روح الله والعظام اليابسة

 

روح الله والعظام اليابسة

 

مضى أبناء أورشليم ويهوذا إلى المنفى البابليّ سنة 586 ق.م. قيل لهم: ستعودون قريبًا. ولكن تأخَّرت عودتهم. فاعتبروا أنَّهم صاروا أمواتًا في أرض سبيِهم، وأنَّ لا خير يُرجى منهم بعد. بل شبَّهوا نفوسهم بعظام أضحت يابسة مع مرور الزمن. هو الإحباط واليأس في القلوب والضياع في المدى البعيد.

أيترك الربُّ شعبه في هذه الحال؟ كلاّ. قال حزقيال: "حلَّتْ عليَّ يد الربّ" (37: 1). قدرته فاعلة. وروحه عامل. "أخرجني ووضعني في وسط الوادي وهو ممتلئ عظامًا". رأى النبيُّ وتألَّم لألم شعبه. أتبقى الحال كما هي؟ كلاّ، بدون شكّ. وسأل الربُّ نبيَّه كما سوف يسأل يسوع تلاميذه قبل تكثير الأرغفة (يو 6: 7): ما رأيك، يا حزقيال؟ ما أجمل الحوار بين الله ونبيِّه! سأل الله فأجاب النبيُّ: أنت وحدك تعلم (آ3). وأُمر النبيُّ بأن يتنبَّأ. كلمة الله فاعلة. وحين يقولها النبيُّ تبقى فاعلة بالقوَّة التي فيها.

"هكذا قال السيِّد الربُّ لهذه العظام: "سأُدخل فيك روحًا فتحيين"." (آ5). ماذا؟ عادت الحياة إلى "عظام يابسة". ألا تعود إلى "قلوب يابسة" وما عاد فيها نبض حياة؟ بلى. يفعل الله، بروحه، في مرحلة أولى. هو يعمل بشكل تدريجيّ. كما الربُّ شفى أعمى بيت صيدا (مر 8: 22ي). في تدخُّل أوَّل قال: "أُبصرُ الناسَ كأشجار يمشون" (آ24). وفي تدخُّل ثان: "عاد صحيحًا وأبصر كلَّ إنسان جليًّا" (آ25).

تغطَّت العظام بالعصب واللحم، ونُفخ الروح (حز 37: 6). وتقاربت الأعضاء. وماذا ينقصها بعد؟ الروح، الحياة. فلا بدَّ أن يعمل النبيُّ طاعة لله: "تنبَّأْ للروح، يا ابن البشر (يا إنسانًا من الناس)، وقلْ للروح: هكذا قال السيِّد الربّ: تعال، أيُّها الروح، من الرياح الأربع، وهُبَّ في هؤلاء الموتى فيحيوا" (آ9). تكلّم النبيُّ "فقاموا على أرجلهم جيشًا عظيمًا جدًّا" (آ10).

ذاك ما فعل الروح في الماضي. وهو قادر أن يفعل الآن وفي كلِّ آن. ما هو ميت يحييه. ما هو يابس يرطِّبه. ما هو في ضياع يدلُّه على الطريق. وما هو مشتَّت يجمعه من الرياح الأربع فتكون الرعيَّة واحدة لراعٍ واحد هو يسوع المسيح.

 

 

نبوءة حزقيال 37: 1-10

وحلَّت عليَّ يد الربِّ، فأخرجني بالروحِ ووضعَني في وسَطِ الوادي وهو ممتلئٌ عظامًا، وقادَني بين العظامِ وحولَها، فإذا هي كثيرة جدًا على أرضِ الوادي ويابسةٌ تمامًا. فقال لي: "يا ابنَ البشر، أَتعودُ هذه العظامُ إلى الحياة؟" فقلتُ: "أيُّها السيِّدُ الربُّ أنتَ وحدَكَ تعلمُ." فقال لي: "تنبَّأ على هذه العظامِ وقُلْ لها: أيَّتها العظامُ اليابسةُ اسمَعي كلمةَ الربِّ: هكذا قال السيِّدُ الربُّ لهذه العظام: سأُدخلُ فيكِ روحًا فتَحيَين. أجعلُ عليكِ عصَبًا وأكسيكِ لحمًا وأَبسطُ عليك جِلدًا وأنفخُ فيك روحًا فتَحيَينَ وتعلمين أنِّي أنا هو الربّ."

فتنبَّأتُ كما أُمرتُ، وبينما كنت أتنبَّأُ سمعتُ بخشخشةٍ، فإذا العظامُ تتقاربُ، كلُّ عظمةٍ إلى عظمة، ورأيتُ العصَبَ واللحمَ عليها، والجلدَ فوقها. وما كان فيها روحٌ بعدُ. فقال الربُّ لي: "تنبَّأْ للروح، تنبَّأ يا ابنَ البشر، وقلْ للروحِ: هكذا قال السيِّدُ الربُّ: تعالَ أيُّها الروحُ من الرياح الأربع وهُبَّ في هؤلاء الموتى فيحيوا." فتنبَّأتُ كما أمرَني، فدخلَ فيهم الروحُ فحَيُوا وقاموا على أرجلِهم جيشًا عظيمًا جدًّا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM