الله والمال

قراءة من إنجيل القدِّيس متَّى (6: 22-24)

سراجُ الجسدِ هو العين. فإذا عينُك تكونُ بسيطةً، جسدُك كلُّه هو نيِّرٌ أيضًا.وإذا عينُك تكونُ شرّيرة، يكون جسدُك كلُّه مُظلِمًا. فإذا النورُ الذي فيك ظلامٌ هو، فالظلامُ كم يكونُ.فما من إنسانٍ قادرٌ على عبادةِ سيِّدَين اثنَين. فإمّا يُبغِضُ الواحدَ ويُحبُّ الآخرَ وإمّا يوقِّرُ الواحدَ ويحتقرُ الآخر. فأنتم غيرُ قادرينَ على عبادةِ الله ومامون.


 

قال يسوع: أنا نور العالم. وقال المزمور: كلمتك مصباح لخطاي ونور لسبيلي. ولكن هل نعرف أن نمضي إلى النور، أم نفضِّل البقاء في الظلمة؟ أين يمرُّ النور؟ في العين. نتخيَّل ذاك الأعمى منذ مولده يرى يسوع ويعرف فيه ابن الله، ساعة الفرّيسيّون حسبوا أنَّهم يرون فإذا هم عميان. فهناك عين وعين: تكون العين بسيطة لا تعقيد فيها، ترى. أمّا الذين يعقِّدون الأمور فلا يرون شيئًا، وتضيع الحقيقة في جدالاتهم المتشعِّبة. عن هؤلاء قال يسوع: اتركوهم. إنَّهم عميان. وتكون العين سليمة، في صحَّة جيِّدة. عندئذٍ ترى. أمّا إذا كانت مريضة، فتكون في الظلمة، ولا يمكنها أن ترى. عميان كثيرون كانوا حول يسوع فرفضوا الشفاء. هو يغفر الخطايا، إذًا يجدِّف. من يقول هذا إلاَّ الرافض؟ هو يخرج الشياطين. إنَّه يفعل برئيس الشياطين! وقدَّم يسوع البرهان، فما أرادوا أن يقتنعوا.

جاء النور إلى العالم، ففضَّل الناس الظلمة على النور. وهكذا صار يسوع "ظلمة" لهؤلاء الرافضين، بعد أن كان نورًا. ذاك ما حصل للعبرانيّين في مصر: النور عندهم والظلمة عند المصريّين. ولماذا هذا العمى عند الفرِّيسيِّين؟ لأنَّهم خافوا على مراكزهم إن هم تبعوا يسوع. وقال عنهم الربّ: كانوا محبِّين للفضَّة، فما استعدُّوا لأن يروا. وهذا ما يفهمنا القسم الثاني من المقطع: من تريدون أن تعبدوا؟ إن عبدنا المال، لا يمكن أن نرى الله. نبقى عميانًا. تكون قلوبنا مغلقة على كلام الله. قاسية على ذاك الذي يده اليمنى يابسة، قاتلة بالنسبة إلى المرضى الذين يطلبون الشفاء يوم السبت.

"المال" هو "مامون". هو إله. نؤمن به. نجعل ثقتنا فيه. لهذا نضيِّع الطريق ونتيه. نمشي في الظلام لأنَّنا رفضنا البداية في عظة الجبل "طوبى للمساكين بالروح". وحدهم المساكين يكتشفون نور المسيح، أمّا الآخرون فينظرون ولا يرون، ويسمعون ولا يفهمون.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM