ثلثاء الأسبوع الرابع من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (1 تس 2: 1-12)

1وأنتم عارفون، يا إخوتي، أنَّ مَدخلَنا لديكم ما كان فراغًا، 2بل تألَّمنا أوَّلاً وأُهنَّا في فيلبّي، كما أنتم عارفون. وحينئذٍ بجهادٍ عظيمٍ تكلَّمنا معكم بدالَّةِ إلهِنا، ببشارةِ المسيح. 3فعزاؤنا ما كان عن ضلال، ولا عن نجاسةٍ أيضًا، ولا بمكرٍ، 4بل كممتحِنونَ لله بحيثُ تؤتمَنُ بشارتُه، هكذا نحنُ متكلِّمونَ لا بحيثُ نَحسنُ للناسِ لكن لله ذاك الفاحصِ قلوبَنا. 5وأيضًا ما تعاملْنا قطُّ بكلامِ الخداعِ كما أنتم عارفون، ولا بقلَّةِ الطمع، الله شاهدٌ. 6ولا طلبْنا مجدًا من الناس، لا منكم ولا من آخرين، ونحن كنّا موجودين موقَّرينَ لنكونَ مثلَ رسلِ المسيح. 7ولكن كنّا بينكم وضعاء، ومثلَ مربِّيةٍ محتضنةٍ بنيها. 8وهكذا نحنُ أيضًا، محتضنونَ نحنُ لكم ومتشوِّقون لإعطائكم لا بشارةَ الله فقط، بل أيضًا أنفسَنا لأنَّكم أحبّاؤنا. 9وذاكرون أنتم، يا إخوتَنا، أنَّنا كادِّين كنّا، وتاعبينَ بعملِ أيدينا في الليلِ وفي النهارِ بحيثُ لا نُثقِّلُ على أحدٍ منكم. 10فأنتم شاهدون والله (شاهدٌ) كيف كرزنا لكم بشارةَ الله بالطهارةِ والبرّ، وبلا لومٍ كنّا لدى المؤمنين كلِّهم. 11كما أنتم عارفونَ أنَّنا كنّا طالبينَ من كلِّ واحدٍ منكم، كما الأبُ من بنيه، وكنّا مالئينَ في قلبِكم (أي: مقنعينكم) وشاهدين لكم. 12بحيثُ تسلكونَ كما هو لائقٌ بالله، ذاك الذي دعاكم إلى ملكوتِه وإلى مجدِه.

*  *  *

كيف تكون خدمة الرسول، خدمة الكاهن وكلّ مسؤول، في الكنيسة؟ تبدأ أوَّلاً بالإنجيل. هو الأساس. كلام الله. والويل لنا إن قدَّمنا كلام البشر، أو كلامنا الخاصّ الذي نحسبه أهمّ من كلام الله، لأنَّه يرضي الناس. لا كلام تملُّق، إطراء، مديح، وكأنَّنا نركع أمام الناس من أجل فائدة أو مكسب. ماذا لا نفعل لننال بعض المال من الأغنياء؟ لهذا نكثّف زياراتنا عندهم. أمّا الفقراء فنتركهم جانبًا، مع أنَّ الربَّ قال لنا: "المساكين يبشَّرون". لأنَّ قلبهم مفتوح على كلام الله، لا مغلوق بفعل الذهب المكدَّس على آذانهم.

التملُّق مهمّ طلبًا للكرامات. ذاك ما كان يطلبه "الفلاسفة المتجوّلون" في تلك الأيَّام. أو الشعراء في العالم العربيّ القديم. أإلى هذا المستوى ينحدر الرسول؟ وما إن يقال ما تمنَّى حتَّى يمضي فرحًا. يا ليتنا نعرف كم فرحُ الإنجيل يتجاوز كلَّ فرح وسعادة على الأرض! نتطلَّع إلى التلاميذ الذين أتوا من الرسالة وهم "يرقصون". قالوا: "حتَّى الشياطين خضعت لنا." كلُّ قوى الشرّ. فأجابهم يسوع: "افرحوا. فأسماؤكم كُتبت في السماء." (لو 10: 17ي). هم فرحوا ويسوع تهلّل. واليوم يهلّل من أعلى سمائه حين يكتشف كهنة من هذا الطراز. لا يطلبون الإفادة. لا يطلبون ألوان الثياب، كما قال عنهم البابا بولس. لا يطلبون "صدور المجالس في المجامع والسلام في الساحات"، كما قال يسوع للفرّيسيّين، فطبَّقه متَّى على المسؤولين في الكنيسة، في ذلك الوقت وفي كلِّ وقت.

 

بالمعموديَّة نتقبَّل الثالوث

لماذا لم يأتِ الروح القدس قبل أن يمضي المسيح؟ لأنَّه طالما لبثت اللعنة (تك 3: 16-19) طالما لم تدمَّر الخطيئة فكان الجميع خاضعين للعقاب، لا يسع الروح القدس أن يأتي. فوجب – كما قال القدّيس بولس – أن يدمَّر البغض ونتصالح مع الله (أف 2: 14) لكي نستطيع تقبُّل هذه العطيَّة.

لماذا قال يسوع: "سوف أرسل لكم البارقليط" (يو 16: 7)؟ فكأنَّه يقول: "أنا أُعدّكم لكي تتقبَّلوا من يدافع عنكم. ولكن يُستطاع إرسال من هو في كلِّ مكان؟ ثمَّ حين قال يسوع هذا الكلام بيَّن التمييز بين الأقانيم الإلهيَّة. هذان هما السببان اللذان لأجلهما قال هذا. وبما أنَّ الابن والروح لا ينفصلان، فالابن يقنع التلاميذ بأن يتعلَّقوا بالروح القدس ويعبدوه.

كان بإمكانه هو أن يعمل كلَّ هذا، ولكنَّه ترك له أن يُجري المعجزات لكي يعرف الجميعُ كرامته. كان في وسع الآب أن يُنتج كلَّ موجود، والابن أيضًا، بحيث نعرف قدرته. والروح القدس أيضًا. لهذا حين تجسَّد الابن راعى عمل الروح.

لهذا السبب نتقبَّل الثالوث في المعموديَّة، لأنَّ الآب يستطيع أن يعمل كلَّ شيء والابن والروح القدس مثله. ولكن كما أنَّ ما من إنسان يشكُّ بالآب فيسقط الشكّ على الابن والروح القدس، نتقبَّل الثالوث في سرّ المعموديَّة فنتقبَّل كرامتهم المشتركة في سخائهم المشترك مع خيرات لا تُوصَف.

يوحنّا الذهبيّ الفم

*  *  *

اليومَ قامَ من داخلِ القبر،

وقتلَ الموتَ بواسطةِ انبعاثه.

 

الكهنةُ مكتئبونَ، وكتبةُ الشعب،

لأنَّه قام من القبرِ المقتولُ الذي قتلوه.

 

لم يكونوا يريدونَ أن يُظهروا السرَّ،

لئلاَّ تنكشفَ أعمالهم.

 

من داخل السكون انحدرَ الملائكة،

وأحاطوا بالقبرِ من كلِّ الجهات.

النور العظيمُ أشرق عند القبر،

عندما كانوا يظنُّون أنَّه لن ينبعث.

                (ألحان للقيامة، البيت غازو المارونيّ، الجزء الأوَّل، ص 245-246)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM