أبانا الذي في السماوات

من هو الله؟ أنحسبه مثل ملك من الملوك أو حاكم من الحكَّام، قاسي القلب، ينظر إلينا من أعلى ويهدِّدنا بالضربات المتلاحقة. أما هكذا قالت الأساطير البابليَّة؟ يجب أن تفنى البشريَّة، فجاء الوباء والجفاف، وأخيرًا الطوفان...

لا. هذا ليس إلهَنا. ولا هو "يكتب" لنا ما سوف يحصل لنا. ولا هو القدر الذي يسيطر على الكون. في العالم الوثنيّ، القدَر هو أقوى وأقدر من الآلهة والبشر. إلهنا هو أب. لهذا نصلِّي إليه معًا: "أبانا". أمّا يسوع فدعاه "أبّا"، كما الطفل ينادي أباه. والرسول قال لنا: "نحن أبناء الله. والدليل على أنّكم أبناؤه هو أنّه أرسل روح ابنه إلى قلوبنا هاتفًا: "أبّا، أيّها الآب"، فما أنتَ بعد الآن عبدٌ، بل ابن. وإن كنتَ ابنًا، فأنتَ وارثٌ بفضل الله" (غل 4: 7). وكلام بولس امتداد لكلام الربِّ الذي قال لتلاميذه: "أنا لا أدعوكم عبيدًا بعد الآن، لأنَّ العبد لا يعرف ما يعمل سيِّده. بل أدعوكم أحبَّائي لأنَّي أخبرتكم بكلِّ ما سمعتُه من أبي" (يو 15: 15). العبد يضع رأسه في التراب، أمَّا الابن فيكون مرفوعَ الرأس، لا يخاف. فله دالَّة على من هو أبوه وأمُّه في الوقت عينه. قال مز 27: 10: "إن تركني أبي وأمِّي، فأنتَ يا ربّ تقبلني." وقال لنا يسوع: "الآب نفسه يحبُّكم لأنَّكم أحببتموني" (يو 16: 17).

وعلَّمنا يسوع. لماذا أنتم تهتمُّون؟ "انظروا طيور السماء كيف لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن، وأبوكم السماويّ يرزقها. أمَا أنتم أفضل منها كثيرًا؟" (مت 6: 26). لا تسألوا: ماذا نأكل وماذا نشرب؟ كلُّ هذا يطلبه الوثنيّون. "أمّا أبوكم السماويُّ فيعرف أنَّكم تحتاجون إلى هذا كلِّه" (آ32).

أجل، الله أبونا ونحن أبناؤه. فيقول لنا يسوع: "لا تخف أيُّها القطيع الصغير، فأبوكم السماويُّ سُرَّ بأن يعطيكم الملكوت..." فماذا نريد بعد ذلك؟


 

إنجيل متّى 6: 25-33

لأجلِ هذا، أنا قائلٌ لكم: أنتم لا تَهتمُّون لنفسِكم ماذا تأكلونَ وماذا تشربون ولا لجَسدِكم ماذا تلبسون. أما النفسُ أفضلُ من الطعام والجسدُ من اللباس؟

فتأمَّلوا بطيورِ السماء، فهي لا زارعةٌ ولا حاصدة، ولا مدَّخِرة في المخازن، وأبوكم الذي في السماء قائِتٌ لها. أما أنتم مُفضَّلون عليها؟ فمَنْ منكم إذا اهتمَّ (يكونُ) قادرًا أن يَزيدَ على قامتِه ذراعًا واحدة. وعلى اللباس، لماذا أنتم مُهتمُّون؟ تأمَّلوا بزنابقِ البَرِّ كيف هي ناميةٌ، فلا هي تاعبةٌ ولا هي غازلة. فأنا قائلٌ لكم: ولا سليمانُ في كلِّ مَجدِه اكتسى مِثْلَ واحدةٍ منها. فإذا عُشبُ الحقلِ الذي هو اليومَ، وغدًا (يكونُ) ساقطًا في التنُّورِ، يُلبِسُه الله هكذا، فكم أحرى لكم يا قليلي الإيمان.

 

إذًا، أنتم لا تَهتمُّون أو تقولون: ماذا نأكلُ أو ماذا نشربُ أو ماذا نلبسُ؟ لأنَّ الأممَ هي طالبةٌ هذه كلَّها، وأبوكم الذي في السماءِ هو عالمٌ أيضًا أنَّ هذه كلَّها مَطلوبةٌ لكم. فاطلبوا أوَّلاً ملكوتَ الله وبرَّه، وهذه كلُّها مُزادَةٌ لكم.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM