعذاب والموت. إن يسوع يرسم لنا طريق حياة في تعليمه وعجائبه. ويرسمها لنا أيضاً خلال آلامه، من النزاع في جبل الزيتون حتى الموت على الجلجلة.
قدّمنا في هذا الإنجيل شروحاً لمقطوعات نجد ما يوازيها عند لوقا. قد يكون هناك بعض الترداد. لا بأس. هكذا لا نجبر على العودة إلى كتاب آخر. ولكن لماذا لا نقابل بين تفسير وتفسير؟ فقد نجد في تفسير مرقس غير ذاك الذي حاولنا أن نقدّمه في إنجيل لوقا. إن ما في الأناجيل هو أوسع من أن يستنفده تفسير أو تفسيران أو عدة تفاسير. نحن فتحنا الطريق وننتظر أن تظهر تفاسير أخرى توصل إلى القارئ العربي غنى كلام الله. وهو لن يصل إليه إلا إذا رافقه التعليم الكنسي الذي يحاول المفسرّون أن يقدمّوه إلى المؤمنين.
هذا كل ما نرجوه من تفسير الإنجيل بحسب مرقس. هو إنجيل يسوع وهو يحاول أن يقودنا إلى يسوع. يا ليت كلماتنا تصمت أمام المعلّم الوحيد فنقول له: تكلّم يا رب فإن عبدك يسمع

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM