مساكين الربّ هم حصَّة الربّ.

مساكين الربّ هم حصَّة الربّ

كانت أولى كلمات يسوع في العظة على الجبل: طوبى للمساكين بالروح فإنَّ لهم ملكوت السماوات. وتلتها آية ثانية: طوبى للودعاء، فإنَّهم يرثون الأرض (مت 5: 3، 5). من هم هؤلاء المساكين والمتواضعون والودعاء الذين وعدهم يسوع بالهناء والسعادة؟ إنَّهم مساكين الربِّ الذين سيستقبلون يسوع عندما يأتي إلى الأرض متجسِّدًا، وقد عرفنا منهم زكريّا وإليصابات اللذين كانا يعيشان حياة صالحة ويتبعان جميع أحكام الربِّ ووصاياه (لو 1: 6). وسمعان الشيخ وحنّة ابنة فنوئيل اللذين انتظرا المسيح في الهيكل متعبِّدين بالصوم والصلاة (لو 2: 25-38)، وخاصَّة مريم العذراء التي أنشدت فقالت تعظِّم نفسي الربّ لأنَّه نظر إلى أمته المسكينة الحقيرة المتواضعة (لو 1: 36-48).

أ‌-     وجود الفقراء والمساكين في شعب الله

1- يعتبر الكتاب المقدَّس أنَّ الفقر حالة لا يمكن الله أن يرضى عنها. لمّا جمع موسى الشعب في البرِّيَّة علَّمهم الحياة المشتركة وأعطاهم شعورًا واحدًا أمام الفرح والترح، أمام النجاح والفشل علَّمهم التضامن والأخوَّة فلا يكون فيما بينهم فقير (تث 15: 4) على مثال ما سيعيشه رسل يسوع فلا يكون بينهم محتاج (أع 4: 34)، لأنَّهم يجعلون كلَّ ما لديهم مشتركًا بينهم (أع 2: 45). خيرات الأرض هي للجميع. ولكنَّ الشعب سيترك هذا المثال عندما يدخل أرض كنعان. فأكل القويّ الضعيف والغنيّ الفقير والملك وعظماؤه الشعب فوصلوا بيتًا ببيت وقرنوا حقلاً بحقل كأنَّهم يريدون أن يسكنوا في الأرض وحدهم (إش 5: 8). هكذا فعل الملك آخاب بنابوت اليزرعيليّ عندما أخذ له كرمه ليوسِّع ساحات قصره (1 مل 21: 1ي).

عن هؤلاء يقول الربّ: بيدهم ميزان الغشّ وأحبّوا الظلم، وقالوا في نفوسهم: تعبنا فصرنا أغنياء وأصحاب ثروة، فأيُّ خطأ في ذلك (هو 12: 7-8)؟ ونسوا أنَّ وسائل غناهم غشٌّ في التجارة (عا 8: 5)، واغتصاب الحقول والبيوت (مي 2: 1-3)، وعدالة كاذبة تهمل حقَّ المسكين (عا 5: 7)، وعنف يفرغ قلوب المتملِّكين والمسؤولين من الرحمة والرأفة فيبيعون إخوتهم لأجل قليل من الفضَّة ويستعبدون المسكين لأجل حذاء (عا 2: 6-7).

هذه الحالة التي لا تطاق يندِّد بها الكتاب المقدَّس فنقرأ في سفر أيّوب (24: 2ي) عن الأشرار الذين يغيِّرون حدود الأرض ويسلبون قطيع الرعاة، الذين يأخذون حمار اليتيم ويرتهنون ثور الأرملة، ويطاردون المساكين فيختبئون... هؤلاء الأشرار يحصدون حقلاً ليس لهم ويقطنون الكرم اغتصابًا. ونسمع خاصَّة الأنبياء يرفعون الصوت. نسمع عاموس النبيّ (4: 1) يدافع عن الفقراء المظلومين والمساكين المنسحقين، وهوشع وميخا وإرميا (5: 23) يوبِّخون الذين لا يحكمون بالحقّ لليتيم والمسكين، ونسمع بخاصَّة صوت إيليّا يخاطب الملك آخاب الذي قتل نابوت ليستولي على كرمه "في الموضع الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضًا" (1 مل 21: 19).

2- كانت حالة الفقر منتشرة جدًّا في شعب إسرائيل، وكان الأغنياء أقلِّيَّة ضئيلة. الفقير هو من يرضّه الغنيّ ويدقّه ويحطِّمه ويكسره، الفقير هو الذليل والضعيف الذي يخضع ويتواضع أمام القويّ فيسهل انقياده. الفقير هو من لا يلتفت إليه أحد. الفقير هو العاني أي الخاضع والذليل، والمسكين المقهور. هكذا يصوِّر الكتاب الفقير في إسرائيل، ولكنَّه يعتبره حصَّة الله. فيقول سفر الأمثال (17: 5): من يهزأ بالفقير يهين الخالق، وسفر إشعيا (25: 4): أنت يا ربّ حصن للفقير، حصن للمسكين في ضيقه، وسفر المزامير (36: 11): عمّا قليل يزول الشرّير فتتبيَّن مكانه فلا يكون. أمّا المساكين (الودعاء) فيرثون الأرض ويتغنَّجون (في حضن الربّ) من كثيرة السلام.

في فترة من الفترات تأثَّر الشعب بما حوله من مدنيّات، فاعتبر أنَّ من يخاف الله يجد على أرض الأحياء الفرح والأمان والنور والبركة والسلام والخلاص. وظنَّ أنَّ الأشرار سيُقطعون سريعًا كأغصان الأشجار، ولكنَّ الحكيم لاحظ أنَّ أصحاب الفضيلة يعيشون في الفقر وأنَّ الأشرار يتمتَّعون بالغنى (أم 19: 1)، فوصل إلى الطريق المسدود مع أيّوب الذي يتألَّم في المرض والفقر رغم أنَّه بارٌّ يتَّقي الربّ. وسيحاجج إرميا الربُّ فيسأله: لماذا ينجح الأشرار، لماذا ينجح جميع العاملين بالغدر (12: 1)؟ هذه المسألة لن تجد حلاًّ لها إلاَّ في اليوم الأخير الذي يأتي فيه الربُّ فيجازي كلَّ إنسان على ما فعل. يجازي لا في هذه الدنيا بل في الآخرة. فالربُّ يصون حياة الأبرار (مز 36: 18)، يكون دائمًا معهم، يمسكهم بيده اليمنى، وإلى المجد يأخذهم بعد هذه الحياة (مز 72: 23-24).

وسيفهم الحكماء أنَّه إذا كان الفقر أمرًا لا بدَّ من التخلُّص منه، فالغنى الفاحش أمر غير مرغوب فيه، والمثال الذي يتوقون إليه هو حياة تتوسَّط الغنى المتطرِّف والفقر المدقع. يقول سفر الأمثال (30: 8-9): "لا تعطني فقرًا ولا غنى، بل أعطني من الخبز ما يكفيني، لئلاَّ أشبع وأكفر وأقول: من هو الربّ، أو لئلاَّ أفتقر وأسرق فأتهجَّم على اسم إلهي". ويفهم يشوع بن سيراخ (30: 14-15) أنَّ الفقير المتعافى والصحيح البنية خير من الغنيّ المنهوك بالأسقام، لأنَّ العافية وصحَّة البنية خير من كلِّ الذهب. ونفهم نحن كلام الربِّ يسوع: أعطنا من الخبز ما يكفي يومنا، فلا نهتمَّ للغد لأنَّ لكلِّ يوم من المتاعب ما يكفيه (مت 6: 11، 34).

ب‌-طوبى للمساكين لأنَّهم حصَّة الربّ

1- المسكين مولي الربّ بمعنى أنَّه يتَّخذه وليًّا يدبِّر له أموره. المسكين يسعى وراء الربّ، لا وراء الذهب (سي 3: 8). يعبد الربّ لا المال (مت 6: 24)، بمعنى أنَّه لا يكرِّس نفسه لجمعه وادِّخاره فيصير خادمًا له بدلاً من أن يستخدمه. هذا المسكين يفتح قلبه لله يتواضع أمامه. هو حاضر، جاهز مستعدٌّ لأنَّ لا شيء يعيقه، وأمواله الكثيرة لم تمنعه من اتِّباع يسوع (مت 19: 22).

وكما أنَّ كلمة "عبد" وما فيها من ذلٍّ اجتماعيّ اتَّخذت طابعًا روحيًّا فسُمّي مختار الله "عبد يهوه" وخادمه، كذلك اتّّخذت كلمة مسكين هذا المعنى الدينيّ لتدلَّ على التواضع أمام الربّ وعلى الانفتاح إلى نعمته. الربُّ يحطُّ المتكبِّرين ويرفع المتواضعين، الربُّ يهتمُّ بالعشّار والخاطئ الذي يعتبر نفسه محتاجًا إلى رحمة الربّ، ويترك الفرّيسيّ المترفِّع إلى بيته يعود دون رضاه (لو 18: 9-13). نحن ننظر إلى المساكين هذه النظرة الروحيَّة لأنَّ الربَّ نظر إليهم هكذا، لأنَّه نظر إلى تواضع (مريم العذراء) أمته فقالت: جميع الأجيال ستهنِّئني لأنَّ (الربّ) القدير صنع لي عظائم لأجل قداسته ورحمته (لو 1: 48-50).

في هذا السبيل نسمع كلام الأنبياء. فيتكلَّم حننيا (3: 11ي) عن الربِّ الذي يُبقي له شعبًا وديعًا فقيرًا يعرف أن يتَّكل على الربِّ ويعتصم به، ويطلب إشعيا (49: 13) إلى السماء والأرض والجبال أن ترنِّم لأنَّ الربَّ عزّى شعبه (بعد الشقاء) ورحم مساكينه، وهو الذي ينظر من عليائه إلى المسكين والبائس (إش 66: 2). فالمساكين هم الذين يخافون الربَّ ويتوكَّلون عليه، هم قدّيسوه وأبراره الذين يلتمسون وجهه، الربُّ قريب من الذين فقدوا كلَّ الأمل، وهو ينجّي الذين يرتجونه (مز 33: 1ي).

2- ما الذي يميِّز مساكين الربّ؟

يتميَّز مساكين الربّ بالاتِّكال الكامل على الربِّ وهم ينتظرون منه كلَّ شيء. كما يأمل العبيد بعطاء أسيادهم، وكما تأمل الجارية بعطاء سيِّدتها، كذلك نأمل نحن بالربِّ إلهنا حتّى يتحنَّن علينا (مز 123: 2). لا يستندون إلى أيِّ عون بشريّ، بل يسلِّمون أمورهم بالإيمان إلى الربّ. ما تكبَّر قلبهم ولا استعلت عيونهم ولا سلكوا طريق العظمة والإعجاب بنفوسهم، بل جعلوا رجاءهم في الربّ (مز 130: 1، 3). المسكين هو من يسمع كلمة الله بخوف ورعدة، يطيع أوامره، يتقبَّل عطاياه دون أن يخزى في المصائب لأنَّه ضعيف خاطئ. مثل هؤلاء المؤمنين يحبُّهم الله ويكشف لهم عن ذاته. قال يسوع في إنجيله (لو 10: 21): "أحمدك يا أبتِ ربَّ السماء والأرض، فقد حجبت هذا عن الحكماء والفهماء وكشفته للأطفال". وقالت القدّيسة تريز الطفل يسوع: كلَّما عظم فقرنا عظمت محبَّة يسوع لنا.

هؤلاء المساكين يؤلِّفون حركة دينيَّة وتيّارًا روحيًّا. فكما أنَّ للإشرار اجتماعاتهم وللساخرين مجالسهم (مز 1: 1) كذلك للأبرار مجالسهم يتذكَّرون فيها أعمال الربِّ وصنائعه ومعجزاته (مز 110: 1-4) يهزأ الأشرار بالأبرار ويقولون لهم: أين إلهكم؟ فيجيب الأبرار: إلهنا في السماء يصنع كلَّ ما يشاء، أمّا آلهتكم فذهب وفضَّة، لها أفواه ولا تتكلَّم، لها عيون ولا ترى (مز 113 القسم الثاني). هؤلاء المساكين يعتبرون نفسهم شعب الله الحقيقيّ الذين يرضى الله عنهم ويمجِّدهم بخلاصه (مز 149: 4). هم أصفياء الله الذين يطيب لهم أن يقيموا معًا كالإخوة (مز 132: 1). إنَّهم باكورة الذين يجتمعون باسم الربِّ فيكون الربُّ حاضرًا بينهم (مت 18: 20). إنَّهم باكورة الذين تركوا العالم ليعيشوا الحياة الرهبانيَّة. ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ. طوبى للمتَّكلين عليه (مز 33: 9).

هؤلاء المساكين عاشوا بالرجاء متطلِّعين إلى مجيء المسيح الذي يحمل الخلاص إلى شعبه. هم جماعة يتوقون إلى لقاء الربِّ لأنَّ الربَّ يحبُّهم. وهم ينتظرون ساعة مجيئه ليسيروا في ركابه شعبًا مسيحيًّا منه سيختار يسوع تلاميذه. كان انتظارهم طويلاً ولكنَّهم تغلَّبوا على خيبة الانتظار بسبب تأخُّر مجيء الربّ، فأنعشوا إيمانهم بصلاتهم المتواصلة واتِّكالهم على مواعيد الربّ. أحسّوا نفوسهم وكأنَّ ألسنتهم جفَّت من العطش، فكان جواب الربِّ إليهم: أنا الربُّ أستجيب لهم، أنا إله إسرائيل لا أخذلهم، أفتح الأنهار على الروابي، أجعل الصحراء غدير ماء (إش 41: 17-18). حينئذٍ يفرحون ويسرُّون (إش 29: 19) عندما يدخلون إلى المدينة المقدَّسة (إش 26: ...) صحبة المسيح الذي سيأتي، لا من جماعة العظماء والملوك، بل من هؤلاء المساكين الذين يسيرون على هدى كلام الأنبياء.

ج- المساكين يهيِّئون ملكوت الله

1- نودُّ أن نتوقَّف على بعض الوجوه التي تمثِّل بطريقة خاصَّة مساكين الربّ هؤلاء. نذكر الآباء الأوَّلين، إبراهيم وإسحق ويعقوب، الذين قبلوا أن يتخلُّوا عن أرضهم وعشيرتهم وقبيلتهم ولينطلقوا إلى حيث يدعوهم الربّ. نتطلَّع إلى إبراهيم الغريب في وطن وعده الله به فآمن بوعد الربِّ له، إلى إبراهيم الذي ينتظر من ساره ابنًا رغم أنَّ هذا الأمر يستحيل على البشر، إلى إبراهيم الذي يقدِّم ابنه للربِّ وهو متأكِّد أنَّ الربَّ يستطيع أن يحيي الأموات. نذكر موسى الذي كان مسكينًا جدًّا، وديعًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض (عد 12: 3). نذكر داود الذي أُخذ من وراء الغنم ليكون ملكًا على إسرائيل، الذي رفض أن يسكن بيتًا من أرز بينما يقيم الله تحت خيمة (2 صم 7: 2). فقال فيه الكتاب: اذكر يا ربُّ داود، اذكر تواضعه ووداعته (مز 131: 1).

ونذكر بخاصَّة النبيّ إرميا الذي حمل في جسده وقلبه آلام شعبه فعاش موقف المساكين الوضعاء. يدعوه الربُّ إلى خدمته فيتهرَّب لأنَّه يحسُّ بضعفه: لا أعرف أن أتكلَّم لأنّي صبيّ (1: 6)، ولكنَّه في ما بعد لن يرهب أحدًا بعد أن جعله الله مدينة حصينة وعمودًا من حديد (1: 18). لقد عرف إرميا أنَّ الأمانة للربّ تكلِّف الإنسان غالبًا وأنَّ خادم الله سيلقى الإهانة حتّى من أهله وأقاربه (12: 6). قال للربّ: فتنتني يا ربّ، أغويتني فانغويت، أمسكتني فكنتَ أقوى منّي (20: 7). ومع ذلك فهو يحسُّ بالفرح الداخليّ بعد أن بلغت كلمات الربِّ إلى أعماق قلبه (15: 16) وعرف أهمِّيَّة اتِّكاله على الربِّ في يوم السوء (17: 17). فاستخلص لتلاميذه عبرة من حياته: ويل للإنسان الذي يتوكَّل على البشر... مبارك الإنسان الذي يتوكَّل على الربِّ ويعتمد عليه (17: 25).

2- نذكر أيّوب الذي قاده الربُّ عبر المصائب والألم إلى تواضع عميق، والذي جرَّده من كلِّ ما يملك، حتّى من الثقة بذاته وبقداسة حياته، ليكشف له عن ذاته. سمعت بأذني ما يقال عنك. أمّا الآن فعيني قد رأتك، لذلك أتراجع عن كلامي وأتوب في التراب والرماد (أي 42: 5-6) ونذكر طوبيّا وساره اللذين عاشا وقت الأسر والضيق بحسب وصايا الله والاتِّكال عى عنايته. ونذكر أستير ويهوديت اللتين استفاد الله من حالتهما الوضيعة المسكينة وخلَّص شعبه بواسطتهما.

ونذكر أخيرًا مسيح الفقراء والمساكين الذي يحدِّثنا عنه كتاب إشعيا والذي نرى ملامحه كاملة في شخص يسوع المسيح. هو "عبد الله" الذي جعل الربُّ عليه روحه وأرسله إلى الأمم ليحمل إليهم العدالة والإنصاف (إش 42: 1). ومع أنَّ الربَّ كان له معينًا ونصيرًا، إلاَّ أنَّه لم ينجُ من الألم والإهانة. تقبَّل مصيره صامتًا فخضع لقاتليه حتّى الموت. هذا هو مصير "عبد الله" البارّ والمسكين الذي كان ذبيحة تكفير عن خطايا الشعب وتهب الخلاص لجميع الأمم. "عبد الله" هذا جعله الربُّ نورًا للأمم ليوصل الخلاص إلى أقاصي الأرض (إش 49: 6) لذلك أرسله بصورة خاصَّة ليبشِّر المساكين، ليعزّي النائحين والباكين، ليعلن أنَّ ساعة الخلاص قد حانت وأنَّ ملكوت السماوات قد اقترب (مت 4: 17).

د- يسوع المسيح

قال القدّيس بولس عن يسوع: "أنتم تعرفون نعمة ربِّنا يسوع المسيح: كيف افتقر لأجلكم وهو الغنيّ، لتغتنوا أنتم بفقره" (2 كو 8: 9). ويزيد في مكان آخر (في 2: 6-8): فمع أنَّه صورة الله لم يعدَّ مساواته لله غنيمة بل تجرَّد من ذاته واتَّخذ صورة العبد... تواضع وأطاع حتّى الموت، الموت على الصليب.

يسوع المسيح ولد فقيرًا في بيت لحم، ومات عريانًا مهانًا على الصليب. أحبَّ الفقراء وعاشر الخطأة والمرضى. اختار تلاميذه من بين ضعفاء القوم وطلب إليهم أن يتخلَّوا عن كلِّ شيء إن أرادوا أن يكونوا له تلاميذ (لو 14: 33). قال لأحد طالبي الكمال (مت 21): إذا أردت أن تكون كاملاً، فاذهب وبعْ ما تملكه ووزِّع ثمنه على الفقراء، فيكون لك كنز في السماوات، وتعال اتبعني.

هذا النداء الذي سمعه مساكين الربِّ خلال حياتهم اليوميَّة لا نزال نسمعه نحن اليوم فنتعلَّم الفضائل التي دعانا إليها يسوع في عظة الجبل: "طوبى للمساكين والمتواضعين، طوبى للودعاء والحزانى، طوبى للرحماء والمساكين فإنَّ لهم ملكوت السماوات".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM