أفيض روحي

ضاع الناس بعد الحرب والكوارث الطبيعيَّة. اعتادوا أن يسمعوا الأنبياء، ولكن لا نبيّ. والهيكل دُمِّر والكهنة مضوا إلى السبي. لا وجود للملك ولا للوجهاء. كيف التوجُّه بعد اليوم؟ لا نجد حلاًّ بشريًّا.

التفت الربُّ إلى شعبه. وعده بالمطر كما وعده بالغلاّت الوافرة. ولكنَّ هذا لا يكفي، لأنَّ الإنسان لا يحيا بالخبز وحده. فهو يحتاج غير ذلك. انتظروا يوم الربِّ ومجيئه إليهم، فإذا هو يحمل الظلمة والخراب، لأنَّ قلب المؤمنين أسود تجاه الحالة التي يعرفون. عندئذٍ هتف النبيُّ يوئيل (أي الربُّ هو إلهي) حاملاً كلام الربّ:

"أفيض روحي" (يوء 3: 1). صار الناس كالأموات. وها هو روح الربِّ يعيد إليهم الحياة. لا إلى فئة محدَّدة كالسبعين شيخًا حول موسى، ولا كجماعة الأنبياء حول إيليّا وإليشع، بل إلى كلِّ بشر، كلِّ لحم ودم. وهذا يعني الضعف والعطوبة. لا يستثني منهم الروحُ أحدًا.

فئة أولى تنال فيض الروح: البنون والبنات. ثمَّ الشيوخ والشبّان. فعطاء الربِّ لا ينضب ولا يستطيع الناس أن يستنفدوه. كلُّهم يتنبَّأون. يكشفون إرادة الله ويعلنونها. وكيف يكون ذلك؟ يكلِّمهم الروح في الليل، في الأحلام، كما يكلِّمهم في رؤى تنير الوضع الذي يعيشون فيه.

وفئة ثانية من وضع اجتماعيّ آخر: العبيد والإماء (أو الجواري). لا تمييز بعد اليوم بين أهل البيت والذين نشتريهم بالفضَّة. على هؤلاء أيضًا يُفيض الله روحَه (آ2). متى يكون هذا؟ لا الآن. فالحاضر مظلم يدعو إلى اليأس، بل في الآتي من الأيَّام.

المطلوب التجاوب مع الروح: "من يدعو باسم الربِّ يخلص." هم يدعون والربُّ يدعوهم كما الأب يدعو أولاده. عندئذٍ تكون النجاة العظيمة، وهذا يتمُّ بفعل الروح الذي أراد للشعب بداية جديدة بعد الخراب. فبعد كلِّ أزمة يعيد الروح عمل الخلق. وذاك ما فعله الآن فراح الناس يتنبَّأون، أي ينشدون كما فعلت مريم والنساء بعد عبور البحر والنجاة من فرعون وجيشه: "أُنشدُ للربِّ جلَّ جلاله، الخيلُ وفرسانها رماهم في البحر. الربُّ عزَّتي وتسبيحي، جاء فخلَّصني."


 

نبوءة يوئيل 3: 1-5

أُفيضُ روحي على كلِّ بشر، فيتنبَّأُ بنوكم وبنوتكم، ويَحلمُ شيوخُكم أحلامًا، ويرى شبَّانُكم رؤى. وعلى عبيدي أيضًا، نساءً ورجالاً، أُفيضُ روحي في تلك الأيَّام، وأَصنعُ عجائبَ في السماء وعلى الأرض، دمًا ونارًا وأعمدة دخان، فتَنقلبَ الشمسُ ظلامًا، والقمرُ دمًا قبل أن يأتي يومُ الربِّ العظيمُ الهائل، وكلُّ مَن يدعو باسم الربِّ يَخلُص. ففي جبلِ صهيون وفي أورشليم ينجو من ينجو مع الباقين الذين يدعوهم الربّ.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM