الله زوج محبّ

قراءة من نبوءة هوشع (2: 16- 22)

لذلك سأفتنُها وأجيءُ بها إلى البرِّيَّة وأخاطبُ قلبَها. وهناك أُعيدُ إليها كرومها، من وادي عكور إلى مدخل تقوة، فتخضعُ لي هناك كما في صباها وفي يوم صعودِها من أرض مصر. في ذلك اليم أقول أنا الربُّ، تدعوني زوجي، ولا تدعوني بعلي من بعد، لأنِّي سأزيل اسمَ البعل من فمها، فلا تذكرُه من بعدُ باسمه.

وأقطعُ لها عهدًا في ذلك اليوم ومع وحشِ البرِّيَّة وطيور السماء وزحَّافات الأرض، وأكسرُ القوسَ والسيف وأدواتِ الحربِ من الأرض وأجعلُها تنامُ في أمان. وأتزوَّجك إلى الأبد. أتزوَّجك بالصدق والعدل والرأفةِ والرحمة، أتزوَّجك بكلِّ أمانةٍ، فتعرفين أنِّي أنا الربّ.


 

انطلق الله من خبرة هوشع مع زوجته، فتحدَّث عن علاقته مع الشعب الذي يشبه "زوجته". منذ الآن نتطلَّع إلى المسيح وكنيسته حيث يقول الرسول: "أيُّها الرجال، أحبُّوا نساءكم مثلما أحبَّ المسيح الكنيسة وضحَّى بنفسه لأجلها" (أف 5: 25). نتخيَّل، صار المسيح مثال الزوج، والكنيسة مثال الزوجة. والربُّ أيضًا هو الزوج وجماعة المؤمنين هي الزوجة.

كلمات رائعة في هوشع: الله يخاطب "قلب" الجماعة (2: 16). هو حوار رائع. كانت المرأة تدعو زوجها "البعل" كما في ثقافتنا، لأنَّه السيِّد وهي العبدة. رفض الربُّ هذه التسمية. تقول للربّ: أنت زوجي. نحن معًا. صرنا جسدًا واحدًا، هكذا على مستوى الزواج بين الرجل والمرأة. وهكذا بين الربِّ وجماعته. وتأتي الكلمات الرائعة. أتزوَّجُك. أتَّحد بك. أوَّل لفظ: "بالبرِّ والصدق". ثمَّ "بالأمانة المبنيَّة على الإيمان". وهناك "الحنان والرحمة". نتخيَّل هذا الكلام في محيط شرقيّ يقابل سبعمئة سنة ونيِّف قبل المسيح. هو زواج يدوم إلى الأبد (2: 21-22). لا لفترة محدودة، كما نتعامل مع الأصنام، أو كما يتعامل الرجل مع امرأة يحسبها خادمة أولاده وملبِّية حاجاته.

وتأتي ثلاثة أفعال: فتن، جاء بها، عرفها. ترى العروس (الأمة) جمال عريسها (الربّ) فتؤخذ بهذا الجمال وهذه العظمة. عندئذٍ تأتي إليه فرحة، طائعة، وتطاوعه من أجل مشروع رائع. وأخيرًا، المعرفة في الحياة الزوجيَّة، وكما في الكتاب المقدَّس، تعني انضمام الواحد إلى الآخر واتِّحاد به والتصاق. يدعوها الله "شعبي". هي تخصُّني. هي لي. وهي تنادي: أنت إلهي، أنت عريسي، أنت لي. فهل يحقُّ لنا بعد ذلك أن "نزني"، أن "نخون" الربّ؟ أن نطلب آلهة في هذا العالم بعد أن أحبَّنا الله وبذل ذاته عنّا؟


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM