تقديم

انطلقنا من العيد الكبير، عيد الفصح وقيامة ربّنا يسوع المسيح من الموت، فوصلنا إلى عيد العنصرة، عيد حلول الروح القدس على التلاميذ. وكلُّ هذه الفترة ينيرها نشيدنا: يا مسيحًا قام من بين الأموات ارحمنا. أو في الطقس البيزنطيّ: "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموتَ بالموت..."

صعد يسوع إلى السماء. هي لغة فيها نقول: تركَنا يسوع بعد أن رافقَنا في جسد بشريّ طوال ثلاثة عقود أو أربعة. تطلَّع الرسل فيه وهو "صاعد"، أو مختفٍ شيئًا فشيئًا عن عيونهم. ترك يسوع الرسل، فاعتبروا أنَّهم صاروا "يتامى". قال لهم: لا أدعكم يتامى، بل أرسل إليكم "البارقليط"، الروح القدس، الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس. هو يكون بقربكم، إلى جانبكم، يرافع عنكم في "القضاء"، يحامي عنكم في الخطر، يذكّركم بما قلت لكم. ويعلّمكم أمورًا جديدة، لم أقلْها لكم لأنَّكم ما كنتم تستطيعون أن تحتملوها. وفي أيِّ حال، كانت أمورٌ كثيرة لم يفهمها الرسل إلاَّ بعد القيامة وعلى أنوار الروح القدس. إذًا قيامة الربّ من القبر ترافقت مع "قوَّة الروح القدس"، كما قالت الرسالة إلى رومة (1: 3)، فماذا يكون بالنسبة إلى التلاميذ؟ الروح يرافقهم ويرافق الكنيسة وهو يرافقنا اليوم وكلَّ يوم. لهذا نعجب من بعض الأصوليّين الذين يتعلَّقون بحرف الكتاب ولا يريدون الخروج منه. هذا قول يسوع. ولا أريد غيره. ولكن هل يعرف هؤلاء أنَّ يسوع لم يكتب كلمة واحدة بل الكنيسة كتبت والروح القدس أمسك بيدها؟ أتُرى كانت كلمات يسوع "مسجَّلة" حرفيًّا بحيث وصلت إلينا كما خرجَتْ من فمه؟ كلاّ ثمَّ كلاّ. لا كلام الإنجيل وصل حرفيًّا في اللغة الآراميَّة، ولا ما نسمع هنا وهناك حتَّى أيَّامنا.

الروح معنا. يصلّي معنا بأنَّات لا توصف. يقرأ معنا كلام الله، يعلّمنا. يا ليتنا نسمع له ونفتح له قلوبنا!

 


 

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM