يوسف وإخوة يسوع

قراءة من إنجيل مرقس (6: 1-6)

1 وخرَجَ من هناك وأتى إلى مدينتِه، وكان تلاميذُهُ مُلتصقينَ بهِ. 2ولمّا كان السبت، شرَعَ مُعلِّمًا في المجمع، وكثيرون مِنَ الذين سمِعوا تَعجَّبوا وكانوا قائلين: “من أين هذه لهذا؟ وأيَّةٌ هي الحكمةُ التي وُهبَتْ له، لأنَّ القوّاتِ التي مِثلَ هذه، تكونُ في يدَيه. 3أما كان هذا النجّارَ ابنَ مريم، وأخا يعقوبَ ويوسي ويهوذا وسمعان؟ أوَما أخواتُه هنا عندَنا؟” وكانوا مُتشكِّكينَ به. 4فقال لهم يسوع: “لا نَبيٌّ مُهانًا إلاّ في مدينتِهِ وبين أهلِهِ وفي بيتِه.” 5وما كان قادِرًا أن يصنعَ هناك قوَّةً واحدة، إلاّ أنَّه على قليلٍ من المرضى وضعَ يدَهُ فشفاهُم. 6ومُتعجِّبًا كان من قلَّةِ إيمانِهم، وطائِفًا كان في القُرى ومُعلِّمًا.

*  *  *

يروي متَّى عن يسوع أنَّه إذ كان "يكلّم الجموع إذا أمُّه وإخوته وقفوا خارجًا طالبين أن يكلّموه" (مت 12: 46). هي العشيرة التي كان منها يوسف ويسوع. أمّا الإخوة، فعُرفت أسماؤهم: "يعقوب ويوسي (تصغير يوسف) ويهوذا وسمعان" (مر 6: 3). وأضاف الإنجيليّ: "أما أخواته عندنا هنا؟" سوف يُذكَر هؤلاء الإخوة مع "نساء ينظرن من بعيد، بينهنَّ مريم المجدليَّة، ومريم (كلاوبا) أمّ يعقوب الصغير (الذي هو غير يعقوب أخي يوحنّا، المذكورَين في مر 1: 19. والدهما زبدى، وأمُّهما سالومة) ويوسي، وسالومة. وفي مر 15: 17 تُذكَر مريم المجدليَّة ومريم أمُّ يوسي، اللتان نظرتا أين وُضع جثمان يسوع. ولهذا، ما إن "مضى السبت حتَّى اشترت مريم المجدليَّة ومريم أمُّ يعقوب (زوجة كلاوبا) وسالومة (زوجة زبدى وأمُّ يعقوب ويوحنّا) حنوطًا ليأتينَ ويمسحن بالزيت جسم يسوع" (مر 16: 1).

هؤلاء هم إخوة يسوع. طلبوه. ليأتِ ويشرح موقفه، لأنَّه يشكّل خطرًا عليهم. في مرقس: "هم يدعونه"، يستدعونه، بعد أن حسبوه أضاع عقله. أمّا لوقا، فخفَّف التوتُّر. قال: "لم يقدروا أن يصلوا إليه بسبب الجمع. فأخبروه قائلين: "أمُّك وإخوتُك واقفون خارجًا ويريدون أن يروك" (لو 8: 19-21).

ردَّة الفعل عندهم: العثار، الرفض. هم يهتمُّون بمصالحهم وطمأنينتهم. وحين كان يسوع في الناصرة، لا شكَّ في أنَّهم شاركوا الذين أخذوا يسوع إلى الجبل المبنيَّة عليه مدينتهم (لو 4). أمّا في يوحنّا، فنرى هؤلاء الإخوة تارة يؤمنون به ويسيرون معه، في رفقة أمِّ يسوع والتلاميذ (يو 2: 12)، وطورًا يقول عنهم الإنجيليّ: "وإخوته لم يكونوا يؤمنون به" (يو 7: 5). أتُراهم يرمونه في أورشليم وفي أيدي اليهود؟ هل ينتظرون أن يحكم الشيوخ والكهنة على مسيحانيَّته؟

وفي كلِّ مرَّة، يكون الجواب أرفع من مفهوم السامعين ومنهم إخوته. أجاب يسوع: "أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو 8: 21). وفي يو 7: 6 قال: "ما جاء وقتي بعد". عندئذٍ لم يصعد يسوع صعودًا ظاهرًا "بحيث يرى التلاميذ أعماله" (آ3)، بل كان صعودًا خفيًّا، فتساءل الناس إن هو يأتي إلى العيد (آ11).

إخوة يسوع هم أقرباؤه من جهة يوسف. هذا يفهمنا أنَّ يسوع لم يكن وحيدًا في عشيرته، فكان ليسوع إخوة وأخوات. كما أنَّ مريم لم تكن وحيدة لأمّها، كما قالت الروايات المنحولة. فعند الصليب، كانت أختها سالومة بقربها وهي التي بدالَّة طلبت من يسوع (ابن أختها): "أن يجلس ابناي هذان، واحد عن يمينك وواحد عن شمالك في مملكتك" (مت 20: 21).


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM