يوم الرسالات العالميّ

 

يوم الرسالات العالميّ

 

(أع 14: 19-28؛ يو 6: 30-33)

 

30فقالوا له: "أيَّةَ آيةٍ أنتَ صانعٌ فنرى ونؤمنَ بك؟ ماذا أنتَ عاملٌ؟ 31آباؤنا أكلوا المنَّ في البرِّيَّة كما كُتبَ: خبزًا من السماء وهبَ لهم مأكلاً." 32فقالَ لهم يسوع: "آمين آمين أنا قائلٌ لكم: ما كانَ موسى الذي وهبَ لكم الخبزَ من السماء، لكن أبي هو واهبٌ لكم خبز الحقِّ من السماء. 33لأنَّ هذا خبزُ الله، ذاك الذي نزلَ من السماء (فكانَ) واهبَ الحياةِ للعالم."

*  *  *

نقرأ سفر الأعمال (14: 19-28). هي تقريبًا نهاية الرحلة الرسوليَّة الأولى التي بدأت في أع 13: انطلق بولس وبرنابا (ومعهم مرقس، نصف الطريق) إلى مدن تركيّا الحاليَّة. وقبل العودة إلى أنطاكية، كان لبولس أن يُرجَم بحيث ظنُّوه مات. ولكنَّه قام في اليوم الثالث. حملُ الرسالة يكلِّف الكثير ويسوع حدَّثنا عن الاضطهاد الذي يصيب "المبشِّرين"، وأقلُّ شيء هو الهزء وقطع الطعام والشراب والملاحقة. تحدَّث النصُّ عن "المصاعب". ما كان العمل قبل كلِّ شيء؟ "نشر كلمة الله". ها هي الرسالة المطلوبة من الكنيسة ومن كلِّ واحد منَّا: حمل الإنجيل دون أن نثقِّل على أكتافنا بالكتب العديدة التي تبعدنا عمّا هو المياه الحيَّة باحثين عن آبار مشقَّقة لا تحتفظ بالمال.

وكما انطلقا من أنطاكية ببركة الجماعة، عادا إلى أنطاكية وقدَّما تقريرًا عما فعلا. فالمرسل ليس شخصًا منفردًا، يمضي كما يريد، وليس له أن يؤدِّي حسابًا لأحد. كدت أقول حتَّى لله! هو لا يمضي باسمه بل باسم الكنيسة والكنيسة مسؤولة عنه: جُرح، مات، ضاع. لم يبق له ما يتدبَّر به أمره. من أرسله يرافقه، وفي النهاية يودُّ أن يعرف نتيجة الرحلة الرسوليَّة.

وأهمُّ ما في هذه الرسالة هو وصول الإنجيل إلى العالم اليونانيّ، إلى العالم الوثنيّ. الديانة التي كنتُ فيها لا تمنعني من الذهاب إلى يسوع. والشريعة التي أمارسُها، لا يمكن أن تكون حاجزًا بيني وبين الربّ: الإيمان يكفي. آمن فتخلص. وحين تدخل في مسيرة الإيمان، تصبح عضوًا في جسد المسيح، فيعطي إيمانك ثمرًا يدلُّ على صدقك حين تقول إنَّك تحوَّلت إلى المسيح.

ونقرأ إنجيل يوحنّا (6: 30-33). أوَّلاً، هو فعلُ إيمان بيسوع المسيح الذي جاء من لدن الآب. إذًا هو الله وابن الله. وما الذي بيَّن للرسل كذلك؟ لأنَّه يعرف. جاء نيقوديمس يقول: نحن نعرف... أمّا يسوع فقال له: "أنت لا تعرف." توقَّفتَ عند أمور الأرض وما صعدتَ إلى فوق اللحم والدم. فالروح وحده يجعلنا على مستوى روح الله، على مستوى الله. فهو أدخلنا بالمعموديَّة إلى عيلة الله. صرنا "آلهة" بعد أن صرنا إخوة يسوع ووارثين معه.

ثانيًا، الابن ليس وحده. هو والآب واحد. وما للآب هو للابن وما للابن هو للآب. معرفة متبادلة، حبٌّ متبادل، وثمرة هذا الحبِّ هو الروح القدس. هذا الكلام الذي قاله يسوع للرسل بعد العشاء السرّيّ وقبل الانطلاق إلى الآلام، جعلهم في بعض التساؤل: تمضون كلُّ واحد في سبيله وتتركوني وحدي. هذا في الواقع ما حصل في بستان الزيتون. بشريًّا، لبث يسوع وحده حين اقتاده الجنود بمعاونة يهوذا. وإلهيًّا، لا يمكن أن يكون وحده. فالآب دومًا معه. كلُّهم هربوا. وحاول بطرس والتلميذ الحبيب أن يتبعاه. ولكنَّ بطرس أنكره. ما تركه وحده على مستوى الجسد، بل تركه كتلميذ مع أنَّه أعلن أنَّه لن يتخلَّى عنه ولو هُدِّد بالموت.

مضى التلاميذ. اختبأوا. سيطر عليهم الخوف. ضاع السلام من قلبهم. فحين كان الربُّ معهم لم يكونوا يخافون. والآن ويسوع تركهم بالجسد بشكل نهائيّ، هل يبقى لهم سلام؟ مستحيل. هذا على مستوى البشر، لا على مستوى الله. فيسوع القائم من الموت وعدَنا بأن يكون معنا كلَّ يوم وحتَّى انقضاء العالم.

1. انطلق بولس في الرسالة. واليوم ينطلق العديدون خصوصًا إلى الهند والصين وبلدان أفريقيا. والمسيحيُّون يتكاثرون هناك بعد أن كانوا جماعة قليلة قليلة. ففي الصين صار المسيحيُّون ثمانين مليونًا وإن كذبت الدولة. ومستقبل أفريقيا هو للكنيسة.

2. هم يُضطَهَدون، يتألَّمون... هل هم وحدهم؟ كلاّ. فالربُّ يرافقهم بالأعمال التي يعملونها والكلام الذي يقولونه. إذا اتَّكلوا على قواهم، أصابهم ما أصاب الرسل حين أرادوا الصيد في الليل. ولكنَّ الإيمان بمجيء يسوع يقلب الأمور رأسًا على عقب.

3. الإنسان يخاف. يضطرب. هو وحده خارج بيته وبلده وأرضه. لا يعرف ما ينتظره في الغد. لا الرسول، لا التلميذ. فالسلام الذي يسكبه الربُّ في قلوبنا يعطينا الشجاعة على مثال الرسل في السفينة: أنا هو لا تخافوا. يعني أنا يهوه الربّ. يدي بيدكم وأنتم تنطلقون فتحملون ثمارًا وتدوم ثماركم.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM