اضربِ الأعمدة فتتزلزل الأعتاب

قراءة من نبوءة عاموس (9: 1-4)

رأيتُ السيِّد منتصبًا على المذبح، فقال: اضربْ تيجان الأعمدة حتَّى تتزلزل الأعتاب وتنكسر على رؤوس الشعب جميعًا. سأقتلُ أواخرهم بالسيف فلا يهرب منهم هاربٌ ولا يفلت منهم ناجٍ. إن حفروا نفقًا إلى الهاوي فمن هناك تأخذهم يدي، أو صعدوا إلى السماء فمن هناك أُنزلهم. وإن اختبأوا في رأس جبل الكرمل فمن هناك أُفتِّش فآخذهم، أو استتروا من أمام عينيَّ في قعر البحر فمن هناك آمر الحيَّة فتلسعهم. وإن ذهبوا إلى السبي أمام وجوه أعدائهم فمن هناك آمر السيف فيقتلهم، وأجعل عينيَّ عليهم للشرِّ لا للخير."


 

إلى من يتوجَّه الله؟ إلى الملاك الذي يحمل العقاب. فكأنِّي به لا يريد أن يضرب بيده. فقلبه قلب أبٍ وأمّ. ولكنَّ "الزلزال" يدلُّ دومًا على حضوره وعمله. فمن يقدر أن يحرِّك الأرض من أساسها؟ وحده ذاك الذي ثبَّتها. وإذا هو حرَّك الأرض، ألا يستطيع أن يحرِّك قلب الإنسان؟

هنا نتذكَّر يونان النبيّ: العاصفة بحيث كادت السفينة تغرق. كلُّ هذا لا يؤثِّر فيه. هو جالس بأمان وأيِّ أمان. ونتذكَّر يسوع. بعد أن هدَّأ البحر وأسكت الأمواج، ما استطاع أن "يغلب" الشعب اليهوديّ. طلبوا منه أن يتحوَّل عن ديارهم (مر 5: 17).

بماذا يتعلَّق الناس؟ بالمذبح. وخصوصًا بقرون المذبح أو زواياه الأربع. كان يمسك الهارب بواحد منها فيحسُّ أنَّه بأمان. ولكنَّ المذبح انقلب ومعه زواياه الأربع. فلا يبقى لهم سوى الهرب. عادة يمضي الربُّ ليخلِّص شعبه، كما الراعي يمضي وراء الخروف الضالّ لكي يعيده إليه. أمّا هنا، "فأجعل عينيَّ عليهم للشرِّ لا للخير" (عا 9: 4). ذاك ما قال الربّ. ويواصل النبيُّ كلامه وكأنَّه يتألَّف على ما يحصل للشعب: الذين في المقدِّمة تُقطع رؤوسهم. والذين في المؤخِّرة، يُقتلون بالسيف". والهدف: "أن لا يهرب منهم هارب، أن لا يُفلت منهم ناجٍ". وذلك، مهما فعلوا، مهما حاولوا.

هكذا عاقب الربُّ شعوب الأرض. وهكذا "يموت بالسيف جميع الخاطئين من شعبي، القائلين: "لا يلحقنا أذى، ولا يقترب منَّا سوء." (آ11). نحن في أمان! من قال لكم هذا؟ هل الله راضٍ عنكم؟ كلاّ. ألا يدمِّركم؟ بلى. ومع ذلك، هو لا يضرب إلى النهاية. فيعلن: "في ذلك اليوم، أقيم مسكن داود المتهدِّم، فأشدُّ شقوق جدرانه، وأرحمه، وأعيد بناءه كما في الأيَّام القديمة" (آ11). فالكلمة الأخيرة هي للبناء لا للهدم، للغرس لا للقلع، للغفران لا للانتقام، للحياة لا للموت.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM