20- نسمع صوت الله 2: 5-6

20- نسمع صوت الله

2: 5-6

نسمع صوت الله، هذا هو عنوان حديثنا اليوم، ونحن نتطلع إلى كهنوت يسوع المسيح. ولماذا نسمع صوت الله؟ لأنه يدعونا للدخول إلى بيت الله، إلى ذاك الذي رافق الشعب العبراني في البريّة. كانت خيمة الله وسط خيامهم، والخيام حول تلك الخيمة التي يجلس فيها موسى ويأتي إليه الناس. يسألونه فيعطيهم الجواب باسم الله. يذكّرهم بالوصايا وبالواجبات. ونحن اليوم يدعونا الكاهن الأوحد، الكاهن الأعظم، يسوع المسيح. وبفمه يدعوننا الكهنةُ الذين اختارهم الله، الذين دعاهم بالدعوة المقدسة. هم يقولون لنا: اليوم إذا سمتعم صوت الله. نريد يا رب اليوم أن نسمع  صوتك بين الأصوات البشرية. هم إخوة لنا، نعرف ضعفَهم وخطيئتهم ومحدوديتهم، ومع ذلك أنت تكلمنا بواسطتهم كما سبق وتكلمت إلى الشعب الأول بواسطة موسى، بواسطة إرميا، هوشع، عاموس، وغيرهم من الأنبياء.

لم يكن الشعب راضياً عما يقوله إشعيا أو إرميا، ولكن كلامك يا رب ليس بالكلام السهل الذي يدعونا إلى حديقة فيها الأزهار والأثمار. كلمتك يا رب صعبة. قلت لنا: الباب ضيّق. إذا أردتم أن تدخلوا الحياة، تدخلون في الباب الضيق. الباب الواسع الجميع يدخلون فيه. طريقتنا صعبة، صاعدة، لأن الطريق المنحدرة لا تحتاج إلى التعب الكثير. كلا. فهي كالمياه تجري نحو الوادي ونحو البحر. أما طريقك فصعبة، ونحن نعرفها خصوصاً حين صعدت إلى الجلجلة، وطلبت من سمعان أن يحمل الصليب ويسير وراءك. وقلت لنا: من أراد أن يتبعني يحمل صليبه كل يوم ويتبعني. لا في يوم من الأيام نتحمّس فيه بالسرعة ونتراجع. كلا. نحمل صليبنا كل يوم. هذا يعني الاستماع إلى صوتك يا رب، الإصغاء، لا بالأذن فقط. مرات عديدة يدخل الصوت إلى الأذن ويخرج من الأذن، لأن القلب ليس مستعداً لأن يفهم، لأن يريد، لأن يعمل. نسمعُ صوتك يا رب في أعماق قلوبنا، فيحرّك فينا الانطلاقة نحوك.

ونقرأ أحبائي الرسالة إلى العبرانيين الفصل 2 آية 7 وما يلي:

"لذلك كما يقول الروح القدس: اليوم إذا سمعتم صوت الله، فلا تقسّوا قلوبكم كما فعلتم يوم العصيان يوم التجربة في الصحراء.

"لذلك". مع هذه الاداه "لذلك" يتبدّل كل شيء. هي نتيجة. عرفتم أحبائي الفرق بين موسى ويسوع. موسى هو الخادم، ويسوع هو الابن. موسى هو بعض البيت، ويسوع هو الذي بنى البيت. بما أننا عرفنا هذا الواقع، ماذا ننتظر لنستعد فنقف تجاه الروح القدس. نعم الروح القدس هو الذي يواصل عمل الابن. قال يسوع لتلاميذه بعد العشاء السري: لم أقل لكم كل شيء، لأنكم لا تستطيعون أن تحتملوا ولكن عندما يأتي الروح، المعزّي في الحزن، المشجّع في اليأس، عندما يأتي الروح القدس الذي يكمّل ما قلته لكم، عندما يأتي الروح القدس، فهو يعلمكم كل شيء. وهكذا نستعد لكي نصغي بكل ما لنا إلى كلام الروح القدس.

وأين تكلم الروح القدس؟ في العهد القديم. نعم، العهد القديم العهد الأول، هو كلام الله، شأنُه شأنُ الإنجيل ورسائل القديس بولس وأعمال الرسل وغيرها من العهد الجديد. نعم الروح القدس هو الذي تكلم في الأباء ابراهيم، اسحاق، ويعقوب، في الأنبياء إشعيا، إرميا وغيرهم. وتكلم في الحكماء، بل تكلَّم في كل آياء الكتاب المقدس، من سفر التكوين حتى آخر الأنبياء ثم وصولاً إلى سفر الرؤيا. الروح القدس قال لنا: "في البدء خلق الله السماوات والأرض"، هو فعل إيمان. لا أحد يستطيع، لا أحد بإمكانه أن يقول هذا الفعل الإيماني، بدون الروح القدس. فالإنسان يرى العالم موجوداً، إذا لم يُخلَق أحد. هو موجود وخلص. ونحن على هذه الأرض، من خلقنا؟ ويدرس العلماء ويعودون بالذاكرة إلى مليون سنة، مليار سنة عشرة مليار السنين. العالم هو هنا. من أين أتى؟ لا نريد أن نطرح السؤال: وإذا قلتم: من خلق العالم، نقول لكم: من خلق الله؟

لا شك. كل هذا كلام بشري. وحده الروحُ القدس يعلّمنا الكلام الإلهي، يعلّمنا كلام الإيمان: في البدء خلق الله السماوات والأرض. نعم هذا هو فعل الإيمان الذي يعلمنا إياه الروح القدس، وهو الذي كتب الكتاب المقدس كله من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا. لا شك استعان بأيدٍ بشرية، استعان بأفواه بشرية، إستعان بالجلد والرق والورق. هي أمور بشرية. ولكن الكاتب من البداية إلى النهاية، هو الروح القدس. نعم هو الذي قال لنا: في البدء خلق الله السماوات والأرض. هذا التعليم السامي لا يمكن أن يأتي من الناس.

ويومَ كان داود يمتلك الزوجة بعد الزوجة، وسليمان يبني الموضع بعد الموضع لأميراته وزوجاته، قال الكتاب: "يترك الرجل أباه وأمه ويتحد بإمرأته ويكون الإثنان جسداً واحداً". هذا ما يعلّمه الكتاب المقدس في ما نسميه العهد العتيق قبل الانجيل والعهد الجديد. فما نسميه العهد الأول مع موسى يقف تجاه العهد الثاني مع يسوع الذي هو العهد الثاني الأبدي. يقول الروح القدس. نعم الروح، القدس يكلمنا في المزامير، في اشعيا، في ارميا، في سفر الأمثال، في يشوع ابن سيراخ وهنا يكلّمنا في المزمور: اليوم إذا سمعتم صوته. إذاً يكلمنا اليوم في المزمور، ونحن لا نسمع صوته بعد سنة أو سنتين. كلاّ. اليوم، وكل يوم هو اليوم ، كل يوم نسمع صوت الله، كل يوم يدعونا الله. عند الرب الماضي مضى، والمستقبل ليس في أيدينا. وفي أي حال، من يقول لنا إذا كنا نعيش غداً أو بعد غدٍ؟ نحن اليوم نسمع صوت الله، نحن اليوم نلبّي مشيئة الله، نحن اليوم ننطلق كما يدعونا الله.

ذاك ما كان عليه ابراهيم. كل مرة يقوم باكراً. لما مضى إلى جبل موريا من أجل الذبيحة، قام باكراً. نعم، اليوم الرب يطلب، واليوم نحن نلبّي صوته، نعمل مشيئته. وكلّ تأخير يكون على حساب حياتنا، على حساب نموّنا. ويتابع المزمور 95 الذي ورد في الرسالة إلى العبرانيين: "اليوم إذا سمعتم صوت الله". هناك "اذا". هل هذه "إذا" آتية من عند الله؟ يعني يمكن أن يتكلم الله أو لا يتكلم. كلا هالإذا هي من عندنا. يعني إذا كنتم مستعدين أن تسمعوا صوت الله، إذا كنتم مستعدين أن تفتحوا أذانكم. نعم. حين يحدّثنا سفر الرؤيا يقول باسم يسوع المسيح: ها أنا واقف على الباب أقرعه، نعم الرب كل يوم يأتي إلى الباب، إلى بيتنا إلى قلبنا، يقرعه هو يدق الباب ويتابع الطريق. "إذا سمع أحد صوتي". نعم مرات عديدة لا نريد أن نسمع، لأن السماع يفرض علينا الطاعة والعمل. ذاك ما حصل مثلاً للملك أحاز لما جاءه أشعيا وقال له: "أطلب من الرب. قال الملك: أنا لا أطلب. لماذا رفض أن يطلب؟ لأنه خاف على نفسه إن هو طلب أن يطلب منه. الله لأن الرب لا يحدّث أحداً من أجل جمال وجهه أو شخصيته أو علمه أو ماله. كلا. الله يحدث كل انسان لكي يرسله في رسالة. نعم كل واحد منا هو رسول الله، الله يرسله في رسالة.

"ها أنا واقف على الباب أقرعه إذا سمع أحد صوتي" هنيئاً لنا إن سمعنا صوت الرب! هنيئاً لنا إذا عرفنا أن هذا ولكن الصوت صوت الرب! مرات لا سمح الله، يكون هذا الصوت صوت المجرب. المؤمن يعرف صوت الله، يميز صوت الله بين الأصوات. نعم.

"إذا سمع أحد صوتي" لا أي صوت كان. هناك أصوات عديدة تطرق آذاننا، تطرق قلوبنا، تطرق بيوتنا. إذا سمع أحد صوتي، يقول يسوع. الراعي يعرف خرافه وخرافه تعرفه. إذا ناداها الراعي تعرف صوته، فلا تخلط بين صوت الراعي وصوت الأجير بين صوت الراعي وصوت الذئب الذي يأتي ليُهلك الخراف. إذا سمع أحد صوتي. والخطوة الثانية: وفتح لي الباب. نعم يمكن أن نسمع صوت الرب، أن يتحرك فينا الشوق، ولكن نُبقي الباب مغلقاً، لا نفتح لهذا الشحاذ، لهذا المتسول، لله ذاته الذي يأتي ليطلب منا حسنة: أعطني قلبك. يمكن أن ترفض مثل عروس نشيد الأناشيد. جاء عريسها في الليل. هو ابن الله. قال لها: رأسي بلّله الندى. هو الليل. افتحي لي، يا خليلتي، يا يمامتي، أجابت باعتذار بسيط تافه: خلعتُ ثوبي فكيف ألبسُه، غسلت رجليَّ فكيف أوسّخهما. يا للتفاهة، يا للاحتقار للرب الآتي إلينا. وماذا فعل الرب؟ هل حطّم الباب؟ كلا. هل صرخ بصوت عال؟ كلا. صوت الرب ناعم جداً. بل هو صمت كما اكتشفه إيليا على جبل حوريب. لم يصرخ الله لم يرفع صوته حتى يسمع الجميع. هو يكلّمنا في أعماق قلوبنا، كما الأم تكلم ابنها، تدغدغه. نعم. "افتحي لي، يا حبيبتي، يا يمامتي. فأجابت: "غسلتُ رجليّ فكيف أوسّخهما. وماذا كانت النتيجة؟ مضى الحبيب وراح. نعم وكانت الخسارة كبيرة. مثل ذاك الحبيس الذي لم يعرف أن يجلس في قلاّيته. مرّ الرب عليه، لم يكن ذاك الحبيس حيث اعتاد الرب أن يأتي مرّ الرب ومرّ. أما ذلك الحبيس فلم يعرف أن يستقبله. وهذا ما نراه أيضاً في تلك الدعوة التي دعانا إليها يسوع، إلى الوليمة. هذا اعتذر: اشتريت بقرة وذلك: اشتريت أرضاً. وثالث: تزوجت. دائماً اعذارُنا كثيرة، ولكنها واهية، كأننا لا يمكن أن نؤجلها كل شيء يوجل كرامة للرب.

ومن يرفض أن يسمع، ومن يرفض أن يطيع؟ يقول لنا المزمور: "فلا تقسّوا قلوبكم". نعم، القلب القاسي مثل الصخر القاسي. هل نستطيع أن نزرع فيه؟ كلا. هل نستطيع أن نجعل فيه الماء؟ كلا. لا يمكن أن ينبت فيه أي شيء أبداً. هو صوان، هو رافض أن يسمع، أن يطيع، أن يعمل. لا تقسّوا قلوبكم. ذاك كان وضع الفرعون: قسّى قلبه مرة بعد مرة. وسفر الخروج هو أبعد من الصور. والضربات التي يمكن أن تحل بمصر هي في الأساس نداء الرب، ونداؤه مرة بعد مرة علّ الإنسان يعود إليه بالتوبة. الله يتصرّف كالقوي، لا لكي يحطمنا، بل ليعود بنا إلى ذواتنا، إلى التوبة. هذا ما يريده الله منا. هو ما أراد أن يحطم الفرعون، بل دعوه إلى التوبة، أن يترك أصنامه. ويعرف أن لا إله الا الإله الواحد. الصنم يحطّ الإنسان، ينزله لا إلى مستوى الأرض، بل إلى أسفل الأرض، يجعله يعبد الحجر، يعبد الخشب، يعبد البشر كأن البشر يستطيعون أن يخلصوه. كلا. قسوا قلوبهم. هم قساة القلوب. أنت يا رب، تعال إلى قلوبنا، حوّلها، حطّمها، لا تسمح أن تبقى كالصخر الذي لا شيء يهزّه. اجعلنا أرضاً طيبة، أرضاً صالحة، تتقبّل بذار كلمتك، فتعطي ثلاثين وستين ومئة حبّة.

ها هي قلوبنا أمامك يا ربّ، خذها كما هي، اجعلها متقبّلة لصوتك، متقبّلة لندائاتك ولنعمك. أنت يا رب حياتنا، أنت قوتنا، أنت انتظارنا، لك المجد إلى الأبد. آمين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM