مغفورة خطاياك، احمل فراشك

شفاء المخلَّع (1 تي 5: 24-6: 5؛ مر 2: 1-12)

 

1ودخلَ يسوعُ أيضًا إلى كفرناحوم أيّامًا. وإذْ سمِعوا أنَّه في البيت، 2اجتمعَ كثيرون بحيثُ لم يكنْ قادِرًا أن يَحتويَهم ولا قدّامَ الباب. ومُتكلِّمًا كان معهم بالكلمة. 3وأتَوا إليه، وأتَوا له بمخلَّعٍ وهو مَحمولٌ بين أربعة. 4ولمّا ما قدِرُوا على الاقترابِ إليه بسبَبِ الجمع، صعِدوا إلى السطحِ، ورفَعوا سقفَ المكانِ الذي كان يسوعُ فيه، ودلَّوا السريرَ الذي كان المخلَّعُ مَرميًّا عليه. 5فلمّا رأى يسوعُ إيمانَهم، قال لذلكَ المُخلَّعِ: “يا ابني، مغفورةٌ لكَ خطاياك.” 6وكانَ هناك بعضٌ من الكتبةِ والفرّيسيّين الجالسِينَ، وكانوا مُفكِّرينَ في قلبِهم: 7“لماذا هذا يتكلَّمُ تجديفًا؟ مَنْ هو القادرُ على مَغفرةِ الخطايا إلاّ الله وحدَه؟” 8فعرَفَ يسوعُ بروحِه أنَّ هؤلاء يُفكِّرون في أنفسِهم، فقالَ لهم: “لماذا أنتم مُفكِّرون بهذا في قلبِكم؟ 9أيُّما الأسهل، القولُ للمخلَّع: مغفورةٌ لكَ خطاياك، أو القولُ لهُ: “قُمِ احمِلْ سريرَكَ وامشِ؟ 10فلكي تَعرِفوا أنَّ ابنَ الإنسانِ هو مُسلَّطٌ في الأرض لمَغفرةِ الخطايا”، قال للمخلَّع، 11“أنا قائلٌ لكَ: قمِ احمِلْ سريرَكَ واذهَبْ إلى بيتِكَ.” 12فقامَ منْ ساعتِه وحمَلَ سريرَه وخرجَ على عيونِهم كلِّهم، حتّى تَعجَّبوا كلُّهم ومَجَّدوا الله وهم قائلون: “ما رأينا قطُّ هكذا!”

*  *  *

نحن في كفرناحوم، مركز الرسالة بالنسبة إلى يسوع. هي على شاطئ بحيرة طبريّا. فيها تمَّت أكثر من عجيبة ليسوع. ومنها انطلق وإليها عاد. نحن في "بيت". لا يحدِّد الكاتب أيَّ بيت. فحيث يكون يسوع هناك البيت، هناك الكنيسة التي تجتمع فيها جماعة المؤمنين التي ننتمي إليها. أناس كثيرون كما في كنائسنا في المناسبات الكبرى. كلُّهم حول يسوع. ينتظرون أن يسمعوا منه كلمة، أن يروا منه عملاً، أن ينظروا إلى وجهه فينالوا قبسًا من هذا الوجه السماويّ. ما انفتح شخص عليه إلاَّ وامتلأ منه، ومضى بعد أن نال نعمة فوق نعمة.

الأبرص لم يعد أبرص. طهُر جسمه فصار مثل جسم طفل. النازفة اكتفت بأن تلمس طرف ثوبه. ابنة يائيرس، أمسك بيدها فقامت وكأنَّها كانت نائمة. وحتَّى العرس الذي حصل في قانا، عرف الخمرة الوافرة، الطيِّبة، بانتظار خمرة أخرى، هي دم المسيح الذي يرافق جسده يوم تكثير الأرغفة.

وهذا المخلَّع. نال أوَّلاً مغفرة خطاياه. كانوا يحسبون المرض عاقبة الخطيئة. مساكين هم الناس. فالمرض جزء من حياتنا يترافق مع الصحَّة. رفض يسوع هذا المبدأ، فانطلق حالاً يحرِّر قلبه من كلِّ ما يعيق مسيرة الإيمان. التلاميذ الأربعة يحملونه بإيمانهم. فمتى يشتعل الإيمان عنده؟ مغفورة خطاياك. انتقل من حالة إلى حالة. خلقه يسوع من جديد. وهو يستعدُّ لأن ينال نعمة على مستوى الجسد: "احمل فراشك وامضِ إلى بيتك". مضى جسديًّا في الصحَّة. ومضى روحيًّا في طهارة القلب.

هناك رمز أوَّل: الجمع. يبدو كأنَّه حاجز بين يسوع والآتين إليه. ونقول الشيء عينه عن أعمى أريحا: صرخ إلى يسوع فأسكتوه، لأنَّهم اعتبروا أنَّه يزعجهم! الجمع حاضر بالجسد ولكنَّه لا يستفيد. من استفاد في هذا البيت في كفرناحوم؟ المخلَّع وحده الذي حُمل أمام يسوع. كان بالإمكان أن يبقى في بيته يندب حظَّه ويبكي وضعه. وكذا نقول عن النازفة. لمست فقط طرف ثوبه. أمّا الآخرون فكانوا يزحمونه. ماذا استفادوا؟ ربَّما صفَّقوا، تعجَّبوا، ولكنَّهم لم يقوموا بمسيرة ليلتقوا بيسوع.

ورمز ثان: الأربعة الذين يحملون المخلَّع. يشيرون إلى الرسل الأربعة الذين دعاهم يسوع فتركوا كلَّ شيء وتبعوه: سمعان بطرس وأخوه أندراوس، يعقوب وأخوه يوحنّا. آمنوا بيسوع فساروا وراءه، وازداد إيمانهم يومًا بعد يوم حين كانوا يسمعون المعلِّم ويرون معجزاته. وهناك معنى آخر: التلاميذ الأربعة يصلون إلى أقطار الكون الأربعة. يحملون العالم إلى يسوع. هم مسؤولون مع يسوع فلا يقف حاجز في وجههم من أجل البشارة التي تنتظرها البشريَّة.

*  *  *

أنا في "بيت"، أنا في الكنيسة كلَّ يوم أحد، ونرجو من كلِّ مؤمن أن لا يخسر هذا اللقاء الأسبوعيّ مع يسوع المسيح ومع إخوته، فيتقوَّى بهم ويقوُّونه هم بدورهم. في أيِّ فئة أقف؟

1. فئة الحاضرين بالجسد. يجلسون عند الباب في آخر الكنيسة. يتكلَّمون، يُزعجون المصلِّين، يضحكون. ماذا استفادوا؟ لا شيء. يشبهون الجمع المحتشد عند الباب. عبر يسوع قرب حياتهم بكلامه المقدَّس بجسده ودمه الطاهر. فكأنَّ أحدًا ما عبر. ويعتبرون أنَّ المهتمِّين "بسماع" القدَّاس، بسماع الكلمة، هم متأخِّرون. لم يعرفوا بعد الحياة المتطوِّرة! هم يشبهون حبَّة القمح التي وقعت على الطريق فأكلتها الطيور. لهذا، ما أعطت ثمرًا. كانت كأنَّها ما كانت.

2. فئة المؤمنين. يدخلون إلى الكنيسة. يملأون المقاعد الأولى لكي يكونوا قريبين من المذبح الذي يرمز إلى يسوع (لهذا يبخِّره الكاهن). يسمعون، يشاركون في الصلاة والترتيل. عيونهم إلى أمامهم، لا يلتفتون إلى الوراء لدى أيِّ ضجَّة تحصل. هم مأخوذون بما يحصل. هم الحبَّة التي تُزرَع فتعطي ثمرًا لهم ولأولادهم الذين يرافقونهم إلى القدَّاس.

3. فئة الرسل. آمنوا فتبعوا يسوع. وكان إيمانهم منتقلاً إلى الآخرين. لولاهم لما وصل المخلَّع إلى يسوع ولا نال نعمة الشفاء الروحيّ والجسديّ. والوالدون بإيمانهم يحملون أولادهم. هم المسؤولون عنهم، وإلاَّ يأتيهم كلام الربّ معاتبًا، ديَّانًا: أين أخوك؟ أين ابنك؟ أين ابنتك؟ أين العاملون معك؟ فالإيمان مثل النار ينتقل فيشعل، وهنيئًا لكلِّ واحد يعرف أنَّه نور يضيء على الآخرين، والويل لمن يكون النور الذي فيه ظلامًا، عندئذٍ يكون أكبر حاجز بين يسوع والذين حوله.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM