الاثنين الثالث من زمن القيامة (لو 24: 44-49)

44وقال لهم: “هذه هي الأقوالُ التي تكلَّمتُ بها معكم، حين كنتُ عندكم، أنَّه يَنبغي أن يَتمَّ كلُّ شيء مَكتوبٌ عليَّ في ناموس موسى وفي الأنبياء وفي المزامير. 45عندئذٍ فتح ذِهنَهم لفَهمِ الكتب. 46وقال لهم: “هكذا كُتبَ: هكذا واجبًا كان أنْ يتألَّمَ المسيحُ وأن يقومَ من بينِ الأمواتِ لثلاثةِ أيّام. 47وأن يُكرَزَ باسمِه بالتوبةِ لمغفرةِ الخطايا في الشعوبِ كلِّها، والبدايةُ تكون في أورشليم. 48وأنتم شهودٌ لهذه. 49وأنا أرسلُ علَيكم وعدَ أبي. أمّا أنتم فابقَوا في مدينةِ أورشليم إلى أن تَلبَسُوا قوَّةً من العُلى.

*  *  *

ما أحلاهم التلاميذ معًا. كلُّهم هنا ما عدا يهوذا (= يوضاس) الذي ترك النور ومضى في الظلام، فكان له الموت بدل الحياة. قال المزمور: "ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا" (مز 133). هم في العلّيَّة حيث كسرَ يسوع الخبز ووزَّع الخمر في العشاء الأخير.

أتاهم يسوع. "حيث اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون بينهم". وها هو يسوع في وسطهم. وها هو يعلّمهم. لا شكَّ في أنَّ القيامة تتعدَّى المفهوم البشريّ، فبيَّن لهم مشروع الله انطلاقًا من كلام الله. ردَّد الكلام، ولكنَّ هذا الكلام لبث مغلقًا عليهم كما يكون مرارًا مغلقًا علينا، لأنَّنا لا نريد أن نخرج من هذا العالم ومن نظرتنا البشريَّة. فتح الربُّ أذهان تلاميذه وهو يفتح أذهاننا. عندئذٍ نفهم كما فهم الرسل من قبلنا.

ماذا تقول الكتب؟ ما سبق يسوع وقال لهم عن موته وقيامته: يتألَّم يسوع ويقوم في اليوم الثالث. مثلُ هذا الكلام رفضه بطرس بعد أن أعلن يسوع "المسيح ابن الله الحيّ". وربَّما التلاميذ مثله. أمّا الآن، فلا مجال للتراجع. اختبرتم الآلام والموت. وها أنتم تختبرون القيامة. فماذا تنتظرون لتمضوا وتشهدوا، وتكرزوا.

وبعد أن نال التلاميذ الروح القدس، بدأوا يبشّرون. وأوَّلهم بطرس: هذا الذي صلبتموه، أقامه الربُّ من بين الأموات. وكان الصيد الأوَّل: ثلاثة آلاف. ما اصطادوا يومًا مثل هذا العدد في شبكتهم البشريَّة. أمَّا الآن، فيا للصيد العجيب!

 

التحمُّل الضروريّ

إنَّ موت المسيح بلبل، في الصمت، قلب التلاميذ. وإذ كانت أذهانهم ثقيلة من الحزن بعد عذاب الصليب، ولفْظ النفس الأخير ووضع الجسد الميت في القبر، لست أدري أيَّ سبات وُلد من نقص الإيمان قد اجتاحهم. ما سمح روح الحقّ يومًا، أن يدخل مثلُ هذا التردُّد في قلب المنادين به ويجعلهم يسقطون، ضحيَّة الضعف البشريّ، لو أنَّ هذه الحركة الخائفة وهذه النظرة المليئة بالتساؤل لم ترميا أساس إيماننا. إذًا هو استبق في الرسل اضطرابنا وأخطارنا: في هؤلاء الرجال، نلنا نحن التعليم. لنستطيع أن نواجه افتراءات الكفَّار وسفسطات الحكمة الأرضيَّة. نحن عرفنا حين كانوا ينظرون، نحن تعلَّمنا حين كانوا يسمعون، نحن تقوَّينا في الإيمان حين كانوا يلمسون. لنؤدِّ الحمد للقصد الإلهيّ والتحمُّل الضروريّ لدى آبائنا القدّيسين. هم شكُّوا لئلاَّ نشكَّ نحن.

هذه الأيَّام التي جرت، يا أحبّائي، بين قيامة الربّ وصعوده، ما جرت في الكسل والبطالة، بل هي أسرار كبيرة تثبَّتت وحقائق كبيرة أوحيَتْ. في تلك الأيَّام أزيل الخوفُ من موت مرعب، وأعلن، لاخلود النفس فقط، بل قيامة الجسد أيضًا.

القدّيس لاوون الكبير

*  *  *

الصخرة التي رآها دانيال وقد قُطعتْ لا بالأيدي،

كانت تصوّرُك، أيَّتها البتول القدّيسة.

لأنَّه وُلد منكِ بالجسدِ المسيحُ كلمةُ الله،

الصخرةُ التي صارتْ رأسًا للزاوية.

وأيضًا السحابةُ السريعةُ التي رآها النبيّ إشعيا

أنتِ هي، بوضوح، يا والدةَ الإله،

لأنَّه على ذراعيكِ كان يُزيَّحُ ذلك الرفيعُ الذي على المركبة

كان يتباهى في عزَّة وقاره.

 

طوباكِ أيَّتها الأمُّ المباركة،

لأنَّك استحققتِ أن تحملي، على ركبتيكِ

النار التي رآها موسى في داخل العلَّيقة.

وقد أرضعتِ حليبًا وضيعًا ذلك المصوّر الحكيمَ

الذي صاغ رمزُه، قطرات المطر.

وها اليوم في داخل البيعة،

يشرفُ يومُ تذكارِك.

                        (ألحان لوالدة الإله، البيت غازو المارونيّ، الجزء الأوَّل، ص 160-161)

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM