الفصل الرابع عشر
النساء ودورهن في أعمال الرسل
الأب نجيب إبراهيم
المقدّمة
إن وضع الدراسات حول دور النساء في أعمال الرسل يتلخّص بتيّارين. الأول يؤكّد أن للوقا، كاتب هذا السفر، نظرة إيجابية عن المرأة. وأعمال الرسل يتّفق مع مضمون الإنجيل الثالث وتعليم يسوع. والتيّار الثاني يؤكّد أن لكاتب "الأعمال" نظرة سلبية بالنسبة للمراة، خاصة من ناحية دورها البطولي. دراسة ماري روز دانجلو ("المرأة في لوقا- أعمال: نظرة إنشائية") تمثّل هذا التيّار الذي نعتقده وارثا للتيّار التفسيري الذي يجعل من سفر الأعمال "كتاب الكثلكة الأولى" (proto-catholicisme). دانجلو تستنتج من دراستها ان للوقا هدفين: وصفه للنساء موّجه ضد المسيئين (في الداخل والخارج) للخدمة النبوية المسيحية، ضد أولئك الذين ينظرون إلى دور المرأة القيادي كعلامة للفوضى الإجتماعية وللسحر وللطبيعة اليهودية والشرقية للحركة الجديدة. إذا هدف أعمال الرسل الدفاع عن الدين الجديد. وله أيضاً هدف تعليمي: على المرأة أن تتصّرف بتحفّظ وباعتدال. لذلك لا وجود لدور قيادي وبطولي للنساء في أعمال الرسل.
منذ البدء نعبر عن عدم مشاركتنا لهذا التيّار التفسيري. فالدراسة التي تلي تساعدنا على تكوين فكرة إيجابية عن المرأة في أعمال الرسل. إنها فكرة تنبع من الكتاب المقدّس، ولها دورها في توجيه طريقة تفكيرنا. في مرحلة أولى نستعرض المعطيات في أعمال الرسل. ومن ثم نحاول أن نستنتج بعض النّقاط عن دور النّساء.
أ- المعطيات.
- أعمال 1/ 14: "وكانوا يواظبون على الصلاة بقلب واحد، مع النّسوة ومريم أم يسوع". في انتظار مجيء الروح القدس، يُعنى لوقا بالإشارة لحضور بعض النّسوة، هؤلاء هنّ اللواتي تبعن يسوع في رحلاته الرسولية كما يبيّن كاتب الإنجيل الثالث في 8/ 1-3 حيث ترد بعض الأسماء: مريم المعروفة بالمجدلية وحنّة إمرأة كوزي خازن هيرودس وسوسنة وغيرهن كثيرات كنّ يساعدن يسوع والاثني عشر بأموالهنّ.
ومن بين الحاضرين "مريم أم يسوع". اسم "مريم" يرد في لوقا 1- 2 فقط، مما يعني أن هناك ارتباطاً بين بداية الإنجيل وبداية أعمال الرسل، بين حلول الروح القدس على مريم العذراء التي ستصبح أم يسوع وبين حلول الروح القدس على جماعة الرسل والنسوة. وحدها مريم حاضرة في الحدث الأول والثاني. الملاك جبرائيل قال لمريم: "إن الروح القدس سينزل عليك وقدرة العلي تظللك" (لوقا 1/ 35). والقائم من بين الأموات قال للرسل: "ولكن الروح القدس ينزل عليكم فتنالون قوة وتكونون لي شهوداً في أورشليم وكل اليهودية والسامرة، حتى أقاصي الأرض" (أعمال 1/ 8). هذا التّقارب بين النصّين يدفعنا للتّأكيد على نية لوقا في إظهار دور مريم: إنها أم يسوع وأم الكنيسة. اسم يسوع يرد في رواية دعوة بولس الأولى. القائم من بين الأموات قال لبولس: "أنا يسوع الذي أنت تضطهده" (أعمال 9/ 5). فالإسم "يسوع" يعني المسيح الحاضر في المسيحيين، في الكنيسة. ولقب مريم "أم يسوع" الذي يتفرّد لوقا في ذكره أعماله الرسل يدفعنا للتفكير والإستنتاج حول دور مريم في الكنيسة وفي عملها الرسولي.
- أعمال 2. النّص الذي يرد في عظة بطرس الأولى من سفر يوئيل (أع 2/ 17- 21) يعلن مرّتين أن موهبة الروح سوف تعطى للرجال والنساء: "فيتنبأ بنوكم وبناتكم... وعلى عيدي وإمائي أيضا أفيض من روحي في تلك الأيام فيتنبأون".
- الفصل الخامس يصوّر الوجه المظلم للجماعة المسيحية: كذب وعقاب إمرأة ورجل، حننيا وسفيرة.
ويتابع الفصل الخامس التكلم عن حياة الرسل والمسيحيين مؤكّداً أن عدد المؤمنين كان آخذاً في التزايد: "بل كانت جماعات الرجال والنساء تزداد عدداً فتنضمّ إلى الرّب بالإيمان" (أع 5/ 14).
- الفصل السادس يلفت الانتباه إلى أرامل الهلّينيين لأنهنّ "يُهملن في خدمة توزيع الأرزاق اليومية" (أع 6/ 1).
- الفصل الثامن يخبرنا عن إضطهاد اليهود لكنيسة أورشليم وعن شاول الذي كان "يجرّ الرّجال والنساء، ويلقيهم في السجن" (أع 5/ 3). والشتات الذي حصل بسبب هذا الإضطهاد ساهم في نشر الإنجيل: رسالة فيلبس في السامرة. فلمّا صدق أهلها فيلبس الذي بشّرهم بملكوت الله واسم يسوع المسيح، اعتمدوا رجالاً ونساء (8/ 12).
- والفكرة نفسها ترد في الفصل التاسع حيث يطلب شاول الرسائل من عظيم الأحبار "حتى إذا وجد أناساً على هذه الطريقة، رجالاً ونساءً، ساقهم موثقين إلى أورشليم" (أع 9/ 2). وفي الفصل ذاته لدينا روايتا شفاء متوازيتان. فرواية شفاء المعقد إينياس في اللد من قبل بطرس (أعب 9/ 32-35) تتبعها رواية إحياء طابيثة في يافا (أع 9/36-43). والروايتان تنتهيان بنفس الفكرة: إهتداء الكثيرين والإيمان بالرّب (أع 9/ 35 و42).
- الفصل الثاني عشر يتكلّم عن إمرأتين أخريين، "مريم أم يوحنا الملقّب مرقس" (آ 12) وروضة الجارية (آ 13).
- الفصل الثالث عشر يدخلنا إلى رحلة بولس الأولى. في أنطاكية بسيدية "كانت كلمة الله تنتشر في الناحية كلّها. على أن اليهود أثاروا كرائم النساء العابدات واعيان المدينة، وحرّضوا على اضطهاد بولس وبرنابا فطردوهما من بلدهم" (أع 13/ 49-50). إنه من النادر أن يخبرنا لوقا عن العمل السلبي عند النساء. مع هذه الرواية نذكر الفصل الخامس وقصة حننيا سفيرة.
- الفصل السادس عشر يلقي نظرة سريعة على أم طيموتاوس "يهودية مؤمنة" أما أبوه فكان يونانياً (16/ 1).
- ليديا في مدينة فيليبي. في نفس هذا الفصل تبدأ "الأجزاء- نحن"، فيها ينتقل الكاتب من الضمير الغائب إلى المتكلّم (أع 16/ 10). وبهذا يزداد عدد الشواهد التي تتكلّم عن النساء. والمقطع الأول من "الأجزاء- نحن" ينقلنا مباشرة إلى مدينة فيلبي عظمى المدن في ولاية مقدونية. واحتكاك الرسل مع المدينة يتمّ من خلال النساء اللواتي أتين للصلاة في المصلّى (16/ 13). من بينهن إمرأة "تعبد الله" اسمها ليدية (16/ 14)، لم تكن يهودية إنّما قريبة من الدين اليهودي. وهي بائعة إرجوان من مدينة تياطيرة من أعمال آسيا الصغرى، كانت "تستمع" إلى الرسل ففتحت للرب قلبها وللرسل بيتها: "ففتح الرّب قلبها لتصغي إلى ما يقول بولس. فلمّا اعتمدت هي وأهل بيتها، دعتنا فقالت: "إذا كنتم تحسبوني مؤمنة بالرّب فادخلوا بيتي وأقيموا عندي". فاضطرّتنا إلى قبول دعوتها" (أع 16/ 15). وقبل أن يترك بولس وسيلا مدينة فيليبي بعد خروجهم من السجن زارا ليديا للقاء الأخوة أي جماعة المسيحيين؛ مما يعني أن بيت ليديا أصبح نواة الكنيسة في مدينة فيليبي. هذه المرأة كانت تعني الكثير بالنسبة لبولس (راجع الرسالة إلى أهل فيليبي) وللوقا، كاتب أعمال الرسل.
السبب المباشر لسجن بولس في فيليبي كان إخراج الروح العرّاف من الجارية. أما السبب الحقيقي فكان ضياع أمل سادتها من الكسب بواسطتها.
- الفصل السابع عشر ينقل الأحداث إلى تسالونيقي. ومن بين الذين اقتنعوا وانضمّوا إلى بولس وسيلا "جماعة كثيرة من عباد الله اليونانيين، وعدد غير قليل من كرائم النساء" (أع 17/ 4). الشيء نفسه يحدث في بيرية حيث "آمن كئير منهم، وآمن من النساء اليونانيات الكريمات والرجال عدد غير قليل" (أع 17/ 12). وفي آثينة أيضاً ينضمّ إلى بولس ويؤمن بعض الرجال وإمرأة يهتم لوقا بذكر اسمها واسم رجل: "ومنهم ديونيسيوس الأريوباغي، وامرأة اسمها دامريس وآخرون معها" (أع 17/ 34).
- في الفصل الثامن عشر بولس يقيم في قورنتس ويتوقّف قليلاً في أفسس. في المدينتين يلقى بولس حضور وعون أقيلا وامرأته برسقلّة، وهما زوجان يهوديان أصلهما من بنطس وقد هاجرا قبل وقت قليل من روما (أع 18/ 2). وإذا أخذنا بالإعتبار أن اسم برسقلة يرد مرتين في نفس الفصل (18/18 و26) قبل اسم زوجها، يمكن أن نستنتج أنها الأكثر موهبة وطاقة في عملها الرسولي بجانب بولس (راجع أيضاً روما 16/ 3). ومن الجدير أن نبيّن طبيعة الرسالة التي قام بها الإثنان وبنوع خاص هذه المرأة: "فشرع (أبلّس) يتكلّم في المجمع بجرأة، فسمعته برسقلّة وأقيلا، فأتيا به إلى بيتهما وعرضا له طريقة الرّب في وجه أدقّ" (أع 18/ 26). ونتساءل هل كانت لديهما موهبة التّعليم التي يذكرها بولس في رسالته إلى أهل قورنتس: "والذين أقامهم الله في الكنيسة هم الرسل أولاً والأنبياء ثانياً والمعلّمون ثالثاً" (1 قورنتس 12/ 28).
- الراوية الثالثة بصيغة "نحن" تبدأ في 21/ 1. تظهر النساء من جديد. بولس وبعض الرفاق يزورون صور بطريقهم إلى أورشليم. وعند مغادرة المدينة يقول الكاتب: "فشيّعنا جميع التلاميذ مع النساء والأولاد إلى خارج المدينة" (أع 21/ 5). وعند وصولهم إلى قيصرية دخل بولس إلى بيت فيليبّس المبشّر، وهو أحد السبعة. ويتابع النّص قائلاً إن: "كان له أربع بنات عذارى يتنبّان" (أع 21/ 8-9؛ راجع 2/ 17-18؛ 1 قو 11/ 5 و14/ 33-35؛ 1 طيم 2/ 11-12).
- في خطبة بولس في أهل أورشليم يقول: "واضطهدت تلك الطريقة حتى الموت، فأوثقت الرجال والنساء وألقيتهم في السجون" (22/ 4). والفصل 23 يذكر "ابن أخت بولس" (آ 16). في 24/ 24 تذكر إمرأة فيلكس الحاكم في قيصرية درسلّة.
ب- بعض الإستنتاجات والملاحظات.
1- المرأة عضو كامل في الجماعة المسيحية. النسوة حاضرات في العليّة مع أم يسوع والرسل. ولكن هنا يجب أن نلاحظ كيف يتكلّم لوقا عن جماعة الرسل فيورد أسماء الرسل الأحد عشر، ثمّ يتكلّم عن حضور بعض النّسوة ومريم أم يسوع وأخوته. إذا الرسل هم جماعة معروفة كما يرد في 1/ 2: الرسل الذين اختارهم. بينما كلمة "نسوة" ترد بدون "ال" التعريف في الأصل اليوناني. والنّص يعطينا فقط أسماء الرسل الاثني عشر واسم أم يسوع. أظنّ أن لوقا يهتمّ هنا بأن يعبر عن نقطتين: النّسوة حاضرات في بداية الكنيسة ولكنهنّ لسن من "الاثني عشر". إنهن يؤلفنّ حضوراً أكيداً في حياة الكنيسة ورسالتهنّ متحدة بشخص ورسالة مريم أم يسوع.
2- في الشواهد التي استعرضناها نلاحظ أن لدى لوقا بنية إنشائية مهمّة في التّكلم عن المرأة أي الزوجية أو ثنائية الحضور: "معاً رجال ونساء". هذه الطريقة متبعة أيضاً في الإنجيل الثالث.
3- المرأة ليست فقط من تحتاج إلى أعمال المحبة، إنّما هي أيضاً من يفعل ناشطاً في حقل المشاركة والخدمة والمحبّة الأخوية. أعمال 9/ 36- 42: طابيثة هي تلميذة من يافا، غنية بالأعمال الصالحة والصدقات التي تعطيها. كانت تهتمّ بالأرامل، تصنع الأقمشة والأردية وتعطيها لهنّ. أي إنها غنية بأعمال المحبّة، محبّة القريب. لوقا يعتبر أن هذه الحسنات هي "كنز في السماء" (لو 12/ 33)، يذكرها الله، كما يرد في رواية عماد قورنيليوس (أع 10/ 4). إذاً النساء في أعمال الرسل لسن فقط تلك الأرامل اللواتي يحتجن إلى مساعدة الأخوة في الكنيسة. هنّ تلميذات ناشطات في حقل الرّب بأعمال المحبّة والمشاركة التي كانت تسود حياة الجماعة المسيحية (أع 2/ 42).
- للمرأة دور مهمّ في الكنيسة وفي رسالتها. هنا نذكر أولاً أم يوحنّا مرقس (أع 12/ 11- 17). إنها إمرأة ميسورة كما يتّضح من وصف النّص لبيتها: ما يُترجم بكلمة "دهليز" هو على الأرجح رواق البيت (الرواق لا يكون إلا في الييوت الكبيرة) حيث كانت تستضيف جماعة من الناس تصلّي من أجل بطرس المسجون. هذه الجماعة هي الكنيسة المضطهدة، تستقبلها مريم في بيتها فتسمح لرسالتها أن تستمرّ. أما روضة الجارية فهي من أهل البيت تطرب فرحاً برجوع بطرس. فرحها هو فرح الكنيسة بنجاح مهمّتها.
نذكر أيضاً ليديا في مدينة فيليبي. بيتها أصبح مقرّ الكنيسة المحليّة. هنا نلاحظ أن "الجزء- نحن" يبدأ في 16/ 11 وينتهي في 16/ 18. يبقى بولس وسيلا في القصّة، مما يعني أن الكاتب (لوقا) لم يعد معهما، لقد بقي في فيليبي مع الكنيسة المحلّية: إنه في بيت ليديا؟ إذا ما صحّ التّكهن نستنتج أن لليديا تأثيراً على كاتب أعمال الرسل. إنها المرأة التي قبل التلاميذ ضيافتها ومساعدتها رغم أن بولس يفضّل سدّ حاجاته بنفسه (أع 20/ 34). بعض الشارحين يعتبر أن ثقة بولس بكنيسة فيليبي، الجماعة الوحيدة التي قبل مساعدتها المادية (فل 4/ 15-16)، مرتبطة بشخصية ليديا، هذه المرأة العظيمة بإيمانها. لا بل إن تشديد وامتياز لوقا في وصف حضور ودور المرأة لا بد أن يكون مرتبطاً أيضاً بصداقة ليديا كما كان مرتبطاً بشخص وذاكرة مريم أم يسوع.
لا بد أن برسقلّة وزوجها أقيلا كانا رسولين مهمّين بالنسبة للوقا كما كانا بالنسبة لبولس: "سلّموا على برسقلّة وأقيلا معاوني في المسيح يسوع، فقد عرّضا للضرب عنقيهما لينقذا حياتي. ولست أنا وحدي عارفاً لهما الجميل، بل كنائس الوثنيين كلّها لتَعرِفُه أيضاً" (روما 16/ 3- 4). لا بد أنهما كانا مسيحيين قبل قدومهما إلى قورنتس. إذا كانا معروفان في عدة كنائس، في روما وقورنتس وأفسس. ومما يلفت الإنتباه أن لوقا يستعمل نفس الفعل ليعبرّ عمّا يفعله بطرس في 11/ 4 وبولس في 28/ 23 وبرسقلّة وأقيلا في 18/ 26: Exethento - ektithemi عرض، شرح. لقد ساهمت برسقلّة بعرض طريقة الرّب لأبلّس. إنهّا رسالة مهمة تقرّب المرأة من عمل الرسل أنفسهم.
4- المشاركة بآلام الكنيسة: النساء حاضرات أيضاً مع الرجال في تلقّي نصيبهن من الإضطهاد الذي يصيب الكنيسة. لاحظنا هذه النّقطة في رواية اضطهاد شاول للكنيسة في أع 8/ 3 و9/ 2.
5- بنات الشماس فيليبس الأربع هنّ عذارى ونبيات (أع 21/ 8-9). المرأة تقبل هي أيضاً موهبة النبوة كالرجل. هكذا تنبأ يوئيل وهكذا حصل يوم العنصرة كما يشرح الأمور بطرس في عظته الأولى (أع 2/ 17- 21؛ عن النّبيات في العهد الجديد راجع 1 قو 11/ 5). ومما يدعونا للتساؤل هو معرفة إذا ما اختارت بنات فيليبس موهبة البتولية.
الكلمة المستعملة تعبرّ عن بنات في سن الزواج كما تعبرّ عن البتولية بالمعنى الحصري للكلمة؛ ريبر تؤكّد أنهنّ اخترن البتولية بملء حريتهن البتولية إذا ما اختيرت تشرك بنوع خاص بنات فيليبس في رسالة مريم أم يسوع البتول.
الخاتمة.
بعد عرض المعطيات وما يمكن أن نستنتجه منها باستطاعتنا التّأكيد أن كاتب أعمال الرسل يكمل من جهة تعليم وطريقة يسوع في التّعامل مع المرأة. إنّها التلميذة مثل التلميذ (أع 9/ 36). إيمانها بالمسيح يدفعها للإشتراك بشكل كامل في حياة الكنيسة. ومن جهة أخرى حضور المرأة في أعمال الرسل يدخل في إطار الكتاب بأجمله وخاصة في هدف الكاتب ومخططه: "ولكن الروح القدس ينزل عليكم فتنالون قوة وتكونون لي شهوداً في أورشليم وكلّ اليهودية والسامرة، حتى أقاصي الأرض" (أع 1/8). هذا هو عنوان أعمال الرسل، لذلك يجب أن نفهم دور النساء حسب هذا الهدف الأساسي. لا يمكن أن نستنتج من قراءة صحيحة لهذا السفر أن لوقا الكاتب له نظرة سلبية للمرأة، خاصة بالنسبة لدورها البطولي: إن ذكر أبطال الرسالة، بطرس، إسطفانس، فيليبس وبولس يتّفق مع مخطط كتاب الأعمال ولاهوت الإختيار. نلاحظ هنا كيف أن لوقا يشدّد على إيمان كرائم النساء (أع 17/ 3؛ راجع لو 13/ 16). والإيمان هو أعظم اعتراف بدور المرأة: "طوبى لمن آمنت" (لو 1/ 45). نذكر بنوع خاص إيمان ليديا التي قالت للرسل: "إذا كنتم تحسبوني مؤمنة بالرب فادخلوا بيتي وأقيموا عندي" (أع 16/ 15).