الثلثاء الثاني بعد القيامة (1 بط 1: 10-16)

10هذه الحياةُ التي تعقَّب عليها الأنبياءُ حين تنبَّأوا على النعمةِ المزمَعةِ أن تُوهَبَ لكم. 11وبصُّوا في أيِّ زمنٍ روحُ المسيح الساكنُ فيهم مظهرٌ هو وشاهدٌ على آلامِ المسيح العتيدةِ ومجدِه الذي من بعدُ. 12وانجلى لهم كلُّ ما كانوا باصِّين، لأنَّهم ما كانوا طالبينَ لأنفسِهم، بل كانوا لنا نحنُ مُتنبِّئينَ، تلك التي انجلَتْ لكمُ الآنَ بيدِ الذينَ بشَّروكم بالروحِ القدس الذي أُرسِلَ من السماء، ذاك الذي فيه حتّى الملائكةُ مُشتهون أن يُحدِّقوا. 13لأجلِ هذا، شدُّوا أحقاءَ ضمائرِكم واستيقظوا استيقاظًا تامًّا، وترجَّوا على الفرح الآتي عليكم في تجلّي ربِّنا يسوعَ المسيح. 14مثلَ أبناء مُطيعينَ ولا تشاركوا أيضًا في شهواتِكم السابقةِ التي كنتم مُشتهينَ بلا معرفة. 15بل كونوا قدِّيسين في كلِّ تصرُّفاتِكم، لأنَّه قدُّوسٌ ذاك الذي دعاكم. 16لأنَّه مكتوب: كونوا قدِّيسين كما أنا أيضًا قدُّوسٌ.

*  *  *

آلام المسيح. لم تحصل هكذا بالصدفة وكأنَّ الله أُخذ على غفلة بالنسبة إلى ابنه. فالأنبياء تحدَّثوا عن هذه الآلام وعن المجد اللاحق بها. تاقوا إلى مستقبل ما كان باستطاعتهم أن يتميَّزوا كيف يكون في شكل ملموس. ولكن حين تمَّ الحدث الذي قاد يسوع حتَّى الجلجلة، استضاءت أقوال الأنبياء التي كانت غامضة، فتوقَّف البعض عند الزمن الذي قيلت فيه أقوالهم، وطبَّقوه على هذا الشخص أو ذاك، على ظرف محدَّد أو آخر. ولكنَّها وَجدت كمالها في شخص يسوع المسيح.

وما تنبَّأ به الأنبياء لم يكن من أجل أنفسهم، بل من أجلنا، نحن الذين وصلَتْ إلينا نهاية الأمور. ذاك ما يقوله حاملو البشرى، المنادون بالإنجيل. فالروح الذي كان يتكلَّم فيهم هو روح المسيح. وهذا الروح عينه ينفح تعليمه في رسل المسيح. وهكذا تدلُّنا الكنيسة على عمل الخلاص الذي تمنَّى الملائكة أن يتأمَّلوا فيه. قال التقليد اليهوديّ إنَّ الملائكة حملوا الشريعة والوحي إلى موسى ومنه إلى الشعب. أمّا الآن، فما عاد الله يحتاج إلى وسطاء بينه وبين البشر. فالوسيط الوحيد هو يسوع المسيح، الذي يرافقه أولئك الذين يواصلون حمْل إنجيله.

يبقى أن نسمع لهم وهم يدعوننا إلى القداسة والابتعاد عن شهوات هذا العالم. في الماضي كنَّا جاهلين، أمّا اليوم فعرفْنا الله أو بالأحرى هو عرفَنا.

 

في النعمة

لم أحمل معي إلى الدير إلاَّ خطاياي. ولا أعرف لماذا، في فتوَّتي الأولى، سمح الربُّ أن يكلّلني بنعمة عظيمة هي عطيَّة الروح القدس، فأغدقَها عليَّ بوفرةٍ حتَّى امتلأ منها جسدي وروحي. وكانت هذه النعمة شبيهة بالنعم المعطاة للشهداء، فإذا بجسدي عطشَ للتألُّم من أجل المسيح.

لم أطلب إلى السيّد أن يمنحني الروح القدس، ولم أكن أعرف بأنَّ الروح القدس موجود. ولم أكن أعرفُ كيف يحضر أو كيف يعمل في النفس. لكنّي الآن أكتبُ بفرح وتهليل في هذا الموضوع:

أيُّها الروح القدس، أنت عذبٌ لروحي وأنا لا أقوى على وصْفك. لكنَّ النفس تعرف حضورك، وأنت تمنح السلام للعقل والرقَّة للقلب...

مغبوطون نحن المؤمنون، لأنَّ السيّد يحبُّنا ويمنحنا نعمة الروح القدس، وبالروح القدس نعايش مجده. لكن، وحتَّى نتمكَّن من الحفاظ على النعمة، علينا أن نحبَّ أعداءنا ونشكر الربَّ على كلّ الضيقات التي تحلُّ بنا.

القدّيس سلوان الأثوسيّ

*  *  *

عظيمٌ الذهلُ الذي حدثَ اليوم، في الهوَّة بالعةِ الأجيال، بانبعاثِ ابن الله!

إذ قد انحدرَ اليقظون العلويُّون (و) اختلطوا مع الناس السفليّين

في بستان يوسف، عند قبرِ ربّنا؛

وهمسوا هناك بالنغمات التي همسَ بها الروح القدس

بفمِ داودَ الملكِ والنبيّ: استيقظَ الربُّ كالنائم،

وكالرجل الذي رانتْ عليه الخمر. وأخزى الصالبين.

 

بالبشرى المملوءة أفراحًا، قد بُشِّر التلاميذُ من جوقة النساء العفيفات تلك:

ها قد انبعثَ معلّمكم، فألقى الرعدةَ في الحرَّاس

والرعبَ في جهة الصالبين. هيَّا، اذهبوا وشاهدوا انبعاثه،

واخرجوا واكرزوا في الأقطار الأربعة، بالقيامة المجيدة.

                        (ألحان القيامة، البيت غازو المارونيّ، الجزء الثالث، ص 170-171)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM