المعموديّة موتٌ وقيامة

 

المعموديّة موتٌ وقيامة

 

في بداية الكنيسة، كان المعمَّد (والمعمَّدة) ينزل في درج كما كانوا ينزلون إلى القبر. هناك يخلع ثيابه العاديّة. يستقبله الشمّاس (أو تستقبلها الشمّاسة) فيمرُّ في الماء وكأنَّه يغرق، يموت. ينزل إلى الظلمة. وبعد أن يبدو وكأنَّه مات، يصعد من الماء بعد أن يصير حيًّا، فيلبسونه (أو: يلبسونها) الثوب الأبيض علامة القيامة. يخرج من هذا "القبر" الرمزيّ على مثال المسيح الذي حطّم مغاليق الجحيم حين خرج من القبر وشعَّ النور حوله. وأخرج آدم وحوّاء، رمزًا إلى البشريّة التي أقامها حين قام بانتظار أن يُصعدَها حين يصعد.

ما رآه بولس الرسول في الصورة، قدَّمه في اللاهوت. فرأى أنَّ المعموديَّة هي موت مع المسيح، ونزول إلى القبر على مثال المسيح، ثمَّ قيامة مع المسيح. قال: حين تعمَّدْنا، أي غطسْنا في الماء لنتَّحد بالمسيح يسوع، تعمَّدنا لنموت معه، فدُفنَّا معه بالمعموديَّة لنشاركه في موته (رو 6: 3-4). فالطريق إلى القيامة لا بدَّ أن تمرَّ في الموت. نأخذ الطريق التي أخذها يسوع، ولا طريق غيرها. وكما يقوم يسوع نقوم معه. ذاك ما قال للتلميذين اللذين رافقهما من أورشليم إلى عمّاوس: "كان يجب على المسيح أن يعاني هذه الآلام فيدخل في مجده" (لو 34: 26).

وماذا يموت فينا؟ الإنسان القديم بعاداته السيِّئة، بميله إلى الخطيئة. وهكذا لا نبقى عبيدًا للخطيئة. هذا يعني أنَّنا لا نعود إلى العبوديَّة، فنتطلَّع إلى الوراء مثل العبرانيِّين الذين لبثوا يحنُّون إلى البصل والثوم والبطِّيخ التي عرفوها في مصر. كانوا مستعدِّين أن يرجعوا لكي يتمتَّعوا بهذه الأمور الزائلة، ولو رافق رجوعهم الخضوع لفرعون، وما يمثِّل هذا الخضوع. أو يشبه المعمَّد الجديد امرأة لوط التي تركت سدوم وعالم الخطيئة، ولبثت تنظرِ إلى الوراء، فتحوَّلت إلى نصُب ملح، كما تقول الرواية، وذلك في رمز إلى العقم وموت الحياة فيها، على مثال الأرض التي يغطِّيها الملح، فلا يعود ينبت فيها الزرع. هكذا يصبح المسيحيُّ الذي يعود إلى حياته السابقة بعد أن شارك المسيح في موته. بل نتطلَّع باتِّجاه النور، وننظر إلى المسيح القائم من الموت لكي نحيا حياةً جديدة.

 

*  *  *

 

فصل من رسالة القدِّيس بولس الرسولِ إلى أهلِ رومة (6: 1-14)

 

1فماذا نقولُ إذًا؟ أنبقى في الخطيئةِ لكي تتوافرَ النعمة؟ 2حاشا. فنحن الذين مُتنا عن الخطيئةِ، كيف نحيا فيها أيضًا؟ 3أَوَما عارفون أنتم أنَّنا نحن الذين اعتمَدْنا بيسوعَ المسيح إنَّما اعتمدْنا بموتِه. 4قُبرْنا معه بالمعموديَّةِ للموتِ حتّى كما قامَ يسوعُ المسيحُ من بينِ الأمواتِ بمجدِ أبيه، هكذا نحن أيضًا نسلكُ في حياةٍ جديدة. 5فإذا نُصبنا سويَّة معه في شبهِ موته، هكذا أيضًا في قيامتِه نكونُ. 6ونحنُ عارفونَ أنَّ إنسانَنا العتيقَ صُلبَ معه ليُبطَلَ جسدُ الخطيئةِ لكي لا نَخدُمَ الخطيئةَ بعد. 7لأنَّ ذاك الذي ماتَ حُرِّرَ من الخطيئة. 8فإذا مُتنا مع المسيحِ نُؤمنُ أنَّنا مع المسيحِ نفسِه نحيا.

9ونحن عارفونَ أنَّ المسيحَ قامَ من بينِ الأموات، وهو غيرُ مائتٍ بعدُ ولا الموتُ مُتسلِّطٌ عليه. 10فإذ مات، للخطيئةِ ماتَ مرَّةً واحدة. وإذ هو حيٌّ، فهو حيٌّ لله. 11هكذا أنتم أيضًا، احسَبُوا أنفسَكم أنَّكم أمواتٌ للخطيئةِ وأحياءٌ لله بربِّنا يسوعَ المسيح. 12إذًا، لا تملكُ الخطيئةُ في جسدِكم الميت بحيثُ تُطيعونَ شهواتِه. 13وأنتم أيضًا لا تُعدُّون أعضاءكم (لتكونَ) سلاحَ إثمٍ للخطيئة، بل أعدُّوا أنفسَكم لله مثلَ أناسٍ من بينِ الأمواتِ حييتُم وأعضاؤكم سلاحًا تكونُ لبرِّ الله. 14فالخطيئةُ غيرُ مُتسلِّطةٍ عليكم، لأنَّكم لستم تحت الناموس، بل تحتَ النعمة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM