تقديم

دراسات بيبلية -46-

إطلالات على العهد القديم

*******************

الخوري بولس الفعالي

دكتور في الفلسفة واللاهوت

دكتورفي الكتاب المقدس في اللغات الشرقية

***************

الرابطة الكتابية

طبعة أولى- 2012-

تقديم

أعلنت الكنيسة سنة 2011-2012 سنة الكتاب المقدَّس. وتوالت النشاطات في كلِّ مجال. صدر أوَّلاً الكتاب المقدَّس، قراءة رعائيَّة و«طارت» نسخاته في وقت سريع جدًّا. وطلب الأساقفة ستِّين ألف نسخة من الكتاب المقدَّس، ترجمة مشتركة، وُزِّعت في الرعايا. هذا عدا الكتيِّبات التي طُبعت هنا وهناك.

واجتمعت الرعايا في مراكز قدّمت المحاضرات في الكتاب المقدَّس. وفي نهاية الدراسة التي امتدَّت على اثنتي عشرة حلقة أعطيَتْ شهادة للذين داوموا طوال هذا الوقت. الرياضات وُعظت حول إنجيل من الأناجيل، متّى أو يوحنّا... هذا عدا اجتماعات الكهنة الشهريَّة أو الراهبات والرهبان في الأديرة. وكان للتلفزيون حصَّة كبيرة ولاسيَّما تلي لوميار حيث دُرسَت أسفار عديدة من العهد القديم بدءًا بما يُسمَّى الأنبياء الصغار.

وكان لنا أن نصبَّ اهتمامنا الكتابيّ على أسفار العهد القديم. في مجلَّة حياتنا الليتورجيَّة، كُتبت مواضيع عن سفر المزامير في معانيها ورموزها من أجل التأمُّل والصلاة. وفي مجلَّة الرعيَّة، كلَّ شهر، قرأنا سفرًا من الأسفار المقدَّسة بحيث كانت نظرة سريعة للمؤمنين في ما يتعلَّق بقسم من البيبليا ما زال الكثيرون يجهلونه.

وما اكتفينا بلبنان، بل رحنا إلى العالم العربيّ: في فلسطين، مجلَّة السلام والخير. وفي العراق، الفكر المسيحيّ. وكدنا ننسى المجلَّة الكهنوتيَّة والمسرَّة والمنارة، والنشرة بالإضافة إلى مكتبة الإسكندريَّة.

حصاد واسع في هذه السنة الكتابيَّة، هو لا يحلُّ محلَّ التفاسير الكتابيَّة في العهدين القديم والجديد، ولكنَّه يفتح آفاقًا جديدة، سريعة، موجزة. لهذا دعونا الكتاب: إطلالات على العهد القديم. نستطيع أن ندعوها «مقدِّمات» لدراسة أوسع يمكن القيام بها. أو «مقبَّلات» تفتح شهيَّتنا للجلوس إلى مائدة الكلمة. ففي نداء البطاركة والأساقفة والمهتمِّين بنشر كلمة الله، سمعنا كلام النبيّ عاموس: «هوذا تأتي أيَّام، يقول الربُّ القدير، أنِّي أرسل مجاعة في الأرض. لا جوعًا إلى الخبز، ولا عطشًا للماء، بل لاستماع كلمة الربّ. فيجولون من بحر إلى بحر، ومن الشمال إلى المشرق. يمضون وهم يتعثَّرون ليطلبوا كلمة الربّ فلا يجدونها» (عا 8: 11-12). وفَهم الشعبُ بشكل خاصّ كم يضيِّع وقته في عبادات سريعة واحتفالات تبقينا على جوعنا فنطلب غيرها ونطلب ولا نشبع ويروح في قراءات «تقويَّة» لا تحمل شيئًا من التقوى، بل هي تدغدغ العاطفة وتملأ القلوب من الخوف والرعب تجاه الله، والقلق في مسيرة الحياة. وفهم الشعب أيضاً كلام إرميا النبيّ حيث يتألَّم الله من شعبه: «اندهشي، أيَّتها السماوات، من هذا. اقشعرِّي وتحيَّري جدًّا، يقول الربُّ. لأنَّ شعبي عمل شرَّين: تركوني أنا ينبوع الماء الحيّ، واحتفروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا مشقَّقة لا تضبط ماء» (إر 2: 12-13).

إلى متى نبقى ضاعين، نحن أبناء هذه الكنائس الشرقيَّة! أما حان الوقت لكي نتعرَّف إلى كتبنا المقدَّسة؟ ولماذا نطلب من الآتين من الخارج أن يعلِّمونا كيف نقرأ كتبًا دُوِّنت في أرضنا وفي لغاتنا؟ لا شكّ. تأخَّرنا وتأخَّرنا كثيرًا، وسبقَنا أهل الغرب وخصوصًا الغرب الأميركيّ بابتداعاتهم وضلالهم. ولكنَّ المهمّ أنَّنا وعينا ونوعي الآخرين. فنمضي إلى الماء الحيّ الذي وعد به الربُّ المرأة السامريَّة. نمتلئ نحن من حضور الربِّ ونستعدُّ لنعطي جوابًا للذين يسألوننا عن الرجاء الذي فينا.

من أجل هذا كانت إطلالات في العهد القديم. وقد يأتي غيرها إن شاء الله. فالكلمة ينبوع يفيض لي ولك ولكلِّ المؤمنين. فلا يبقى لنا سوى النداء الذي تطلقه الحكمة الإلهيَّة: «هلمُّوا كلوا من طعامي، واشربوا من الخمر التي مزجتُ».

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM