الابن الوحيد

في بداية إنجيل يوحنَّا ننشد "الكلمة" الذي هو لدى الله، الذي هو الله، بمعنى أنَّه مساوٍ للآب في الجوهر. الناس يجادلون، ويتناقشون لأنَّهم يضعون أفكارهم المسبقة ويريدون أن يكون الله على قياسهم، أو على قياس عقلهم. بما أنَّ عقلَهم صغير، يجب أن يصبح الله صغيرًا. بما أنَّ الله واحد على مثال السلطان الذي هو واحد، فكيف نجعل "سلطانًا" قرب "سلطان"، وإلهًا قربَ إله، هذا مستحيل. وهكذا نكون خارج الحقيقة التي إن عرفناها حرَّرتنا، وإلاَّ نبقى سجناء فكرنا المحدود.

الكلمة صار بشرًا. صار إنسانًا بكلِّ معنى الكلمة، فشابهَنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة. ويواصل الإنجيل: "فرأينا مجده، مجدًا يفيض بالنعمة والحقِّ، كابنٍ وحيد له" (يو 1: 14). لماذا التشديد على لفظ "وحيد"؟ تذكُّرًا لِما في الكتاب المقدَّس حول إبراهيم الذي قال له الله: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبُّ." وهذا الابن كاد أن يكون ذبيحة على أحد الجبال الذي سيدعوه التقليد في ما بعد: جبل أورشليم. وبالنسبة إلينا جبل الجلجلة. كان إسحق صورةً بعيدة عن يسوع الذي صار ذبيحةً من أجلنا وتكفيرًا عن خطايانا.

غير أنَّ هذا الابن لم يُردْ أن يكون وحيدًا، فجعلنا إخوتَه وأخَواتِه. وما استحى من ذلك، كما تقول الرسالة إلى العبرانيِّين (2: 11). ويسوع نفسه قال لمريم: "أنا ماضٍ إلى أبي وأبيكم". فأبو يسوع هو أبٌ لجميع البشر الذين يستطيعون أن يصلُّوا مع الابن: "أبانا الذي في السماوات". وحين جاؤوه مرَّة ليكلِّموه عن أمِّه وإخوته (أي أبناء عمِّه، في القبيلة)، دلَّ على الحاضرين، على المؤمنين: "هؤلاء هم إخوتي، لأنَّ من يعمل مشيئة الآب هو أخي وأختي وأمّي" (مر 3: 33). وكيف يكون هذا؟

لأنَّ الآب دعانا، اختارنا، عيَّننا "لنكون على مثال صورة ابنه، حتَّى يكون الابن بكرًا لإخوةٍ كثيرين" (رو 8: 29). وهكذا صرنا أبناء مع الابن. وإذ نحن أبناء، صرنا ورثة، "ورثة الله وشركاء المسيح في الميراث. نشاركه في آلامه لنشاركه أيضًا في مجده" (رو 8: 17).


 

إنجيل يوحنّا 1: 1-14

في البدءِ كانَ الكلمةُ، وهو الكلمةُ كان لَدى الله، وكانَ الكلِمَةُ الله. هذا كانَ في البدءِ لدى الله. الكلُّ بيدِه كان، وبدونِه أيضًا ما كانَ شيءٌ ممّا كانَ. فيه الحياةُ كانَتْ، والحياةُ هي نورُ الناسِ. والنورُ في الظلمةِ منيرٌ، والظلمةُ ما أدركَتْهُ. كان إنسانٌ أُرسِلَ من لدُنِ الله، اسمُه يوحنّا. هذا أتى للشهادةِ ليشهدَ للنور، لكي يؤمنَ بيدِه كلُّ إنسانٍ. هو ما كانَ النورَ، لكنْ وُجِدَ ليشهدَ للنور. فنورُ الحقِّ المنيرُ كلَّ إنسانٍ، هو آتٍ إلى العالم. في العالمِ كانَ، والعالمُ بيدِه كان، والعالمُ ما عرفَه. إلى خاصَّتِه أتى، وخاصَّتُه ما قبلوه. أمّا الذين قبلوه فوهبَ لهم السلطانَ أن يكونوا أبناءَ الله، الذين هم مؤمنون باسْمِه. الذينَ لا من دمٍ، ولا من إرادةِ بشَرٍ، ولا من إرادةِ رجلٍ، لكنْ من اللهِ وُلدوا. والكلمةُ بشرًا صار وحلَّ فينا، فرأينا مجدَه، ذاك المجدَ الذي من الآبِ كالوحيد، المملوءِ نعمةً وحقًّا.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM