الروح في الليتورجيّا

 

الروح في الليتورجيّا

 

المعنى الأوَّل للفظ "ليتورجيّا" هو الخدمة العامَّة. وفي المسيحيَّة اتَّخذت معنى خاصًّا فتطلَّعت إلى ممارسة شعائر العبادة بشكل إجماليّ. ضمَّت الأسرار وسائر رتب البيعة ومختلف الصلوات الجماعيَّة. أمّا نحن فنتوقَّف عند الأسرار السبعة كما رتَّبتها الكنيسة في الشرق والغرب، ولو جُمع سرُّ التثبيت مع سرِّ المعموديَّة في الشرق مع المناولة في خطِّ ما كانت تفعله الكنيسة الأولى حين كان يأتيها طالبو العماد الآتون من العالم الوثنيّ. هم يدخلون في أسرار التنشئة الثلاثة: يعمَّدون، يثبَّتون، يتناولون جسد الربِّ ودمه.

في المعموديَّة، الروح القدس يأتي فيحوِّل المياه من أداة الشرِّ والموت إلى موضع الخير والحياة. فالروح الذي نزل على يسوع حين اعتمد في الأردنّ، ينزل على المعمَّد ويعطيه الحياة الجديدة: من لا يُولَد من الماء والروح لا يدخل ملكوت السماء. الماء يشير إلى الاغتسال والنظافة والطهارة. والروح هو الذي يجعلنا مولودين بالروح. ذاك ما يرويه سفر الأعمال حين كان بطرس يتكلَّم في بيت كورنيليوس: "نزل الروح القدس على جميع الذين يسمعون" (10: 44). حينئذٍ "تعجَّب أهل الختان حين رأوا أنَّ الله أفاض هبة الروح القدس.." (آ45).

ويروي سفر الأعمال أيضًا، بالنسبة إلى سرِّ التثبيت أنَّ فيلبُّس عمَّد أهل السامرة فأتى بطرس ويوحنّا "فصلَّيا لهم حتَّى ينالوا الروح القدس، لأنَّه ما كان نزل بعدُ على أحد منهم... فوضعا أيديهما عليهم فنالوا الروح القدس" (8: 14-17). وهكذا نالوا سرَّ التبيت. وهذا ما نفعل في الليتورجيّا إلى اليوم.

وفي القدَّاس الشرقيّ، نقول حالاً بعد "الكلام الجوهريّ" الذي هو بشكل خبر عمّا حصل مساء الجمعة العظيمة: "كلَّما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تصنعون ذكري حتَّى مجيئي". فتبقى دعوة الروح القدس: يا ربّ "ليأتِ روحك القدُّوس ويحلَّ على هذا القربان وليجعل هذا الخبز جسد المسيح وهذه الكأس دم المسيح ولتجعلنا هذه الأسرار نحن المشتركين فيها...".

ذاك هو موقع الروح. فهو "القدس". يعني "يقدِّس". يفصل ماء العماد عن الماء العاديَّة، وزيت الميرون عن سائر الزيوت، والخبز والخمر اللذين سيصبحان جسد المسيح ودمه، عن كلِّ خبز وخمر. هو يحوِّل الماء والزيت والخبز والخمر كما يحوِّل المؤمنين فيصبحون "قدِّيسين" لكي يستحقُّوا أن يقتربوا ويشتركوا في "الأقداس".

سفر الأعمال 10: 44-48

وإذْ كان سمعانُ مُتكلِّمًا هذه الكلماتِ، حلَّ الروحُ القدسُ على كلِّ الذين كانوا سامعينَ الكلمة. فاندهشَ الإخوةُ المختونون الذين أتَوا معه، وتعجَّبوا لأنَّ موهبةَ الروحِ القدسِ أُفيضَتْ أيضًا على الشعوب. فكانوا سامعينَهم مُتكلِّمينَ بلسانٍ ولسانٍ ومُعظِّمينَ الله. فقالَ سمعان: "أقادرٌ إنسانٌ أن يمنعَ الماءَ بحيثُ لا يَعتمدُ هؤلاء الذين قبِلوا الآنَ الروحَ القدسَ كما نحن؟"

حينئذٍ أمرَ لهم أن يَعتمِدوا باسمِ ربِّنا يسوعَ المسيح، وطلبوا منه أن يبقى عندَهم أيّامًا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM