الثقة والتحوُّل

حين ننظر إلى خبرة التلاميذ مع يسوع في الإنجيل، نفهم أنَّ هذا السير مع الله ليس خطًّا مستقيمًا هادئًا. يُمكن أن يكون في حياتنا أوقات ورع فيها يكون الإيمان سهلاً، وحضور الله شبه يقينيّ. هي نعمة البدايات، والبدايات الجديدة تكاد نحسُّ نفوسنا محمولين بيد الروح. ثمَّ هناك أوقات أخرى حيث لا تكون الأمور جدَّ واضحة. هي عندئذٍ أزمة الثقة أو أزمة التحوُّل.

أزمة الثقة هي أن تشكَّ بالله، بحضوره، بوجوده، بكلامه. هي أن تظنَّ أنَّ وعده وهم وسراب، وأنَّنا ضللنا الطريق، لأنَّ الأحداث التي تفاجئنا ومحن الحياة التي تنصبُّ علينا تعارض لطف الله هذا. وهي أيضًا أن نظنَّ بوجود طرق أكثر نفعًا. الاختيار ليس أبدًا كلُّه في يدنا.

وهناك أيضًا أزمة أمام التحوُّل الذي يطلبه منّا المسيح فيدعونا إلى خيارات يسهل علينا فهمها ولكن يصعب علينا وضعها موضع العمل. فبين تلاميذ يسوع، حلَّت الأزمة وبعضهم تراجع وما عاد يسير معه.

ولكن ما يظهر لي هو أنَّ الله لا يتخلَّى عنِّي.

*  *  *

من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدِّيس يوحنَّا (6: 53-69)

 

53فقالَ لهم يسوع: "آمين آمين أنا قائلٌ لكم: "إذا لا تأكلونَ جسدَ ابنِ الإنسانِ وتشربونَ دمَهُ ليسَ لكم الحياةُ في أقنومِكم. 54فالآكلُ من جسدي والشاربُ من دمي تكونُ له الحياةُ الأبديَّةُ وأنا أقيمُه في اليومِ الآخِر. 55لأنَّ جسدي هو حقًّا مأكلٌ، ودمي حقًّا هو مشربٌ. 56فآكلُ جسدي وشاربُ دمي ثابتٌ فيَّ وأنا فيه. 57كما أرسلَني الآبُ الحيُّ وأنا حيٌّ أنا لأجلِ الآب، فمن يأكلني هو أيضًا يحيا لأجلي. 58هذا هو الخبزُ الذي نزلَ من السماء، وما هو كما أكلَ آباؤُكم المنَّ وماتوا، فالآكلُ من هذا الخبزِ يحيا للأبد." 59هذه (الكلماتُ) قالها يسوعُ في المجمعِ وهو يعلِّم في كفرناحوم.

60وكثيرون من تلاميذِه الذينَ سمِعوا، كانوا قائلين: "قاسيةٌ هي الكلمةُ هذه، فمَنْ هو قادرٌ على سماعِها؟" 61فعرف يسوعُ في نفسِه أنَّ تلاميذَه مُتذمِّرينَ على هذه فقالَ لهم: "أهذه مشكِّكةٌ لكم؟ 62فماذا إذا ترَونَ ابنَ الإنسانِ صاعدًا إلى المكانِ الذي فيهِ كانَ من قديم. 63فالروحُ هو المحيي والجسدُ غيرُ مفيدٍ في شيء، والكلماتُ التي أنا تكلَّمتُ معكم هي روحٌ وهي حياة. 64لكن يُوجَدُ أناسٌ منكم لا مؤمنون"، لأنَّ يسوعَ كان عارفًا من قديمٍ من هم أولئكَ اللامؤمنون، ومن هو ذلك المسلِّم إيّاهُ. 65فقال لهم: "من أجلِ هذا قلتُ لكم: ما مِن إنسانٍ قادرٌ أن يأتيَ إليَّ إلاّ مَنْ وُهبَ لهُ من لدُنِ أبي." 66من أجلِ هذه الكلمة، كثيرونَ من تلاميذِه ذهبوا إلى الوراء، وما كانوا سائرينَ معه. 67فقالَ يسوعُ للاثنَي عشَر: "ماذا؟ وأنتم أيضًا تريدونَ الذهاب؟" 68فأجابَ سمعانُ كيفا وقالَ: "يا ربُّ، إلى مَنْ نذهبُ وكلماتُ الحياةِ الأبديّةِ موجودةٌ لديك؟ 69فنحن آمنّا وعرفْنا أنَّك أنتَ المسيحُ ابنُ الله الحيّ."

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM