يوم الخميس (لو 13: 10-17)

10وبينما يسوعُ مُعلِّمٌ في مجمعٍ من المجامع، 11كانَتْ هناك امرأةٌ فيها روحُ مرَض، وكانت مُنحنيةً منذُ ثماني عشرةَ سنة، وما كانَتْ قادرةً أن تَستويَ إطلاقًا. 12فرآها يسوعُ وناداها وقالَ لها: “يا امرأة، مَحلولةٌ أنتِ مِن مرضِك”، 13ووضعَ يدَهُ عليها، وفي الحالِ استَوَتْ ومجَّدَتِ الله. 14فأجابَ عظيمُ الكهنة وهو مُغضَبٌ لأنَّ يسوعَ شَفى في السبت، وقالَ للجموع: “هي ستَّةُ أيّامٍ فيها يَحقُّ العمل. في تلك كونوا آتين ومُستَشفين، لا في يومِ السبت.” 15أمّا يسوعُ فأجابَ وقال له: “يا آخذًا بالوجوه، أما واحدٌ منكُم يَحُلُّ في السبتِ ثورَه أو حمارَه من المعلِفِ ويَذهبُ ليَسقيَه؟ 16وهذه هي ابنةُ إبراهيمَ، قيَّدَها الشيطانُ منذُ ثماني عشرةَ سنة. أما كان جائزًا أن تُحَلَّ مِن هذا القيدِ في يومِ السبت؟” 17وحين كان قائلاً هذه، مُخزَين كانوا كلُّ أولئكَ القائمين ضدَّه، وكانَ الشعبُ كلُّه مَسرورًا بكلِّ العجائبِ التي كانَتْ حاصلةً بيدِه.

*  *  *

امرأة، منحنية الظهر. تكاد تلامس الأرض بفمها. تشبه "البهيمة". هل يمكن أن تبقى كذلك؟ هذا ما لا يريده الله. قال كلمة: "أنت محرَّرة من ضعفك، من إعاقتك". ثمَّ قام بفعل محبَّة: "ووضع يديه عليها". لمسة حنان، لمسة قدرة. لمسة عناية وكأنَّه يخلقها من جديد. أوَّل نتيجة: "استقامت" بعد أن كانت منحنية. صارت إنسانة، رفعت رأسها "ومجَّدت الله"، كما نقول في القدَّاس: "لتكن قلوبنا مرتفعة إلى العلاء" ما أجمل هذا المنظر بالنسبة إلى المؤمن! لا بالنسبة إلى الرافض.

من "ربط" هذه المرأة؟ "روح ضعف". امتلكها. وضع يده عليها فما عادت تقدر أن ترفع رأسها البتَّة. وأضاف: "ربطها الشيطان". حين لا نعرف سبب المرض أو الإعاقة، ننسبه إلى الشيطان. هو الذي يمنع المرأة من أن تمجّد الله، بل يجعلها تلتصق بالأرض.

من احتجَّ؟ رئيس المجمع. أين كرامة السبت؟ وأفهمه يسوع بمَثل من الحياة الفرديَّة: نأخذ الحمار ونسقيه. أتُرى هذه المرأة أقلَّ من حمار؟ بل هي ابنة إبراهيم، ابنة الإيمان. 18 سنة، أي ثلاث مرَّات مع الرقم ستَّة الذي يدلُّ على النقص. مع يسوع وصلنا إلى الكمال مع العدد سبعة. فيسوع هو من يكمّل حياتنا.

*  *  *

الرموز الثلاثة التي تشير إليها المرأة المنحنية

 

تأمّل الآباء الروحيّون في سلوك هذه المرأة المنحنية فاكتشفوا فيه ثلاثة رموز تنطبق على حياة المسيحيّ الروحيّة. وإليكم هذه الرموز الثلاثة:

الرمز الأوّل: كانت المرأة المنحنية تتطلّع دومًا إلى الأرض. إنّها بذلك ترمز إلى المسيحيّ الطمّاع الذي يعيش، وهو يتطلّع باستمرار إلى الأرض، ويسعى لكسب خيراتها المادّيّة الفانية، ولا يفكر إطلاقًا في الحصول على الخيرات الأبديّة التي لا تفنى.

إنّ هذا الإنسان ليس في الواقع مسيحيًّا، بل عابد أوثان كما قال بولس الرسول (أف 5: 5) لأنَّه ينحني أمام المادّة ويعبدها ويعتبرها هدفَ حياته وإلهَهُ الأعظم.

الرمز الثاني: دخلت المرأة المنحنية إلى بيت الله لتصلّي مع سائر المؤمنين. إنّها ترمز بذلك إلى المسيحيّ الخاطئ الذي تدعوه حالته الروحيّة البائسة إلى أن يدخل مع سائر المؤمنين إلى بيت الله ويصلّي ليتخلّص من خطاياه بالتوبة الصادقة، ويرفع رأسه إلى السماء ويَعِدَ الآب السماويّ بأن يغيّر سيرة حياته الأثيمة ويحيا حياةً فاضلة تليق بابنٍ لله.

الرمز الثالث: رَفَعَت المرأة المنحنية بعد شفائها صلاة الشكر لله. فهي تعلّم كلّ مسيحيّ ينال نعمة من الله أن يشكُرَ له الإحسان الذي حظي به، ويمجّده بسلوك التقوى.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM