مُسح شاول، مُسح داود

شاول أوَّل ملك في الشعب. هو ابن قبيلة أفرائيم. من كان يعرفه؟ لا أحد. صموئيل عرف فيه "القائد" المنتظر الذي يخلِّص شعبه. هذا المزارع الذي يعمل مع والده، راح يبحث عن أتُن ضاعت وما كان يعرف الحالة المزرية التي وصل إليها الشعب بعد أن أخذ منه تابوت العهد رمز حضور الله في المعبد. وإذ لم يجد مطلبه عرَّج على صموئيل. فهو "الرائي". ربَّما يدلُّنا على ضالَّتنا. ولكنَّ صموئيل كان يفكِّر في خلاص الشعب.

استقبل صموئيل شاول وصبَّ على رأسه الزيت وقبَّله وقال له: "الربُّ مسحك (جعلك ملكًا) على ميراثه رئيسًا" (1 صم 10: 1). وقال له: "امضِ فيحلَّ عليك روح الربّ... فتتحوَّل إلى رجل آخر" (آ6). انقضَّ عليه روح الربِّ وأطلقه. وكان أوَّل خلاص قام به أنَّه أنقذ مدينة يابيش. هدَّدهم ناحاش العمُّونيّ: يقتلع عينهم اليمنى فيكون ذلك عارًا على جميع إسرائيل (11: 2). وأخذ الشعب يبكي. فانطلق شاول بقوَّة الروح (آ6).

ولكنَّ شاول لم يتجاوب مع الروح ولا هو سمع كلام الربّ. فقال له صموئيل: "لأنَّك رفضتَ كلام الربِّ رذلك الربُّ من المُلك" (15: 23). أقرَّ شاول بخطيئته. ولكن فات الأوان. فأرسل الربُّ صموئيل إلى بيت لحم وهناك مسح داود ملكًا. بعد أن مرَّ أمام "الرائي" أبناءُ يسَّى السبعة وما اختار الله واحدًا منهم، بقي الصغير الذي هو في الحقل مع الغنم. فما إن أتى حتَّى قال الربُّ لصموئيل: "قمِ امسحه، لأنَّ هذا هو" (16: 12). وما إن مسحه صموئيل حتَّى حلَّ "روح الربِّ عليه من ذلك اليوم فصاعدًا" (آ13). عندئذٍ اعتبر صموئيل أنَّ مهمَّته انتهت بعد أن سلَّم الملك الجديد إلى عمل الروح.

وما الذي حصل؟ "ذهب روح الربِّ من عند شاول". روح الخير، روح القوَّة والحكمة. وما الذي جاء محلَّه؟ "روح رديء من قبل الربّ" (آ14). دبَّ فيه الحسد وحاول أن يقتل داود أكثر من مرَّة، ولكنَّ الله نجَّاه.

ذاك هو عمل الروح، حاضرًا، يعطي القوَّة، غائبًا، يعود الإنسان إلى ما كان عليه، بل أسوأ. وهكذا انحدر شاول وانحدر. أمّا داود فكان يرتفع يومًا بعد يوم بفعل الروح إلى أن صار ملكًا على الشمال (إسرائيل والعاصمة السامرة) وعلى الجنوب (والعاصمة أورشليم).


 

سفر صموئيل الأوَّل 16: 6-13

 

فلمّا حضروا (أبناء يسَّى) نظرَ صموئيل إلى أليآب بن يسَّى، فقال في نفسِه: "هذا هو الملكُ الذي اختارَه الربّ." فقالَ الربُّ لصموئيل: "لا تلتفِتْ إلى منظرِه وطولِ قامتِه، فأنا رفضتُه لأنَّ الربَّ لا ينظرُ كما ينظرُ الإنسانُ. فالإنسانُ ينظرُ إلى المظهر، وأمّا الربُّ فينظرُ إلى القلب." ثمَّ دعا يسَّى ابنهُ أبيناداب للمرورِ أمامَ صموئيلَ، فقال: "وهذا أيضًا لم يخترْهُ الربّ." ثمَّ طلبَ يسَّى ابنَه شمَّة، أن يمرَّ به، فقال صموئيلُ: "وهذا أيضًا لم يخترْه الربّ." وهكذا حتَّى مرَّ سبعةٌ من بنيه أمام صموئيل. فقالَ صموئيلُ ليسَّ: "لم يخترِ الربُّ أحدًا من هؤلاء." ثمَّ قال له: "أهؤلاء جميعُ بنيك؟" فأجابَه: "بقيَ الصغيرُ وهو يرعى الغنم." فقال له: "أرسلْ فجئنا به، لأنَّنا لا نأكلُ حتَّى يأتي إلى هنا." فأرسلَ وجاء به، وكان حسنَ العينين، وسيمَ المنظرِ. فقال الربُّ لصموئيل: "قمِ امسَحْهُ ملكًا، فهذا هو." فأخذَ صموئيلُ قرنَ الزيتِ ومسحَه ملكًا من بينِ إخوتِه، فحلَّ روحُ الربِّ على داودَ من ذلك اليومِ فصاعدًا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM