خميس الأسبوع الرابع من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (1 تس 3: 1-13)

1ولأنَّنا ما احتملنا، أردنا البقاءَ وحدَنا في أثينة. 2فأرسلنا إليكم تيموتاوسَ أخانا وخادمَ الله ومساعدَنا في بشارةِ المسيحِ بحيثُ يثبِّتُكم ويطلبُ منكم على إيمانِكم. 3ولا يسأمُ إنسانٌ منكم من هذه الضيقات. فأنتم عارفون أنَّنا لهذه موضوعون. 4وإذْ كنّا لديكم أيضًا تقدَّمنا وقلنا لكم: نحن عتيدون أن نُضايَقَ كما أنتم عارفون أنَّه كان. 5من أجلِ هذا أنا أيضًا ما احتملتُ حتّى أرسلتُ لأعرفَ إيمانَكم لعلَّ المجرِّبَ يجرِّبُكم ويكونُ تعبُنا باطلاً. 6أمّا الآنَ وحين أتى إلينا تيموتاوسُ من عندِكم وبشَّرَنا بإيمانِكم وبمحبَّتكم وإنَّ ذكرَنا طيِّبٌ لديكم في كلِّ آنٍ ومشتاقون أنتم لرؤيتِنا كما نحنُ أيضًا لرؤيتِكم. 7من أجلِ هذا تعزَّينا بكم، يا إخوتَنا، على كلِّ شدائدِنا وضيقاتِنا من أجلِ إيمانِكم. 8والآنَ ها نحن عائشونَ إذا أنتم تثبتون في ربِّنا. 9فأيُّ شكرٍ نحن قادرون على تأديتِه لله من أجلِكم عن كلِّ الفرحِ الذي نحن فارحون به لأجلِكم. 10إنَّما قدَّامَ الله نتضرَّعُ خصوصًا في الليلِ والنهار لكي نرى وجوهَكم ونُتمَّ ما هو ناقصٌ في إيمانِكم. 11واللهُ أبونا وربُّنا يسوعُ المسيح يثبِّتُ طريقَنا لديكم. 12ويُكثرُ ويَزيدُ محبَّتَكم الواحدُ نحو الجميع كما نحن محبُّوكم. 13ويثبِّتُ قلوبَكم بلا لومٍ في القداسةِ قدَّامَ اللهِ أبينا في مجيءِ ربِّنا يسوعَ المسيحِ مع كلِّ قدِّيسيه.

*  *  *

هذا هو قلب الرسول. ابتعد عن المؤمنين في تسالونيكي، فخاف عليهم وهم بعد جدُد. لم يتقوَّوا بعد في حياة إنجيليَّة. ماذا حصل لهم؟ هل عادوا عن إيمانهم بسبب الضغوط المحيطة بهم؟ لا من الوالدين والأهل والأقارب فحسب. لا من العالم الوثنيّ الذي يعيشون فيه فحسب، بل خصوصًا من اليهود الذين يؤلّبون الحكَّام عليهم، كما اعتادوا أن يفعلوا على مرّ تاريخ الكنيسة. اقترابهم من الحاكم كان يعلّمهم كيف يدفعونه إلى اضطهاد المسيحيّين، كما فعلوا ببولس في كلِّ موضع أراد أن يحمل الإنجيل إليه. هم "قتلوا الربّ يسوع"، فهل يكونون رحومين للذين يتبعون يسوع؟ وهكذا خاف بولس من "أن يتزعزع أحدٌ في هذه الضيقات."

قال الرسول أوَّلاً: "لم نحتمل" (آ1). الفريق كلُّه. ثمَّ قال في آ5: "لم أحتمل أنا"، تألَّمت. خصوصًا أنَّني لا أستطيع أن آتي إليكم. ولكن لمَّا مضى تيموتاوس وأتى بالأخبار السارَّة. قال الرسول: "تعزَّينا". بعد الحزن الذي سيطر علينا، تشجَّعنا، وتقوّى إيماننا حين رأينا إيمانكم. أجل، يحتاج الرسول إلى من يسنده في ضعفه، في ألمه، في ضيقه. وكان هنا شعور الرسول أكبر من هذا. قال: "نعيش الآن من جديد." وكأنَّهم ماتوا من الجذع على المؤمنين. هكذا يكون الرسول. هكذا يكون الكاهن وكلُّ مسؤول في الكنيسة. تحدَّث البابا فرنسيس عن "التحجير" عند المسؤولين في الكنيسة. هم مثل الحجر. لا شيء يؤثّر فيهم. المهمّ أن تبقى أحوالهم على ما يرام.

 

الطريق نحو الآب

هناك شبهُ تعارض بين الطريقتين اللتين فيهما يروي لنا لوقا الإنجيليّ صعود الربّ. من جهة بدا التلاميذ ضائعين، لا مؤمنين. "لماذا تلبثون هنا وأنتم تنظرون إلى السماء؟" (أع 1: 11). ومن جهة ثانية، نراهم يتَّخذون على عاتقهم مهمَّتهم الرسوليَّة بعزم وتصميم: "عادوا إلى أورشليم وقد امتلأوا فرحًا" (لو 24: 52). عبر هذا الاختلاف الأدبيّ، نكتشف أنَّ الرباط الذي يوحّد يسوع وتلاميذه ليس مجرَّد صداقة ولا انجذابًا موقَّتًا، بل ولادة جديدة وإرسال في مهمَّة. وإذ ذكَّر المسيح أحبَّاءه بسرّه الفصحيّ، أدخلهم في علاقة جديدة معه. ولدهم إلى ما صاروا إليه، أي شهود القائم من الموت. وحين باركهم ووعدهم بقوَّة آتية من العلاء، أدخلهم في ديناميَّة الإرسال الجديدة، التي تقودهم إلى أقاصي الأرض (أع 1: 6).

وفي النهاية، ليس الصعود انطلاقَ يسوع من الأرض، بل كشف الطريق الأخير الذي يفتح لنا الباب لنذهب إلى الآب: "لنا طريق جديدة، حيَّة" (عب 10: 20). وهذه الطريق نحو الآب تنفتح لنا بعطيَّة الإيمان ونسير فيها بإيقاع المحبَّة. وهكذا، كلَّ مرَّة نعلن إيماننا في الليتورجيّا، لا نردّد كلمات، بل نؤكّد على الرباط الذي يوحّدنا بالله ويوجّه كلَّ وجودنا. لهذا، نتقدَّم إلى الله بقلب صادق وفي يقينٍ يمنحنا الإيمان" (آ22).

*  *  *

ذلك الذي شاهدتْه مريم

مثلَ الرجلِ البستانيّ، باركوه!

ذلك الذي قالت له إن كنتَ أنت أخذتَه،

قل لي أين وضعتَه: مجِّدوه...

 

ذلك الذي أبهجَ، بانبعاثه،

التلاميذَ الذين كانوا مكتئبين، باركوه!

ذلك الذي أحلَّ الحزنَ والكآبة

على الصالبينَ، بقيامته: مجِّدوه...

 

ذلك الذي لا يستطيعُ يقظو العلاء

أن يُحدِّقوا في ألوهيَّته، باركوه!

ذلك الذي شاهدتْه مريمُ

وظنَّت أنَّه البستانيّ: مجّدوه...

                (ألحان للقيامة، البيت غازو المارونيّ، الجزء الأوَّل، ص 148-149)

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM