"افرحوا معي، لأنّي وجدتُ خروفي الضائع!"

 

يوم الاثنين (لو 15: 1-7)        الخروف الضالّ

1وكانَ مُقتربينَ لديه الجباةُ والخطأةُ لكَي يسمعوه. 2والكتبةُ والفرّيسيّون كانوا مُتذمِّرينَ وقائلينَ: “هذا مُتقبِّلٌ الخطأةَ وآكلٌ معهم”. 3فقالَ لهم يسوعُ هذا المثل: 4“مَنْ هو منكم الرجلُ الذي له مئةُ خروفٍ ويُضيِّعُ واحدًا منها، ألا يترُكُ التسعةَ والتسعين في القفْرِ ويَذهَبُ وراء ذاك الذي ضاعَ حتّى يَجدَه؟ 5ومتى وجدَهُ فرِحًا يَحمِلُهُ على كتفَيه. 6ويأتي إلى بيتِه ويدعو أصدقاءَه وجيرانَه ويَقولُ لهم: "افرَحُوا معي لأنّي وجدْتُ خروفي الذي كان ضائِعًا." 7وأنا قائلٌ لكم: هكذا يكونُ فرحٌ في السماء على خاطئ واحدٍ تائبٍ أكثرَ من على تسعةٍ وتسعين صدِّيقينَ لا تُطلَبُ لهم توبة.

*  *  *

تأفَّف الكتبة والفرّيسيُّون. هؤلاء الأتقياء الذين يحافظون على الشريعة بدقَّة، وهم يعرفون دقائقها: فيسوع هذا الذي يعتبرونه من فئة الأطهار يستقبل الخطأة ويأكل معهم. ألا يشعر أنَّه يتنجَّس حين يقاربهم؟ من لا يتذكَّر تلك الخاطئة التي سقطت عند قدمي يسوع، وتساءل الحاضرون: لو أنَّ هذا نبيًّا لعرف من هي هذه المرأة. فكيف يسمح لها أن تلمسه؟ يا للجرم الكبير، الاقتراب من الخطأة! ولكنَّ يسوع أعلن أنَّه أتى إلى الخطأة لا إلى الأبرار، أتى إلى المرضى لا إلى الأصحَّاء.

وما الذي يضاهي المثَل؟ لا شيء. رجل عنده مئة خروف. أضاع واحدًا، يمضي يطلبه ولا يعود حتَّى يجده. هذا هو الله. هذا هو ابنه يسوع المسيح. هل يترك خاطئًا واحدًا ضالاّ؟ كلاّ ثمَّ كلاّ. ويعرف أنَّه تعب، تهشَّم في الغابة وبين الأشواك. لا يجرُّه بأذنه وكأنَّه يعاقبه. بل يحمله على كتفه. إذا كان هذا ما يفعله الراعي مع خروفه، فما تُرى يفعله الله مع كلِّ واحد منَّا. كيف يهتمُّ به؟ كيف يعالجه من جراحه، كيف يساعده لكي يخرج من خطيئته ويفرح بأن يكون في الحظيرة مع إخوته وأخواته. ولا يحاول بعد أن يمضي إلى البعيد. يفرح هذا الخاطئ بالعودة، كما يفرح الله.

*  *  *

"افرحوا معي، لأنّي وجدتُ خروفي الضائع!"

تهتُ في الصحراء وضللتُ في بقاع الأرض المقفرة كما جاء في مثل الخروف الضائع من قطيع الخراف المئة. وما كان من العدوّ الشرّير إلاَّ أن انقضَّ عليه يمزّقه ويملأ جسده بجروح لا أمل في شفائها إلاَّ بك، يا ربّ، أنت الشافي الوحيد.

أتضرَّعُ إليك باكيًا وبصوتي إليكَ يا مخلّصي أصرخُ: يا أيُّها المخلّص الصالح الآتي من لدن السماء، هلمَّ افتقِدْ قطيعك الصغير! هلمَّ، يا ربّ، وابحثْ عن القطعةِ النقديَّة الواقعةِ أرضًا وقد خلقتها على صورتك ومثالك (تك 1: 26)، وما كان منّى إلاَّ أن دفنتُها وطمرتُها في أوكار الخطيئة والوحول النتنة.

اغسلني يا ربّ، من إثمي وطهّر نفسي فتبيضَّ كالثلج (إش 1: 18). تعطَّفْ وأكمِل القطع العشرة كما فعلتَ لشهداء سبسطية الأربعين.

احملني على كتفك، أنتَ الذي حملتَ الصليب، وتحنَّنْ عليَّ وارفع نفسي الساقطة وليهلّلْ جيشُ الملائكة السماويّ بعودة خاطئ واحد.

القدّيس نرسيس سنورهالي (1102-1173)

 

 

يوم الثلثاء (لو 15: 8-10)            الدرهم الضائع

8أو أيُّ امرأةٍ لها عشرةُ دراهمَ وتُضيِّعُ واحدًا منها، أما تُنيرُ السراجَ وتُكنِّسُ البيتَ وتُفتِّشُ عنه باجتهادٍ حتّى تَجدَه؟ 9ومتى وجدَتْهُ دعَتْ صديقاتِها وجاراتِها وقالَتْ لهنَّ: "افرَحْنَ معي لأنّي وجدْتُ درهمي الذي كان ضائِعًا." 10وأنا قائلٌ لكم: هكذا يكونُ فرحٌ قُدّامَ ملائكةِ الله على خاطئ واحدٍ تائب.”

*  *  *

قدَّم متَّى مثل الخروف الضائع واكتفى. فالرجل وحده يمضي ليبحث عمَّا ضاع. ولكنَّ المرأة، ألا تستطيع أن تبحث عمَّا ضاع شأنها شأن الرجل؟ من الضروريّ عند لوقا أن تتساوى المرأة مع الرجل في الحياة المسيحيَّة. لهذا كان مثَلٌ آخر قدَّمه يسوع للكتبة والفرّيسيّين. امرأة أضاعت درهمًا من عشرة دراهم. أوقدت السراج، كنَّست البيت... بحثت حتَّى وجدت. كم تكون فرحتها كبيرة. وفرحة الله الذي هو أبٌ وأمٌّ معًا. فلماذا لا تتشبَّه به المرأة مثل الرجل.

دعا الرجل الأصدقاء والجيران حين وجد خروفه. والمرأة تفعل مثله حين تجد درهمها. فرح على الأرض لأنَّنا وجدنا ما ضاع. وفرحٌ في السماء "بخاطئ واحد يتوب". يفرح الله ويفرح ملائكته. كما نفرح نحن مع أهل السماء. فالخراف الباقية في الحظيرة والنائمة بأمان لا تحتاج إلى رعاية خاصَّة. يكفي وجود الراعي وحضوره فتحسّ بالطمأنينة ولا تخاف من الذئاب. والدراهم التي لبثت في يد المرأة هي محفوظة ولا خوف من ضياعها.

ويفرح الله بأبنائه وبناته الذين هم قربه وهو في وسطهم. ويَعدّ الخراف ويحزن حين يرى غياب واحد منها. ومعه نحزن نحن. أين هو فلان (فلانة). مكانه فارغ في الكنيسة، وسط الجماعة. امضوا وابحثوا عنه. أنتم مئة وتعودون مئة.

*  *  *

إنّ الدرهم، مع أنّه في وسط أكوام التراب والقمامة، لا يزال درهمًا من فضَّة كما كان. وصاحبته تفتش عنه لأنّ له قيمته. وهكذا كلُّ نفس مهما تكن منحطّةً بالخطيئة هي معتبرة ثمينةً في نظر الله. وكما أنّ على الدرهم صورة الملك واسمه، فكذلك الإنسان عند خلقه يحمل صورة الله واسمه. ومع أنّ الصورة والاسم فسدا الآن وشُوِّها وطُمسا بتأثير الخطيئة، فآثار تلك الصلاة وتلك الكتابة لا تزال باقية في كلِّ نفس. والله يتوق إلى أن يردَّ تلك النفس وينقش عليها من جديد صورته في البرّ والقداسة.

والمرأة المذكورة في المثل تفتِّش باجتهاد لأجل درهمها الضائع. فهي توقد السراج وتكنِّس البيت. وهي تزيح من طريقها كلَّ ما من شأنه أن يعرقلها عن البحث. ومع أنَّ الضائع هو درهم واحد فقط، فهي لا تكفّ عن بذل جهودها حتَّى تجد ذلك الدرهم. وهكذا في الأسرة: إن ضلَّ أحد أعضائها عن الله فينبغي استخدام كلِّ وسيلة في إرجاعه. أمّا من ناحية الآخرين، فليجتهد كلُّ واحد في فحص نفسه بكلِّ حرص. كما يجب فحص أعمال الحياة. فانظر لئلاَّ يكون هناك خطأ ما، خطأ في الإدارة بسببه تُصرُّ تلك النفس على البقاء في قساوة القلب.

وإذا كان في العائلة ولد غير شاعر بحالته، حالة الخطيئة، فينبغي ألاّ يستريح الوالدان. ليوقَد السراج. فتشوا كلمة الله وعلى نورها ليُفحص كُّل ما في البيت باجتهاد لتروا لماذا ضلّ هذا الولد. ليفحص الوالدون قلوبهم ويمتحنوا عاداتهم وأعمالهم. إنّ الأولاد هم ميراث السيَد ونحن سنحاسَب أمامه عن تصرفنا إزاء هذا الميراث.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM