زرع الأبديَّة

الشجرة ليست بذارًا ثمَّ ساقًا، ثمَّ جزعًا ليِّنًا، ثمَّ خشبًا ميتًا. لا ينبغي أن نقسمها لكي نعرفها. الشجرة هي هذه القدرة التي تصل على مهل إلى السماء. وهكذا أنت يا طفلاً ستصبح رجلاً: الله يجعلك تولد، يجعلك تنمو، يملأك على التوالي بالرغبات، بالتأسُّفات، بالأفراح والآلام، بالغضب والغفران. ثمَّ يعيدك إليه. ولكن لست أنت هذا الطالب، ولا هذا الزوج، لا هذا الطفل ولا هذا الشيخ. أنت هو ذاك الذي يتمِّم نفسه. وإن عرفتَ نفسك غضنًا يتمايل، غصنًا متعلِّقًا بالزيتونة، تذوق الأبديَّة في تحرُّكاتك. وكلُّ شيء حولك يكون أبديًّا. أبديَّة عين الماء التي تنشد والتي عرفت أن تسقي آباءك. أبديٌّ نور العينين حين تبتسم لك الحبيبة. أبديَّة هي برودة لياليك. لم يعد الوقت ساعة رمليَّة تستعمل رملها، بل حصادًا يعقد حزمته.

*  *  *

فصل من رسالة القدِّيس بولس الرسول إلى أهلِ رومة (11: 17-24)

                             

17وإذا بعضُ الأغصان فُسخَ وأنتَ الذي أنت زيتونةٌ برِّيَّة طُعِّمتَ في مواضعِها، وصرتَ مشاركًا في أصلِ الزيتونةِ ودسَمِها، 18فلا تفتخِرُ على الأغصان. فإذا مُفتخرٌ أنت، فما أنتَ حامِلٌ الأصلَ بل الأصلُ هو حاملُك. 19ولعلَّك تقول: الأغصانُ فُسخَت لأطعَّمَ أنا في مواضعِها. 20حسنًا. فهذه فُسخَت لأنَّها ما آمنَتْ. وأنتَ بالإيمانِ قُمتَ. فلا تترفَّعُ بفكرِك، بل خَفْ. 21فإذا اللهُ ما أشفقَ على الأغصانِ التي من طبعِها، لعلَّه أيضًا لا يُشفقُ عليك. 22فانظُرْ عذوبةَ اللهِ وقساوتَه: على هؤلاء الذين سقطوا، القساوة. أمّا عليك، فالعذوبةُ إذا تَثبُتُ في العذوبة. وإذا لا، فأنتَ أيضًا تُفسَخ. 23وأولئك الذين لا يَثبتون في نقصِ إيمانِهم، هم أيضًا يُطعَّمون، لأنَّ اللهَ قادرٌ بعدُ أنْ يُطعِّمَهم. 24فإذا أنتَ الذي أنتَ من زيتونةٍ برِّيَّةٍ التي في طبيعتِك فُسخْتَ وطُعِّمتَ بلا طبيعتِك في زيتونةٍ صالحة، فكم أولئك إذا يُطعَّمونَ في زيتونةِ طبيعتِهم.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM