العريس آتٍ

الأحد الخامس بعد الصليب (فل 2: 12-18؛ مت 25: 1-13)

 

1حينئذٍ يُشبِهُ ملكوتُ السماء عشرَ بتولاتٍ أخذْنَ مصابيحهنَّ وخرجن للقاءِ العريسِ والعروس. 2خمسٌ منهنَّ حكيماتٌ وخمسٌ جاهلات. 3وأولئكَ الجاهلاتُ أخذنَ مصابيحهنَّ وما أخذنَ معهنَّ زيتًا. 4وأولئكَ الحكيماتُ أخذنَ زيتًا في آنيةٍ مع مصابيحِهنَّ. 5ولمّا تأخَّر العريسُ نعسْنَ كلُّهنَّ ونِمْنَ. 6وفي منتصفِ الليلِ كانتِ الصيحةُ: "ها العريسُ آتٍ فاخرجوا للقائِه." 7حينئذٍ قامتْ أولئكَ البتولاتُ كلُّهنَّ وهيَّأنَ مصابيحَهنَّ. 8وأولئك الجاهلاتُ قائلاتٍ كنَّ للحكيمات: "أعطِينَنا من زيتِكنَّ، فها انطفأتْ مصابيحُنا." 9فأجابتْ تلكَ الحكيماتُ وقلنَ: "ربَّما لا يكفي لنا ولكُنَّ، لكنِ اذهبنَ إلى هؤلاء الذين يبيعونَ واشترينَ لكُنَّ." 10ولمّا ذهبنَ ليشترينَ أتى العريسُ، واللواتي كنَّ مُستعدَّات، دخلْنَ معه إلى بيتِ العرس، وأُغلقَ الباب. 11وأخيرًا أتتْ أولئكَ البتولاتُ الأُخرَياتُ وقلنَ: "ربَّنا، ربَّنا، افتحْ لنا." 12فأجابَ وقالَ لهنَّ: "آمين، أنا قائلٌ لكُنَّ: أنا لا أعرفكنَّ."

13فاسهروا إذًا لأنَّكم لا تعرفونَ اليومَ ذلك ولا الساعة.

*  *  *

نحن في زمن النهاية. في الأحد السابق، حدَّثنا مار بولس عن الأزمنة والأوقات، ليهيِّئنا إلى استقبال الربِّ في مجيئه (1 تس 5: 1-11). واليوم (فل 2: 12-18): جعل أمامنا "يوم المسيح"، وطلب منَّا أن نضيء مثل أنوار في العالم. كلُّ هذا يُعدُّنا لقراءة مثل العذارى العشر. إذا كنَّا في زمن الصليب ننتظر مجيء الربِّ بمجد عظيم، فهذا الربُّ هو "العريس". كيف نستقبله. كيف نسير أمامه إلى الوليمة؟

 

1.    ملكوت السماوات

ما معنى "ملكوت"؟ لفظ سريانيّ انتقل إلى العربيَّة فاتَّخذ معنى روحيًّا. هو يقابل "المملكة". في المملكة يكون ملك مع عظماء وجنود وقصور وغيره من مظاهر القوَّة والنفوذ. أمّا الملكوت فيبشِّر به يوحنّا المعمدان الآتي من البرِّيَّة: "توبوا اقترب ملكوت السماوات." ومع يسوع صار الملكوت أمرًا واقعًا. "الله هو الملك، كما قيل في العهد القديم، ولبس البهاء." كانت تلك طلبة. ولكنَّها تحقَّقت في يسوع الذي دُعيَ "ملكَ الملوك وربُّ الأرباب". هو الوديع والمتواضع القلب والمستعدّ أن يغسل أقدام تلاميذه. الآتي ليضحّي بنفسه من أجل "رجاله"، لا ذاك الآتي ليضحِّي برجاله من أجل حياته. كلُّ الموازين انقلبت في هذا الملكوت الذي نحن مدعوُّون كلُّنا لنكون فيه.

"السماوات" هي مسكن الله، السامي، الرفيع. صارت السماوات على الأرض، بعد أن تجسَّد ابن الله، وصار بشرًا وسكن بيننا. فرأينا مجده، وبالتالي مجد الآب والروح القدس. ففي النهاية، يريد الله أن يجمع في شخص ابنه كلَّ ما في السماء وما على الأرض. البشر، الملائكة، ورؤساء الملائكة، بل يحوِّل الخليقة كلَّها فتصبح أرضًا جديدة وسماء جديدة.

 

2.    الملكوت عرس

العرس هو مناسبة فرح ونشيد ورقص. وما من أحد يتأخَّر عن المشاركة في فرحة العريس والعروس. أمّا هنا، فلسنا متفرِّجين من بعيد. العريس هو يسوع المسيح. والعروس البشريَّة كلُّها وكلُّ واحد وواحدة منَّا. العريس يريد أن يتَّحد بعروسه التي تنتظره، وهو الآتي في نصف الليل لتبدأ حياةٌ جديدة في مطلع الصبح. وهي حياة من السعادة تبدأ على الأرض، وتتواصل حين يكون الربُّ كلاًّ في الكلّ.

انقسمت البشريَّة فئتين: خمس من هنا (عدد أصابع اليد) وخمس من هناك. كلُّهم أتوا. كلُّهم انتظروا العريس. كلُّهم حملوا "المصابيح" أو إذا شئنا المشاعل للسير في موكب العريس، أو بالأحرى ليفتحوا له الطريق. شرطان: الاستعداد للاستقبال. ثمَّ زيت لإضاءة المصابيح.

أطلَّ العريس فأعدَّت المصابيح. ولكن، الزيت؟ العذارى الحكيمات معهنَّ زيت. أمّا الجاهلات فلا زيت لهنَّ. كيف يستطعن أن يكنَّ النور الذي يدلُّ على من هو نور العالم؟ أتَيْنَ بأيدٍ فارغة. وربَّما بقلب فارغ. ماذا يحملن للعريس؟ لا شيء. لا سبيل للسير. وهكذا مرَّ العريس وسارت أمامه العذارى الحكيمات. يا لسعادتهنَّ!

 

3.    وأقفل الباب

وصل الموكب كلُّه إلى قاعة العرس. كلُّ الذين (واللواتي) يحملون المصابيح دخلوا. ولن يدخل بعدُ أحد. فلماذا إبقاء الباب مفتوحًا؟ الزيت رمز المحبَّة والأعمال الصالحة والمتاجرة بالمواهب التي أُعطيناها. لا شيء من كلِّ هذا مع الجاهلات! كسل، تهرُّب، استهتار. انتظار الساعة الأخيرة. ونحن نعرف متى تأتي. فالبدع والشيع قالوا لنا ونحن صدَّقناهم. ولكن إذا كان "الابن" لا يعرف "اليوم والساعة" بصفته إنسانًا، فكيف لأناس ضالِّين ومضِلِّين أن يعرفوا. وحين يرون النهاية وخيمة، لن يبقى لهم سوى البكاء من الحزن وصرِّ الأسنان من الغضب والشكوى من الله، كما كان الشعب العبرانيّ يتصرَّف في البرِّيَّة، وعينه على مصر، أرض الخيرات. "لنأكل ونشرب فإنَّا غدًا نموت". وهكذا مات في البرِّيَّة جميع الذين خرجوا من مصر وما دخلوا أرض الموعد.

والعذارى الجاهلات أتين فوجدن الباب مقفلاً. قرعن الباب. فكان الجواب القاسي: لا أعرفكنَّ. جهل أوَّل: ماذا فعلن خلال حياتهنَّ؟ وجهل ثانٍ خطير: هل يُشتَرى الزيت؟ هل تُستَقرَض الأعمال الصالحة؟ قال الأب: "اذهبوا عنّي إلى القدَّاس. صلُّوا باسمي." وقالت الجارةُ لجارتِها: "انت اعملي خيرًا، أمّا أنا فلا أروح معك." هذا ما فعلت العذارى. أخطأن. لا شكَّ في ذلك. لا شيء في أيديهنَّ. هذا صحيح. ولكن لماذا اتَّكلن على البشر وما اتَّكلن على رحمة الله ومحبَّته. كأن يقلن: أتينا، معنا مصابيحنا. وكنَّا متشوِّقات لأن نسير في موكبك... ولكن، هل تبقينا في الخارج؟ عندئذٍ كان قال: ادخلن فيجب أن يمتلئ بيتي.

هو تنبيه لكلٍّ منَّا بالسهر. والويل لمن لا يسهر. وهو في الوقت عينه نداء للاتِّكال على رحمة الله وحنانه. فهو أب وأمٌّ لنا.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM