تلمذوهم، عمّدوهم، علّموهم

قراءة من أعمال الرسل (2: 42-47)

 

42وكانوا ثابتين في تعليمِ الرسل، ومُشاركينَ في الصلاةِ وفي كسرِ الإفخارستيّا. 43وكانَ الخوفُ لكلِّ نفْسٍ، وآياتٌ كثيرةٌ ومُعجزاتٌ كانَتْ بيدِ الرسلِ في أورشليم. 44وكلُّ الذين آمنوا كانوا معًا، وكلُّ شيء كانَ لهم، كانَ مُشترَكًا. 45وأولئكَ الذين كانَ لهم مُقتنى، كانوا بائعينَه ومُقتسمينَ (كلَّ) شيء واحدٌ لواحد كما كان محتاجًا. 46وكانوا كلَّ يومٍ ثابتينَ في الهيكلِ بنفْسٍ واحدة، وفي البيتِ كانوا كاسرينَ الخبزَ، ومُتناولينَ الغداء وهم مُبتهجون، وبسلامةِ قلبِهم 47كانوا مُسبِّحينَ الله بعدَ أن وُهبَتْ لهم الرحماتُ قدّامَ الشعبِ كلِّه. وكانَ ربُّنا كلَّ يومٍ مُضيفًا إلى الكنيسةِ أولئك الواجدينَ الحياة.

*  *  *

اعتادت بعض الفئات المسيحيّة أن تنكر عماد الأطفال، لأنّهم لم يتعلَّموا بعد الإيمان المسيحيّ. ولا هم لا يستطيعون أن يعلنوا ما يؤمنون به. ولكن هل الشخص الكبير يفهم بعقله عن المعموديّة أكثر من الصغير؟ ماذا فهم نيقوديمُس من الولادة الثانية؟ ونحن، هل نفهم أكثر منه؟ قال الربُّ لنا: "إن لم تعودوا كالأطفال، لن تدخلوا ملكوت السماوات" (مت 18: 3). أجل، الكبير الذي يعتمد، يعود "طفلاً"، لأنّه ما دام كبيرًا "لن يولد ثانيةً" ولا "يمكنه أن يرى ملكوت الله" (يو 3: 3).

وماذا نقول في وصيَّة يسوع الأخيرة لتلاميذه، حين دعاهم إلى الجليل، إلى الجبل (مت 18: 16)؟ قال لهم أوّلاً: تلمذوا. ومن هو التلميذ؟ هو الذي يترك كلَّ شيء ويسير وراء يسوع. هو الذي يتعلّق بيسوع. إذًا، ألا يستطيع الطفل أن يتعلَّق بيسوع؟ يرى أمّه (أو أباه) تصلّي. يعلّمونه أن يقول: يا يسوع، يا عدرا، يرسم إشارة الصليب. يتمتم الصلاة الربِّيّة. ماذا تقولون؟ أمَا صار تلميذًا؟ بلى. وهكذا نعمِّده ولا نخاف. فحين عمَّد بطرس الثلاثة آلاف، ماذا كانوا يعرفون من حياة يسوع سوى الذي سمعوه الآن؟ ومع ذلك اعتمدوا بالآلاف. ومرحلة التعليم؟ سوف تأتي بعد ذلك.

لهذا كان كلام يسوع واضحًا، بعد التلمذة والعماد، نعلِّم المؤمنين ونواصل تعليمهم ما داموا في هذا العالم. ونغذِّي إيمانَهم حتَّى نهاية حياتهم، حيث لا يعودون بحاجة إلى الإيمان فيرون الله وجهًا لوجه. ويروي سفر الأعمال حالاً بعد هذا العماد الجَماعيّ: "وكانوا يداومون على الاستماع إلى تعليم الرسل وعلى الحياة المشتركة وكسر الخبز (أو الاحتفال بالإفخارستيّا وعشاء الربّ) والصلاة." فالمعموديّة ليست النهاية. إنّها البداية. نولد وننمو شيئًا فشيئًا إلى أن نصل إلى ملء قامة المسيح، كما قال الرسول.

هذا يعني أنّنا نعيش في جماعة كبيرة أو صغيرة. نعيش في الكنيسة. نتعلّم ونعلّم، نصلّي ونشارك في الصلاة، نفرح مع أخوتنا إذا فرحوا، ونحزن معهم إن حزنوا. وما عاشه المسيحيّون الأوّلون، نعيشه نحن، وستظلُّ الكنيسة تعيشه حتَّى يصبح المسيح، الكلّ في الكلّ.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM