رجال ونساء أبطال...

الأنبياء حاملو الكلمة الحقَّة هم الأبطال. ونحن نحتاج إليهم اليوم وكلَّ يوم. ولكنَّ حياتهم مهدَّدة في كلِّ آن. مثل المطران أوسكار روميرو، في أميركا الوسطى. قال الحقيقة للأقوياء الذين يطردون الفلاّحين من أراضيهم فنذكر كلام إشعيا النبيّ: "ويل لمن يضمُّ بيتًا إلى بيت ويصل حقلاً بحقل. هكذا لن يبقى مكان لأحد". قال المطران الحقيقة، فقُتل على المذبح. ذاك هو البطل.

والبطولة لا تتوقَّف عند حاملي الكلمة، بل أولئك الذين ينطلقون طاعة لنداء إليه، مهما كانت الظواهر. نذكر هنا "دبُّورة" ومعنى اسمها النحلة المشهورة بجدِّها ونشاطها. قبائل تعيش في أمان. أراد يابين ملك حاصور، وهي مدينة محصَّنة على الجبل مقابل بحيرة الحولة (التي جُفِّفت مؤخَّرًا وزُرعَت)، أن يفرض الضريبة أو ربَّما يعمل السلب والنهب. فأرسل قائد جيشه سيسرا ومعه تسعمئة "مركبة من حديد". قوى غير متكافئة. قال "حكماء" الشعب: نحني رقابنا فيمرُّون عليها. فنحن أضعف من أن نقاوم. وأين النشيد: "معونتنا باسم الربِّ الذي صنع السماوات والأرض".

من سمع صوت الله في أعماقه؟ دبُّورة. هي "نبيَّة". والنبيّ هو من يدخل في سرِّ الله. على المستوى الداخليّ، مارست القضاء: "تجلس تحت نخلة واقعة بين الرامة (القريبة من أورشليم) وبيت إيل، في جبل بيت أفرائيم. تقضي بالعدل ولا تخاف من أحد. وخصوصًا لا ترتشي، لأنَّ الرشوة تعمي عيون الحكّام. ثمَّ هي متلاصقة ولا تحسب نفسها على مستوى الله، "تميت وتحيي". لهذا كان الناس يأتون إليها من القريب ومن البعيد.

خطر في الداخل بسبب الجور في القضاء. تميَّزت دبُّورة عن الذين يعتبرون نفوسهم فوق البشر والخير. هم يقرِّرون بحسب مصالحهم وبحسب الضغوط التي تفرض عليهم. "يدعون الشرَّ خيرًا والخير شرًّا. يجعلون الظلام نورًا والنور ظلامًا. يجعلون الحلو مرًّا والمرَّ حلوًا". ونضيف يجعلون العدل جورًا والجور عدلاً. "ويل لهم" كما قال إشعيا. أمّا دبُّورة، وهي امرأة، فبدت أشجع من الرجال وإلاَّ لما أتى الناس إليها بكثرة. هي ما جلست على عرش ولا تحت منصَّة القضاء، بل تحت نخلة، فصارت هذه النخلة قاعة المحكمة ودُعيَ الموضع: "نخلة دبُّورة". المدن تُسمَّى باسم الملوك والعظماء. أمّا هنا، فالنخلة دعيَتْ باسم امرأة مارست القضاء.

وخطر آتٍ من الخارج. سمعت صوت الله. ما دعَتْ زوجها ليحارب. وكان اسمه لفيدوت. بل "دعت باراق بن أبينوعم من قادش في نفتالي". ثمَّ قالت له: "الربُّ أمرك... اذهب إلى جبل ثابور...". ماذا كان جواب باراق واسمه يعني البرق: "إذا ذهبتِ معي ذهبتُ وإلاَّ فلا". فقالت له: "أذهب معك". امرأة تعطي القوَّة والشجاعة للرجل. وسوف تقول له: "لن يكون لك فخر في هذه المهمَّة". وفي الواقع، كانت النهاية مع امرأة. قالت لباراق: "تعال، هنا الرجل الذي تطلبه. فدخل، فإذا سيسرا ساقطٌ ميتًا والوتد في صدغه".

بطل. بل بطلة. مميَّزة في سلوكها الشخصيّ مع الله بحيث صارت نبيَّة، قريبة من الله. قضتْ بحسب الحقِّ وما حسبت حسابًا للخطر. وحاربت فبدت سابقة لجان دارك في فرنسا، ولنساء غيرها. وهكذا نجا شعبها من تسلُّط يابين ملك حاصور.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM