الذي لا فناء لملكه

حين بشَّر الملاك جبرائيل مريم العذراء، حدَّثها عن يسوع "الذي سيكون عظيمًا وابن العليِّ يُدعى، ويعطيه الربُّ الإله عرش داود أبيه ويملك على بيت يعقوب ولا يكون لملكه نهاية" (أو انقضاء) (لو 1: 22-23). ملوك عديدون كانوا في الشعب الأوَّل، ماتوا كلُّهم وما تركوا وراءهم أثرًا. وداود نفسه "مات ودُفن، وقبره عندنا حتَّى هذا اليوم" (أع 2: 29). كما قال بطرس في خطبته الأولى يوم العنصرة.

مُلك يسوع هو مُلكُ الله. أنشد له مز 47: "يا جميع الأمم، صفِّقوا بالأيدي... لأنَّ الربَّ عليٌّ مخوف، ملك كبير على كلِّ الأرض". الربُّ أي يهوه. ونحن لا ننسى أنَّ بولس اعتاد أن يسمِّي الله الآب: إلوهيم، الله. والله الابن: الربّ. أمّا آباء الكنيسة فقرأوا مز 72 وطبَّقوه على الآب والابن: "اللهمَّ اجعل أحكامك للملك وعدلك لابن الملك." وأنشد المرتِّل أيضًا: "الربُّ ملك ولبس الجلالة لبس الربُّ القدرة." (مز 93: 1). وننهي كلامنا في المزامير مع المزمور الثاني: "لماذا ارتجَّت الأمم... قام ملوك الأرض على الربِّ وعلى مسيحه" (آ1-2). قال الله لمسيحه: "أعطيك الأمم ميراثًا وأقاصي الأرض ملكًا لك" (آ8).

يسوع ملك. ذاك ما قال لبيلاطس خلال المحاكمة: "مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لدافع عنِّي أتباعي." (يو 18: 36). ملوك العالم هم أسياد، وملكنا يسوع هو خادم. ملوك العالم يقفون في المقام الأوَّل، أمّا يسوعنا فأخذ الموضع الأخير بحيث لا يأخذه منه أحد. ملوك الأرض يأخذون الناس بالقوَّة والعنف. أمّا ملكنا فهو الوديع والمتواضع القلب. ملوك العالم يعملون للحرب. وملكنا يعمل للسلام ويطلب منّا أن نعمل مثله. ملكنا أحبَّنا وبذل نفسه عنّا ويدعونا إلى أن نسير وراءه: من أراد أن يتبعني... هذا هو ملكنا، هل نرضى بأن نتبعه أم نقول مثل اليهود: لا ملك لنا إلاَّ قيصر؟


 

إنجيل يوحنّا 18: 29-38

فخرج بيلاطُسُ إلى الخارج إليهم وقالَ لهم: "أيُّ شكوى لكم على الرجلِ هذا؟" فأجابوا وقالوا له: "لو ما كان فاعلاً الشرور، لما كنّا مسلِّمينَه لك." فقالَ لهم بيلاطُسُ: "خذوهُ أنتم ودينوه بحسبِ ناموسِكم." فقالوا له: "لا سلطةَ لنا أن نقتلَ إنسانًا." لتتمَّ الكلمةُ التي قالَ يسوع، إذ كان عارفًا بأيَّةِ ميتَةٍ هو مزمِعٌ أن يموت.

 

ثمَّ دخل بيلاطسُ إلى المحكمة، ودعا يسوع وقالَ له: "أأنتَ هو ملكُ اليهود؟" فقالَ له يسوع: "أمِنْ نفسِك قلتَ هذا أو آخرون قالوا لك عليَّ؟" فقالَ له بيلاطسُ: "لعلّي يهوديٌّ أنا! أبناء شعبِك وعظماء الكهنة أسلموكَ لي. ماذا فعلتَ؟" قالَ له يسوع: "ما كانَتْ مملكتي الخاصَّةُ من هذا العالم، ولو مِنْ هذا العالم كانتْ مملكتي، مجاهدين كانَ معي خدّامي، لئلاّ أسلَّم لليهود. والآن، مملكتي الخاصَّة ما كانتْ من هنا." فقالَ له بيلاطسُ: "إذَا، ملك أنتَ؟" فقالَ له يسوع: "أنت قلتَ إنّي ملك أنا، فأنا لهذه مولود، ولهذا أتيتُ إلى العالمِ لأشهدَ للحقِّ. وكلُّ من هو من الحقِّ سامعٌ صوتي. فقالَ له بيلاطسُ: "ما هو الحقّ؟"

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM