الله القدير

حين نقرأ الكتاب المقدَّس، تلفت نظرنا الأعمالُ التي تفوق قدرة العقل على التصوُّر. "انشقَّت المياه... وكانت المياه بشكل سور عن اليمين وعن اليسار." والعبرانيُّون مارُّون كما على أرضٍ يابسة. فرعون وجميع جنوده ومركباته، كلُّهم غرقوا. وبأيَّة وسيلة؟ موسى، ذلك الرجل الخائف والذي لا سلاح بيده سوى عصا الراعي. كلُّها صور ورموز تُفهمنا أنَّ الله كليُّ القدرة وأنَّ لا شيء يقف في وجهه، ولا ملك، حتَّى لو كان الفرعون، سيِّدَ القصر وسيِّد البلاد. عاندَ، وفي النهاية تراجع وركع. الله كلِّيُّ القدرة. في العبريَّة هو ربُّ الأكوان، سيِّد القوَّات السماويَّة والأرضيَّة. وفي اليونانيَّة "بَنتاكراتور" أي يُمسك كلَّ شيء، يُمسك الكون بيده.

إلهنا ضعيف: إلهنا لا يرى ولا يسمع ولا يفعل! عندئذٍ يشبه الأصنام، يشبه آلهة الأمم. ظنَّه أيُّوبُ عاجزًا عن إحقاق الحقّ! ماذا ينتظر لكي يدافع عن إنسانٍ بريء؟ فظهر الربُّ بكلِّ قدرته. "أين كنتَ حين أسَّستُ الأرض؟ من أقرَّ حجمها؟ من مدَّ عليها الخيط فقاسها؟ (أي 38). ويتواصل وصف الطبيعة التي هي في يد الربِّ مثل لعبة. عندئذٍ يهتف المزمور: "أيُّها الربُّ ربُّنا، ما أعظمَ اسمكَ في كلِّ الأرض! أرى السماوات صنع أصابعكَ والقمر والنجوم التي كوَّنتَها" (8: 2-4). الخليقة هي هنا وهي تُنشده: "السماوات تنطق بمجد الله والفلك يُخبر بعمل يديه فيعلنه النهار للنهار والليل يخبر به الليل" (19: 2-3).

ولكنَّ الله قدير، لا ببطشه ولا بسلاحه ولا بغضبه. بل بحبِّه. هكذا يجتذب الناس إليه كما قال النبيُّ: "جذبتُهم إليَّ بحبال الرحمة وروابط المحبَّة" (هو 11: 24). وقال: "لن أعاقبَكم في شدَّة غضبي فأدمِّركم... أنا الله لا إنسان" (آ9).

تلكَ هي قدرة الله التي تبدو ضعفًا في عين البشر. ولكنَّ الربَّ يقول لنا: تقوَّوا، أنا غلبتُ العالم. والصليب كان الغلبة السُميا لأنَّه انتهى بالقيامة.


 

سفر المزامير 19: 2-12

السماوات تنطقُ بمجد الله والفلكُ يخبرُ بعملِ يديه. فيعلنُه النهارُ للنهار، والليل يُخبرُ به الليلَ بغير قولٍ ولا كلام ولا صوتٍ يسمعه أحد. في الأرض كلِّها بان مُقامُها، وفي أقاصي الأرضِ زمانُها. للشمسِ أُقيمَ مسكنٌ فيها تُطلُّ منه كالعروس من خدرها، وتنتهجُ كالجوزاء بقطعِ شوطها. من أقصى السماءِ شروقُها وإلى أقاصيها دورانُها، ولا شيء يستترُ عن حرِّها.

شريعةُ الربِّ كاملةٌ تنعشُ النفس، وفرائضه حقٌّ تجعل الغبيَّ حكيمًا. أمرُ الربِّ مستقيم يُفرِّح القلب، ووصيَّته صالحةٌ تنير العيون. كلامُ الربِّ طاهرٌ ثابتٌ إلى الأبد، وأحكامه حقٌّ وصدقٌ وحدها، أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وأحلى من العسل وقطرِ الشهاد. وأنا عبدُك أستنيرُ بها، ولي في حفظِها ثوابٌ عظيم.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM