الصليب شجرة الحياة

 

لفظ واحد في اللغات السريانيَّة (قيسو، ܩܝܣܐ) واليونانيَّة واللاتينيَّة يعني الشجرة، نسبة إلى "الشجرة" التي أكل منها آدم. ثمَّ الخشبة أي خشبة الصليب. ثمَّ عود أي عود الصليب. قال بطرس في رسالته الأولى: "حمل خطايانا في جسده على الخشبة لنموت عن الخطايا فنحيا للبرّ" (2: 24).

أكل آدم من الشجرة فمات. ونحن نموت معه. ويسوع المسيح حمل الصليب فكانت لنا منه الحياة. بآدم نموت وبالمسيح نحيا. قال بولس الرسول: "بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت، وهكذا عمَّ الموت جميع الناس لأنَّهم جميعًا خطئوا" (رو 5: 12)... وبإنسان واحد كانت لنا النعمة وازدادت، بيسوع المسيح. فآدم هو صورة ذاك الذي يأتي. وشجرة الفردوس هي صورة عن خشبة الصليب. الأولى كانت للموت والثانية للحياة.

في هذا الخطّ راح آباء الكنيسة. منذ أغناطيوس الأنطاكيّ الذي رأى في الإنسان الذي نال سرَّ العماد المقدَّس: "غصنًا نضرًا في شجرة الحياة النابتة على جذع الصليب، إلى بوليكرب الذي قال: "لنعتصم برجائنا وعربون برِّنا، يسوع المسيح، الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة... احتمل لأجلنا كلَّ شيء لتكون لنا فيه الحياة."

وقال يوستين ابن نابلس في فلسطين لليهود: "اسمعوا كيف أنَّ يسوع هذا كان له رمز، هي شجرة الحياة التي كانت مغروسة في الفردوس." وتحدَّث كيرلُّس أسقف أورشليم إلى اللصّ: "سقط آدم بسبب الشجرة، وأنت بسبب الشجرة (أو خشبة الصليب) تدخل الجنَّة."

وأنشد مار أفرام في أناشيد الفردوس: "اقترب آدم من الشجرة (قيسو) من شجرة التين وارتدى أوراقها... وفي النهاية أتى إلى الخشب (قيسو) المجيد فارتدى المجد واقتنى البهاء واستطاع العودة إلى عدن." وقال في شرح الأناجيل: "موت آدم حكمَ على جميع الشعوب بالموت. وعار الصليب غلب الدهور والأمم. فمن يسعُه أن يقاوم قدرة الصليب وفاعليَّة عمله؟"

 

صليبك حارسٌ

صليبُك فليكن حارسًا للرعاةِ وقطعانهم،

لكي يرعوا خرافك بالحقّ كما رعاها سمعانُ الصفا.

وليكن في داخلها حبٌّ واحد سليم، كما كان الرسلُ الطوباويّون.

وليخزَ جانبُ الكفرة الذي يحاربنا،

ولترتفع، بصليبك، بيعةُ القدس المؤمنة،

ولترتّل المجدَ للآب والابن والروح القدس. هللويا وهللويا.

 

يا سليمانُ بحرَ الحكمات: أيَّ خشبة كنتَ تمجّد؟

وأيَّ برارة قلتَ إنَّها قائمة كلَّ آنٍ قدَّام الله؟

هل هي عصا موسى المتواضع الذي شقَّ البحر وأجاز إسرائيل؟

هل هي عصا هارون تلك التي أخرجت زهرةً؟

ليست هي تلك، بل هي صليبُ مخلِّصنا

الذي به تأمَّنَتِ السماواتُ والأرضُ وكلُّ ما فيها. هللويا وهللويا.

 

الصليبُ الحيّ والمقدّس الذي حملَ الابنَ على الجلجلة؛

الذي مثَّله بالتجلّيات الأنبياء والملوكُ والآباء،

شاهده إبراهيمُ في الشجرة والحمَل، ومثَّله موسى بالحيَّة والعصا.

شاهده الملكُ قسطنطين الظافر،

وهو يلمعُ في السماء وجاءه صوتٌ من العلاء:

هذه هي علامة الانتصار لجميع المؤمنين. هللويا وهللويا.

(البيت غازو المارونيّ، الجزء السادس، ألحان للصليب، 2005، ص 93-96)

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM