"أمِن الناصرة يخرج شيءٌ فيه صلاح؟"

تلك هي النظرة المحتقرة إلى قرية صغيرة لم تُذكر مرَّةً واحدة في العهد القديم. لهذا قال نتنائيل لفيلبُّس الذي جاء يخبره عمَّن ذكره موسى في الشريعة، والأنبياء في الكتب، وهو يسوع ابن يوسف من الناصرة (يو 1: 45). فجاء جواب نتنائيل: "هل يخرج من الناصرة شيءٌ فيه صلاح؟" (آ46). أجل، من هناك خرج يسوع، ومن الناصرة انطلق عملُ البشارة.

انتظر اليهود أن يأتي المسيح من بيت لحم، فإذا هو من الناصرة. فهل يُقبل "مسيح" آتٍ من غير بيت لحم؟ يقول يوحنّا: "سمعوا كلام يسوع، فقالوا: في الحقيقة هذا هو النبيّ!" وقال غيرهم: "هذا هو المسيح". وقال آخرون: أمِن الجليل (والناصرة هي في الجليل) يجيء المسيح؟ أمَا قال الكتاب إنَّ المسيح يجيء من بيت لحم، مدينة داود؟" (7: 40- 42).

الناصرة، تلك المدينة الواقعة في الجليل، تبعد 24 كلم عن بحيرة طبريّة. حسب متَّى، عاش مريم ويوسف في بيت لحم حيث وُلد يسوع، وبعد العودة من مصر، أقامت العائلة في الناصرة. حسب لوقا، كانت العائلة في الناصرة، وهناك بشَّر الملاك مريم، وبعد الولادة في بيت لحم، عادوا إلى الناصرة، حيث قضى يسوع حياته الخفيَّة. وبعد الحادثة التي حصلت ليسوع في الهيكل وهو ابن اثنتَي عشرة سنة نقرأ: "ورجع يسوع معهما إلى الناصرة، وكان مطيعًا لهما" (لو2: 51). أمّا متَّى فيدعوه "ناصريًّا" حسب الكتاب. وفي أعمال الرسل يُقال: "مسح الله يسوعَ الناصريّ" (10: 38). وعلى الصليب عُلِّقت الكتابة: "يسوع الناصريُّ ملك اليهود".

من الناصرة انطلق يسوع، ولمّا عاد إليها لم يستقبلْه أهلها، لهذا لم يصنعْ فيها "كثيرًا من المعجزات لعدم إيمانهم." قال مرقس: "رفضوه". ولوقا: "أخرجوه إلى خارج المدينة وجاؤوا به إلى حافَّة الجبل... ليُلقوه من هناك."

ذاك هو يسوع، وُلد في بيت لحم. عاش صباه وبعض شبابه في الناصرة. ومن هناك انطلق يُعلن الإنجيل. وُلد في زمن أوغسطس قيصر وصُلب في عهد طيباريوس. ذاك هو موقعه في التاريخ.


 

إنجيل يوحنّا 1: 43-51

ولليومِ الآخَر، أراد يسوعُ الخروجَ إلى الجليلِ فوجَد فيلبُّسَ فقالَ له: "تعالَ ورائي." أمّا فيلبُّسُ فكانَ من بيتَ صيدا، من مدينةِ أندراوسَ وسمعانَ. فوجدَ فيلبُّسُ نتنائيلَ وقالَ له: "ذاكَ الذي كتَبَ عليه موسى في الناموسِ وفي الأنبياءِ، وجدْناه: هو يسوعُ بنُ يوسفَ من الناصرة." فقالَ لهُ نتنائيلُ: "أمُمكنٌ مِن الناصرةِ أن يكونَ شيءٌ صالحٌ؟" فقالَ لهُ فيلبُّسُ: "تعالَ وأنتَ ترى." ورأى يسوعُ نتنائيلَ آتيًا إليه. فقالَ عليه: "ها بالحقيقةِ ابنُ إسرائيلَ الذي لا غِشَّ فيه." فقالَ له نتنائيلُ: "مِنْ أينَ أنتَ عارفٌ لي؟" فقالَ لهُ يسوعُ: "قبْلَ أنْ يدعوَك فيلبُّسُ وأنتَ تحتَ التينةِ، رأيتُك." فأجابَ نتنائيلُ وقالَ له: "رابّي، أنتَ هو ابنُ الله، أنتَ هو ملِكُ إسرائيل." فقالَ له يسوعُ: "ألأنّي قلتُ لكَ: رأيتُك تحتَ التينةِ، مؤمنٌ أنتَ، فأعظمَ من هذه ترى." وقالَ له: "آمين، آمين، أنا قائلٌ لك: مِنَ الآنَ ترونَ السماءَ مفتوحةً وملائكةَ الله صاعدينَ ونازلينَ لدى ابنِ الإنسان."


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM