الأنبياء الأوَّلون

ونصل إلى مجموعة الأنبياء. قسمها العالم اليهوديّ قسمين: الأنبياء الأوَّلون والأنبياء اللاحقون. نتذكَّر أنَّ النبيَّ يدخل في سرِّ الله، يتذكَّر وصاياه فيعلنها ويعيش حسب متطلِّباتها.

الأنبياء الأوَّلون: أسفار يشوع، القضاة، صموئيل، الملوك.

يحدِّثنا سفر يشوع عن الدخول إلى أرض الموعد عبر نهر الأردنّ. "احتلَّ" القادمون من موآب البلاد وقسمها يشوع فيما بينهم. وفي النهاية، جدَّدوا العهد في شكيم بين الآتين من مصر والمقيمين في الأرض: نعبد الربَّ الإله. قاد هذا العمل يشوع خادم موسى الذي عيَّنه على العبرانيِّين قبل موته.

وأورد سفر القضاة اثني عشر شخصًا. اختارهم الربُّ وأرسلهم، وأحلَّ روحه عليهم فصاروا أناسًا جددًا. هم يذكِّرون الشعب بالخلاص الكبير من مصر، بواسطة خلاصات صغيرة من الشعوب المحيطة بهم. "فالقاضي" (جدعون، يفتاح...) هو الذي يهتمُّ بالناس، وقد دُعيَ المخلِّص أيضًا. وما إن تنتهي مهمَّته حتَّى يعود إلى بيته. خلاص موقَّت من خطر موقَّت.

جاء كتاب صموئيل في قسمين: حدَّثنا صموئيل الأوَّل عن النبيِّ والرائي صموئيل. معه كانت بداية جديدة. قبله لا يتراءى الله لشعبه، والكهنة لا يميِّزون صوته من أصوات البشر. تراءى الله لهذا الرائي، الذي سمع صوت الربِّ واقتاد القبائل الاثنتي عشرة ليكونوا موحَّدين وراء ملك. اختاره الله من أصغر قبيلة، قبيلة بنيامين. ولكنَّ هذا الملك، شاول، فشل ففضَّل أن يسمع للجيش وللشعب، لا لله ولوصاياه. لهذا رُذل. فاختار الله داود بن يسَّى من قبيلة يهوذا، راح صموئيل ومسحه بين إخوته ملكًا. وتوسَّع صموئيل الثاني في أعمال داود والصعوبات العشائريَّة والعائليَّة التي أضعفت المملكة.

وكتاب الملوك كان في جزئين. توقَّف الكاتب الملهم عند شخص سليمان الحكيم الذي بنى الهيكل للربِّ الإله، ونقل إليه تابوت العهد، رمز حضور الله وسط شعبه. ولكنَّه "خان" الربَّ فبنى قرب "الهيكل" معابد أخرى لآلهة نسائه. نشير إلى أنَّ الملك يبقى خاضعًا لكلام الله، وعليه أن يكتب له نسخة من الشريعة. الوصيَّة الأولى تمنع العبادة لإله آخر. وكما سليمان كذلك داود سبق فتجاوز الوصايا هو أيضًا حين قتل أحد قوَّاده وأخذ له امرأته. فأتاه النبيّ ناتان ووبَّخه على خطيئته. فندم وقال: "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك." هنا نفهم لماذا دُعيَت هذه الأسفار "ألأنبياء الأوَّلين". فالنبيُّ حاضر بجانب الملك. ذكرنا ناتان وهناك جاد. وخصوصًا إيليّا وإليشع والنبيَّة حلدة...

أورد كتاب الملوك سلسلة من الذين حكموا القبائل الذين انقسموا إلى مملكة الشمال (إسرائيل بعاصمتها الأخيرة السامرة) ومملكة الجنوب (يهوذا، بعاصمتها أورشليم، ومن هذا الاسم قيل الشعب اليهوديّ). دُمِّرت الأولى سنة 722-721 على يد الأشوريِّين والثانية على يد البابليِّين سنة 587-586. ورأى الكاتب الملهم أنَّ السبب هو دينيّ قبل أن يكون سياسيًّا وحربيًّا. تلك نظرة الكتاب المقدَّس إلى الأحداث.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM