التينة اليابسة

قراءة من إنجيل القدِّيس مرقس (11: 19-25)

ولمّا كان المساء، خرجوا إلى خارجِ المدينة.وفي الصباح، وإذ كانوا عابرين، رأَوا تلك التينةَ يابسةً من أصلِها.فتذكَّرَ سمعانُ وقال له: “رابّي، ها تلكَ التينةُ التي لعنتَ، يَبسَتْ.”فأجابَ يسوعُ وقال لهم: “يكونُ فيكم إيمانُ الله.آمين أنا قائلٌ لكم: مَن يقولُ للجبل هذا: انتقِلْ واسقُطْ في البحر، ولا يَشكُّ في قلبِه، بل يُؤمِنُ أنَّ الشيءَ القائلَ صائرٌ هو، يكونُ لهُ الشيءُ الذي هو قائِل.لأجل هذا قائلٌ أنا لكم: كلُّ شيء أنتم مُصلُّون وأنتم سائلون، آمِنوا أنَّكم آخذون فيكونَ لكم.وحين قائمون أنتم للصلاة، اغفِروا الشيءَ الذي لكم على إنسانٍ، يَغفِرُ لكم أيضًا أبوكم الذي في السماء جهالاتِكم.


 

شجرة التين لها معنى عميق في الكتاب المقدَّس. هي تدلُّ على السلام الذي ينعم به الناس فيجلس كلُّ واحد تحت تينته وكرمته. ولماذا يجلس؟ لكي يقرأ الكتاب المقدَّس. ذاك كان وضع نتنائيل قبل أن يدعوه يسوع: إسرائيليّ لا غشَّ فيه. لا يكتفي بأن يقرأ، بل يفعل. وما إن حدَّثه يسوع حتّى أعلن إيمانه: أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل.

والتينة، شأنها شأن الكرمة، تدلُّ على شعب الله. حدَّثنا إشعيا عن الكرمة التي غرسها الربّ. ولكن حين بدت بلا ثمار، تركها لوحش البرّ. والتينة هنا تحمل ورقًا فقط. لا ثمر فيها. فما قيمة شجرة لا تثمر؟ يجب أن تُقطع. جاء كلام مرقس قاسيًا: يبست من أصولها. أمّا لوقا فطلب مهلة إضافيَّة، مع أنَّ الربَّ أمضى ثلاث سنوات وهو يهتمُّ "بشعبه": يعلِّمه، يُجري أمامه المعجزات، يُطلق الدعوة بعد الدعوة وفي النهاية حزن: يا أورشليم، يا أورشليم. يقول الإنجيل. بكى على المدينة. قال الربّ: "اقطعها! لماذا تتركها تعطِّلُ الأرض؟" وجاء جواب الكرّام: "اتركها هذه السنة إيضًا". سوف أضاعف العناية. ربَّما تثمر. وإلاَّ نقطعها.

رعيَّتنا هي تلك التينة. كلُّ واحد منّا يمكن أن يكون هذه التينة. ونطرح السؤال على نفوسنا: أيَّ ثمر نعطي؟ ندين نفوسنا قبل أن يديننا الربّ. وخصوصًا لا نكذب على نفوسنا. ندَّد يسوع بالفرّيسيّين: تحسبون نفوسكم أبرارًا. "لكنَّ الله يعرف ما في قلوبكم". أنتم تغشّون الناس. ولكن الويل للمرائين الذين يريدون أن يظهروا بما ليسوا هم عليه في الحقيقة. يدعوهم يسوع: القبور المكلَّسة. بيضاء من الخارج. وفي الداخل، النتانة والنجاسة. يا ليتنا نكون صريحين مع أنفسنا! وإلاَّ يأتي وقت فيه الربُّ لا يعرفنا. يا ربّ افتح لنا. أنا لا أعرفكم من أين أنتم. هذا يعني بكلِّ بساطة الهلاك الأبديّ. ولكنَّ الربَّ لا يعجِّل. لنا بعض الوقت. فماذا ننتظر؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM