يوسف البارّ

 

يوسف البارّ

 

قراءة من سفر التكوين (41: 38-44)

38فقالَ فرعونُ لعبيدِه: «أَيُوجَدُ مِثْلُ هذا الرجل الذي روحُ الله فيه؟» وقالَ فِرعونُ لِيوسفَ: «بعدَ أنْ عرَّفَك اللهُ هذا كلَّه، ما مِن إنسانٍ حَكيمٍ وفهيمٍ مثلُكَ. 40أنتَ تكونُ على بيتي، وعلى كلمةِ فمِكَ يَحتَكمُ شعبي كلُّه وأكونُ أكبرَ منكَ فقط بالعرش.» 41وقال فرعونُ لِيوسفَ: «انْظُرْ! سَلَّطْتُكَ على كلِّ أرض مصر!» 42وأخذَ فِرعونُ خاتمَهُ مِن يدِه ووضعَه في يدِ يوسف. وألبسَهُ لِباسَ البِزِّ، وجَعلَ طَوقَ الذهبِ في عُنقِه. 43وأجلَسَهُ في مَركبةٍ أُخرى تَخصُّه، ودعا قدَّامَه: «أبٌ ومُسلَّطٌ.» وسلَّطَهُ على كلِّ أرضِ مِصر. 44وقالَ فِرعونُ لِيوسفَ: «أنا فِرعونُ أمرتُ: بِدونِكَ لا يَرفعُ إنسانٌ يدَه أو رِجلَه في أرضِ مِصرَ كلِّها.»

*  *  *

حين بدأ متَّى يكلّمنا عن ميلاد يسوع الذي هو معجزة المعجزات التي لا يتخيّلها بشر ولا يستطيع أن يفهمها كلَّ مرَّة يشغل فكره، فهو بشريًّا أمام حائط مسدود: أتى يوسف بمريم إلى بيته، فإذا هي حبلى، وهو بعدُ لم يعرفها. فكيف سوف يتصرَّف؟ أعطانا الإنجيليّ الجواب من البداية: "يوسف رجلها كان بارًّا" (مت 1: 19).

ومن هو البارّ؟ هو الذي يمارس وصايا الله ممارسة تامَّة. هو مَن سلوكه يوافق شريعة الله. البارّ هو الكامل. البارّ هو المستقيم. وفي النهاية، البارّ ينجو من الموت. ذاك ما قال سفر الأمثال (11: 4ي). وأضاف: "البرّ يقود إلى الحياة" (آ19).

هذا "البارّ" يوسف هو في سلسلة من الأبرار الذين سبقوه. إبراهيم أوَّلاً الذي "كان أبًا عظيمًا لأمم كثيرة، الذي لم يُوجَد مثله في المجد. حفظ شريعة العليّ" (سي 44: 19)... "ومن نسل يعقوب أقام الربّ رجلاً بارًّا نال حظوة عند جميع البشر". هو يوسف الذي أحبَّه شعبه كما أحبَّه المصريُّون.

هي برارة في خطّ العهد القديم على مثال ما قيل عن زكريَّا وإليصابات. "وكانا كلاهما بارَّين أمام الله، سالكين في جميع وصايا الربّ وأحكامه، وكانا بلا لوم" (لو 1: 6). تلك كانت برارة أولئك الذين انتظروا مجيء المخلّص. سمعان الشيخ وحنَّة النبيَّة، بالإضافة إلى يوسف ومريم. "يا ربّ، ليتك تشقُّ السماء وترسل الصدّيق". هو انتظار يسوع المسيح.

وهي برارة في خطّ العهد الجديد، حيث يرتفع الإنسان فوق أعمال الناموس فيحسب نفسه مرضيًا لدى الله، على مثال ذلك الفرّيسيّ الذي جاء يبرّر نفسه أمام الله: يصوم، يدفع العشر. أمّا المسيحيّ، فلا ينظر إلى برّ نفسه، بل إلى برّ ذاك الذي دعاه. وما أطيبها دعوة نالها يوسف وتجاوب معها. فسارَ ويدُه بيد الله. فالله هو الأب السماويّ، ويوسف هو الأب على الأرض. فأيّ شرف يعادل هذا الشرف، وأيّ سعادة مثل هذه السعادة!

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM