جمعة الأسبوع السادس من زمن القيامة

النصُّ الكتابيّ (فل 4: 8-14)

8إذًا، يا إخوتي، تلك التي هي حقيقيَّة، وتلك التي هي طاهرة، وتلك التي هي بارَّة، وتلك التي هي نقيَّة، وتلك التي هي محبوبة، وتلك التي هي ممجَّدة، وتلك الأعمالُ المجيدةُ والممدوحة، بتلك فكِّروا. 9تلك التي تعلَّمتم وقبلتم وسمعتُم ورأيتم فيَّ، تلك اعملوا وإلهُ السلامِ يكونُ معكم. 10جدًّا فرحتُ في ربِّنا لأنَّكم واصلتم الاهتمامَ بحالي، كما كنتم أيضًا مُهتمِّين، ولكن ما كنتم قادرين. 11فما أنا قائلٌ لأنّي محتاجٌ. ولكن تعلَّمتُ أنا أن يكونَ كافيًا لي ذاك الشيء الذي هو لي. 12وأنا عارفٌ أن أُنقَّص، وعارفٌ أنا أيضًا أعيشُ الوفرَ في كلِّ شيء، ففي كلِّ شيء متمرِّسٌ أنا، سواء في الشبعِ سواء في الجوع، في السعة كما في العوز. 13فأنا على كلِّ شيءٍ قادرٌ بقوَّةِ المسيحِ المقوِّيني. 14إنَّما حسنًا صنعتُم إذ شاركتُم في ضيقاتي.

*  *  *

كيف لهؤلاء المسيحيّين الجدد أن يرسموا لأنفسهم الطريق التي يريدها الربّ؟ وها هو الرسول يتحدَّث إليهم ويدعوهم إخوته. وكأنَّه أخوهم الأكبر يعلّمهم السلوك الذي سلكه هو.

"كلُّ ما هو حقّ". أي ضدّ الكذب والغشّ والاحتيال. كلامكم نعم نعم. لا، لا. تلك هي الشفافيَّة في الجماعة المسيحيَّة حيث يُنبَذ كلّ شرّ يؤثّر في غضو من أعضاء الكنيسة فتتألَّم الكنيسة كلّها، وتضعف. نحن أعضاء بعضنا لبعض. ونحن مسؤولون بعضنا عن بعض.

"كلّ ما هو جليل" الجليل هو ضدّ "الحقير". وبالتالي لا يستحقّ الاحترام. والجليل هو العظيم في عيني الناس، لا على مستوى الجاه والعظمة والمال، بل على مستوى الفضيلة فيفرض احترامه على الجميع، دون الحاجة إلى الكلام أو رفع الصوت أو إظهار القوَّة، الجليل هو ما له وزنه. ما يستحقّ كلّ احترام. الأمّ تريزيا دي كلكوتّا. البابا يوحنّا بولس الثاني، البطريرك أثيناغوراس. هذا الكاهن، تلك الراهبة. الجليل هو النبيل وصاحب الفضل.

"كلُّ ما هو عادل" هناك "عدل السهم" أي قوّمه. أرسله مستقيمًا. والعدل بين اثنين يعني المساواة بينهما، بحيث لا نظلم أحدًا على حساب الآخر. والعدالة هي موازنة، أي تعطي كلَّ إنسان وزنه. مقابل العدل هو الجور والظلم. مقابل العدالة والاستقامة هو الالتواء والاعوجاج في التعامل بين الناس. صفة أساسيَّة لا نميّز فيها إنسانًا عن إنسان بسبب لونه أو دينه أو بلده أو طائفته... كلُّ هذا يجعل المؤمن ذا صيت حسن، يجعله أهلاً للمديح من الله أوَّلا ومن الفضلاء ثانيًا.

 

حياة حميمة مع الله

بما أنَّه ينبغي علينا أن نمضي دائمًا إلى أبعد في علاقتنا مع الله، لا يتردَّد المسيح في أن يشركنا في حميميَّة الحبّ البنويّ الذي يوحّده بأبيه. وينكشف هذا الحوار "بين قلب وقلب" في إيقاع عطاء متبادل من الآب باتّجاه الابن ومن الابن باتّجاه البشر. "ليكونوا واحدًا كما أنت أيُّها الآب فيّ وأنا فيك" (يو 7: 23). ولا تستطيع هذه الصلاة أن تنغلق على ذاتها. فالمسيح يعطيها أفقًا، يقدر وحده أن يجعلنا نستشفُّه في الحقيقة: الوحدة فيما بيننا ومع الله. يصعب علينا مرارًا، بل يستحيل أن نتَّحد حقًّا، بعضنا ببعض، مثل محطّ كلام. ويجعل يسوع في حواره الروحيّ ما تستطيع نعمةُ واحدة مرَّت في نار الروح القدس أن تحرّك في قلب كلِّ إنسان. "لكي تكون وحدتهم تامَّة. هكذا يعرف العالم أنَّك أنت أرسلتني وأنَّك أحببتهم كما أحببتني" (آ23). وصلاة الابن هذه المتَّجهة نحو الآب تُدخل الناس في محادثة أصيلة كانت خطيئة آدم قد حطَّمتها. منذ الآن، بواسطة صلاتنا البشريَّة التي يحييها الروح، نستطيع أن نصبح في حياة حميمة مع الله. "أريد أن يكونوا معي حيث أكون أنا" (آ24). وإذ نكون في هذا القرب مع الله، نستطيع أن نقيم في علاقة جديدة مع إخوتنا وأخواتنا، قرابةَ المصالحة والمحبَّة، "ليكون فيهم الحبُّ الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (آ26).

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM