كورنيليوس وأهل بيته

فصل من أعمال الرسل (10: 30-48)

 

30فقالَ لسمعان بطرسَ كورنيليوس: "ها لي أربعةُ أيّامٍ حتّى الآنَ وأنا صائمٌ، وفي الساعةِ التاسعةِ وإذ أنا مُصلٍّ في بيتي، وقفَ رجلٌ ما قدّامي وهو لابسٌ البياض. 31وقالَ لي: "يا كورنيليوس، سُمعَتْ صلاتُك، وصدقاتُك ذُكرَتْ قدَّامَ الله. 32فأرسِلْ إلى مدينةِ يافا وجئ بسمعانَ المدعوِّ كيفا وها هو حالٌّ في بيتِ سمعانَ الدبّاغ الذي على شاطئ البحر وهو يأتي ويتكلَّمُ معك." 33ومن ساعتي أرسلتُ إليك، وحسنًا صنعتَ لأنَّكَ أتيتَ. وها نحن كلُّنا قدَّامَك وراغبونَ أن نسمعَ كلَّ ما أُمرْتَ به من لدُنِ الله."

34ففتحَ سمعانُ فمَه وقال: "بالحقيقةِ أدركتُ أنَّ اللهَ ما كانَ آخذًا بالوجوه. 35ولكنْ في كلِّ الشعوب، ذاك الخائفُ منه وعاملُ البرِّ هو مقبولٌ لديه. 36فالكلمةَ أرسلَ إلى بني إسرائيل، وبشَّرهم بالسلامِ والأمانِ بيدِ يسوعَ المسيح، إنَّه ربُّ الكلّ. 37وأنتم أيضًا عارفونَ بالكلمةِ التي كانتِ في اليهوديَّةِ كلِّها، التي انطلقتْ من الجليلِ بعد المعموديَّة التي كرزَ بها يوحنّا 38على يسوعَ الذي من الناصرةِ، الذي مسحَه اللهُ بالروحِ القدس والقدرةِ وهو الذي كان مُتجوِّلاً وشافيًا هؤلاء الذين نكأهم الشرُّ، لأنَّ اللهَ كان معه. 39ونحن شهودُه على كلِّ ما صنعِ في كلِّ أرضِ اليهوديَّةِ وفي أورشليمَ. فهذا علَّقَه اليهودُ وقتلوه. 40وإيّاهُ أقامَ اللهُ في ثالثِ يومٍ وأعطاهُ أن يتراءى بعينٍ جليَّة، 41لا على الشعبِ كلِّه، بل علينا نحنُ الذين اختارَهم اللهُ ليكونوا لهُ شهودًا، نحنُ الذين أكلْنا معه وشرِبْنا بعدَ قيامتِه من بينِ الأموات. 42وأوصانا بأن نكرِزَ ونشهَدَ للشعبِ بأنَّ هذا هو الذي عُيِّن من قِبلِ اللهِ كديّانِ الأحياء والأموات. 43وعليه شهدَ الأنبياءُ كلُّهم أنَّ كلَّ مؤمنٍ باسمِه يقبلُ غفرانَ الخطايا."

44وإذْ كان سمعانُ مُتكلِّمًا هذه الكلماتِ، حلَّ الروحُ القدسُ على كلِّ الذين كانوا سامعينَ الكلمة. 45فاندهشَ الإخوةُ المختونون الذين أتَوا معه، وتعجَّبوا لأنَّ موهبةَ الروحِ القدسِ أُفيضَتْ أيضًا على الشعوب. 46فكانوا سامعينَهم مُتكلِّمينَ بلسانٍ ولسانٍ ومُعظِّمينَ الله. فقالَ سمعان: 47"أقادرٌ إنسانٌ أن يمنعَ الماءَ بحيثُ لا يَعتمدُ هؤلاء الذين قبِلوا الآنَ الروحَ القدسَ كما نحن؟" 48حينئذٍ أمرَ لهم أن يَعتمِدوا باسمِ ربِّنا يسوعَ المسيح، وطلبوا منه أن يبقى عندَهم أيّامًا.

*  *  *

كورنيليوس، ذاك الضابط الرومانيّ المقيم في قيصريّة، عاش على شاطئ البحر. سمع بخبر يسوع. غير أنَّه تميَّز عن ضابط آخر عرف بخبر يسوع، فما تجرَّأ أن يدعوه إلى بيته. أمّا كورنيليوس فأرسل يدعو بطرس "ليسمع ما عنده من كلام" (أع 10: 22). وهكذا مضى بطرس، وبعد أن استمع إلى كورنيليوس، ألقى عظته حول يسوع منذ معموديَّة يوحنَّا حتَّى الآن. وأطال بطرس الكلام وأطال. وعاد فقال: "وله يشهد جميع الأنبياء بأنَّ كلَّ من آمن به ينال باسمه غفران الخطايا" (آ34). عندئذٍ تدخَّل الروح القدس وما انتظر: "وبينما بطرس يتكلَّم، نزل الروح القدس على جميع الذين يسمعون كلامه" (آ44). الكبار والصغار، الأحرار العبيد، اليهود وغير اليهود، على ما قال النبيّ يوئيل وردَّده بطرس يوم العنصرة: "أفيض روحي على كلِّ بشر... على كلِّ إنسان". لا أحد خارج فعل الروح. عندئذٍ "أمرهم أن يعتمدوا باسم يسوع" (آ48). هو ما استثنى أحدًا. ما قال مثل متَّى بعد تكثير الأرغفة: "ما عدا النساء والأولاد" (14: 21). وعاد فكرّر الاستثناء في 15: 38. أمّا كورنيليوس فاعتمد هو وجميع أهل بيته.

وما حصل لكورنيليوس، حصل لسجّان فيليبّي، حيث كان بولس وسيلا. حضر الربُّ إلى السجن من خلال الزلزال (أع 16: 26). خاف السجّان. لا الخوف المادّي فقط، بأن يكون السجناء هربوا، بل أيضًا الخوف الروحيّ، فقال: "يا سيّدي، ماذا عليّ أن أعمل لأخلص؟" فقالا له: "آمنْ بالربّ يسوع فتخلص أنتَ وأهل بيتك". ثمّ "بشّراه هو وجميع أهل بيته بكلام الربّ" (آ30-32). نلاحظ ثلاث مرّات عبارة "أهل بيته" وتُضمُّ إليها لفظة "جميع"، فكيف يحقُّ لنا أن نستثني الأولاد من سماع كلام الربّ وقبول سرّ العماد ونوال الروح القدس؟

لا أحد خارج جرن العماد. ذاك ما حصل لوزير ملكة الحبشة. بعد أن سمع فيلبُّس، أحد السبعة، قال له الرجل: "هنا ماء، فما يمنع أن أعتمد؟" فأجابه فيلبُّس: "يمكنكَ أن تعتمد إن كنتَ تؤمن من كلِّ قلبك". فقال الرجل: "أؤمن بأنّ يسوع المسيح هو ابن الله". ثمّ أمر بأن تقف المركبة. ونزل هو وفيلبُّس إلى الماء، فعمَّده فيلبُّس" (أع 8: 36-38).

ومع المعموديّة ننال الروح القدس. ذاك ما حصل لأهل السامرة الذين بشّرهم فيلبُّس، أحد السبعة. "سمع الرسل في أورشليم أنّ السامريّين قبلوا كلام الله، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنّا... فوضعا أيديهما عليهم، فنالوا الروح القدس (أع 14: 17).

"كلّكم أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع... تعمّدتم جميعًا في المسيح. إذًا لكم الميراث. وما قيل في بداية الكنيسة يُقال اليوم وكلَّ يوم، فالجميع مدعوّون ليكونوا في حظيرة المسيح، بحيث تكون الرعيّة واحدة في خطِّ الراعي الواحد.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM