الفصل التاسع عشر التقليد الإشتراعي وسفر التثنية

الفصل التاسع عشر

التقليد الإشتراعي وسفر التثنية

نسمّي التقليد الإشتراعي ذاك المستند بصورة خاصة إلى سفر التثنية بما فيه من حرارة في تقديم الشرائع وفي التحريض على حياة أخلاقية ترضي اللُّه.
هناك كتابات في زمن الملوك لم تُحفظ لنا. مثلاً، حوليات (أخبار) ملوك يهوذا التي كانت المرجع الأول لتدوين كتاب الملوك. وفي تلك الحقبة الملكية، ولا سيما بعد سقوط السامرة، دُمج التاريخ اليهوهي مع التاريخ الالوهيمي في كتاب واحد. كما ظهر سفر تثنية الإشتراع الذي هو قراءة ثالثة لأصول الشعب العبراني. شدّد التقليد اليهوهي على البركة، والتقليد الالوهيمي على المخافة. وسيشدّد التقليد الإشتراعي على العهد. هناك ميثاق واتفاق بين الله وشعبه. وظهرت أولى أقسام التقليد الكهنوتي مع ما يسمّى شريعة القداسة. شدّد هذا التقليد على كلمة الله الفاعلة في التاريخ وفي الكون.
أما أهم الكتابات، فهي التي تحدّثنا عن أعمال الأنبياء وحياتهم، وتورد لنا أقوالهم: من أشعيا إلى ميخا وناحوم، من إرميا إلى صفنيا وحبقوق. غير أن هذه الكتابات لن تأخذ شكلها النهائي إلا في زمن المنفى (587- 538)، بل بعد ذلك الزمن.

أ- دمج اليهوهي والالوهيمي
كان التاريخ اليهوهي أول شميلة لأصول الشعب العبراني، وقد بدأ يتكوّن في زمن سليمان. ثم تكوّنت في مملكة الشمال قراءة ثانية للأحداث المؤسِّسة للشعب. فحين دمرّت مملكة إسرائيل، هرب بعض الناس الذين أفلتوا من القتل والسبي، إلى يهوذا، إلى أورشليم، وحملوا معهم "الوثيقة" الالوهيمية. في ذلك الوقت، قام الملك حزقيا بإصلاح وطني وديني، واهتمّ بكل ما يذكّر الشعب بوحدة الشمال والجنوب حول أورشليم، حول سلالة داود والهيكل. وبدأ الكتبة بدمج المرجعَين اليهوهي والالوهيمي، ليدلّوا على الوحدة المرتجاة. نحن هنا أمام فرضية معقولة (هناك فرضية حديثة تلغي وجود التفليد الالوهيمي كلياً).
كانت عملية الدمج دقيقة. حافظ "المدوِّن" قدر المستطاع على وثائقه وميزاتها. وقد حصل له أن أورد نسختين للخبر الواحد. مثلاً، حين أخذت ساره وأعطيت لملك مصر (تك 12: 10- 20، تقليد يهوهي)، أو أعطيت لملك جرار (تك 20، تقليد الوهيمي). كما حصل له أن دمج نصين في خبر واحد. مثلأ خبر دعوة موسى (خر 3) الذي درسناه في فصل سابق. وكان تنافر وتناقض بين النصوص. قام بالدمج كاتب من أورشليم، فجعل اليهوهي يسيطر على الالوهيمي، بل جعله بعض المرات يذوب فيه.
قدّم هذا النص الجديد للمؤمنين شميلة تألّفت من التقاليد الأساسية في الشمال والجنوب. فكوّن قاعدة الإيمان لجماعة تألّفت من اليهوذاويين واللاجئين إلى أورشليم من مملكة إسرائيل.

ب- سفر التثنية أو تثنية الإشتراع
هذه قراءة ثالثة لأحداث تأسيس الشعب العبراني.
ظل التاريخ الماضي، ولا سيما أحداث الخروج، ينبوع إلهام لشعب الله. فجعل منها غذاءه في كل مراحل وجوده، وأوّنها وكيّفها حسب حاجاته. هذا ما نجده في سفر التثنية الذي سيدخل التاريخ فجأة فيكون له تأثير كبير في الشعب.

1- "وجدت كتاب الشريعة" (2 مل 22: 8)
حين كان العمال يقومون ببعض الإصلاحات في الهيكل، إكتشف الكاهن العظيم كتاباً سمّي "كتاب الشريعة" أو "كتاب العهد". قرأه على يوشيا فتأثر به. وأكدت النبيّة حلده قيمة هذه الوثيقة. هذا ما يرويه 2 مل 22. وفي الفصل التالي نقرأ خبر إصلاح يوشيا الذي أزال كل المعابد على حساب هيكل أورشليم. حصل هذا في السنة الثامنة عشرة لملكه أي سنة 622 ق. م.
بما أن التشابهات كبيرة بين الإصلاح الذي يصوّره 2 مل 23 والفرائض الموجودة في سفر التثنية، إعتبر الشرّاح أن الكتاب الذي اكتُشف سنة 622 هو سفر التثنية بشكله القديم (تضمّن فقط ف 5- 26 و28). أما سفر التثنية كله، كما ندرسه الآن، فهو يعود إلى ما بعد المنفى، وقد أعيدت قراءته على مراحل عديدة.

2- وجه الكتاب
يبدو تث كأنه كلمات موسى الأخيرة قبل موته. خرج الشعب من مصر ووصل إلى عتبة أرض الميعاد، إلى بلاد موآب، تجاه أريحا (تث 1: 5). فلم يبقَ له إلاّ أن يعبر الأردن. أما موسى فلن يدخل إلى أرض الميعاد، بل سيموت في بلاد موآب (تث 34) ولكنه سيُعطي، قبل موته، تعليماته الأخيرة. يخطب في الشعب فيذكّره بأحداث الخارج، بواجب الأمانة للّه، ويقدّم فرائض تساعد الشعب على الحياة حين يدخل إلى أرض كنعان.
يرى تث أن هذه القواعد أو "الشرائع" قد أعطاها الله لموسى حين توقّف الشعب في سيناء. حصل العبرانيون فقط على الوصايا العشر (تث 24:5- 27). أما موسى فحصل على وحي إضافي. وها قد جاء الوقت ليعرّفهم مجمل إرادة الله فيهم. نحن هنا أمام "شريعة ثانية". من هنا إسم الكتاب: تثنية الإشتراع.
ما يلفت نظرنا في هذه النصوص هو أسلوب كله حرارة، يَرِد بشكل إحتفالي. نحسّ كأن الكاتب يريد أن يقنع، يفسّر، يقدّم البواعث. إنه يذهب إلى جوهر الأمور لا إلى قشورها. هناك عبارات تعود دوماً: إسمع، يا إسرائيل... إحفظ الوصايا والشرائع والأحكام... الرب الهك... الأرض التي أقسم اللّه أن يعطيها لآبائك.. الموضع الذي اختاره الله ليجعل فيه اسمه... أحب الربّ إلهك واعبده بكل قلبك وكل نفسك...

3- قصة الكتاب
قصة تث قصة متشعبّة. إليك كيف يمكن أن نعيد بناءها. أصول الكتاب هي في الشمال. فأفكاره وعباراته قريبة مما نجد في التقليد الالوهيمي وعند النبي هوشع: تشديد واحد على سفر الخروج، على العهد، إهتمامات إجتماعية وأخلاقية واحدة. وقد يكون هناك تلميح إلى أعياد تُقام في شكيم (تث 27: 1- 13). وُلد هذا الكتاب في محيط اللاويين، أي في محيط الأشخاص العاملين لدى المعابد، والذين كانوا يمارسون التعليم خلال اجتماعات الشعب المحتفل بأعياده.
بعد سنة 721، لجأ عدد كبير من اللاويين إلى يهوذا، وساندوا إصلاح حزقيا. ولكنهم إنتقلوا إلى المعارضة في أيام خلفه منسّى. وصمتوا ليدلّوا على رفضهم، وأخفوا مجموعة تعاليمهم في الهيكل، قرب تابوت العهد، حسابا عادة ذلك الزمان. في سنة 622، كشف الكاهن العظيم عن هذا الكتاب الذي صار فى دستور إصلاح يوشيا. وبعد سنة 622، جُعلت زيادة على النص الأولاني ليتكيّف والظروف والحاجات الراهنة. كفل بعد المنفى، ثم أدخل في البنتاتوكس فصار الكتاب الخامس في أسفار شريعة موسى.
نرى في سفر التثنية موسى يخطب في الشعب. هذا يدلّ على أن اللاويين عادوا بتعليمهم إلى موسى، واعتبروا نفوسهم إمتداداً له. وحين جعلوا كل كلمات الكتاب في فم موسى، توخهوا إلى معاصريهم فأعطوا هذه الكلمات الوزن الذي تستحقّه.

4- بنية عهد وميثاق
حين كان فريقان في الشرق القديم يعقدان عهداً، كانا يقومان باحتفال. يشدّد على خطورة الإلتزامات المأخوذة على عاتق الإثنين. تُشطر الحيوانات شطرين وتُتلى لعنات ضد من يتجاوز بنود الأتفاق، ويُقام حجر يكون شاهداً؛ ويشارك الفريقان في وليمة واحدة، وتُتلى البركة على من يحفظ الإتفاق، والويل على من لا يحافظ بنوده.
كان الإتفاق بين متساويين، أو بين تابع ومتبوع. فالقوّي يتعهدّ يحماية الضعيف، والضعيف يلتزم بخدمة القويّ. هكذا تصوّر "كاتب" تث العلاقات بين إسرائيل والرب.
كان التقليدان اليهوهي والالوهيمي قد استعملا هذه الخبرة السياسية للعهد، ليتكلّما عن أحداث سيناء. ولكن تث وسّع هذه الخبرة، فجعل فكرة العهد تجتاز الكتاب كله، بشكل نُجمله بما يلي: الرب إله إسرائيل، وإسرائيل هو شعب الرب. قُطع العهد في سيناء (سماه تث: حوريب)، ولكنه تجدّد وتوضّح في أرض الموعد. هذا هو "العهد في أرض موآب" (تث 28: 29).
دؤن الكتاب كله بشكل وثيقة عهد مع بنية نميّز فيها الأمور التالية:
* تذكير تاريخي (ف 1- 11). إستعاد موسى الأحداث التي فيها كشف الله عن نفسه أنه الإله الواحد الوحيد لإسرائيل. ودعا الشعب إلى الأمانة.
* شرائع الرب (12: 1- 26: 15). هذه هي بنود العهد. الرب يمنح العون والحماية شرط أن يحافظ الشعب على هذه الشرائع.
* التزام متبادل (26: 16- 19). يلتزم كل من الفريقين بالنسبة إلى الآخر.
* الإحتفال بالعهد (27: 1- 30: 18). يُذكر هنا عيد العهد كما كانوا يحتفلون به في شكيم. وتفضّل البركات إن كان الشعب أميناً، واللعنات إن كان الشعب خائناً. نلاحظ أن اللعنات موسّعة أكثر من البركات، لأن الإطار التاريخي الذي دوّنت فيه هو كارثة أورشليم سنة 587.
* دعوة الشهود (30: 19- 20). كل ميثاق هو عمل علني وخطير. فهو يتمّ أمام الشهود. كان الآلهة هم الشهود لدى الوثنيين. أما شهود العهد بين الرب وشعبه فهم "السماء والأرض".
* تبدو ف 31- 34 بشكل ملحق (وداع موسى وموته).

5- لماذا هذه القراءة الجديدة
كان اليهوهي والالوهيمي قد "دوّن"، الأخبار والشرائع التي تؤسّس دعوة شعب الله. لماذا احتاج أصحاب تث العودة إلى هذه الأخبار؟ الجواب: لأنهم عاشوا في وقت تعرّض الشعب لخسارة دعوته، بل لخسارة وجوده كشعب.
فقد اعتبر اللاويون الذين شهدوا دمار السامرة سنة 721، كما اعتبر تلاميذهم العائشون في القرن السابع في يهوذا، إعتبروا أن لا سبب للشقاء الذي حلّ بالبلاد إلا التخليّ عن العهد مع الله، على حساب عهود أخرى وسند آخر. ويوضحون تحليلهم فيؤكّدون أن تعدّد أماكن العبادة مع طقوسها الوثنية هو السبب المباشر لهذا التخلّي. فاقترحوا حلاً يقوم بأن تُزال كل معابد الريف، وتتركّز شعائر العبادة كلها في هيكل أورشليم. بما أن الخطب وُضعت في فم موسى، لم يُذكر إسم أورشليم، بل تحدّث الكاتب عن "الموضع الذي اختاره الرب ليجعل فيه اسمه". بما أن إله الخروج هو وحده حليف الشعب، فليس هناك إلا موضع واحد فيه يُعبد وطريقة واحدة بها يكرّسهم. إذن، لا بدّ من رفض الشرك وعبادة الأوثان.
والتخليّ عن الرب كان السبب أيضاً في الجور وإستغلال الآخرين والإمتناع عن التعاون. فاقترح تث سلسلة من الإجراءات الإجتماعية ليعيد بناء الأخوّة والعدالة واحترام المساكين وحمايتهم. تستند هذه الإجراءات إلى شرائع قديمة نجدها خصوصا في "دستور العهد" (خر 20: 24- 23: 19)، وقد كيّفها الكاتب حسب الوضع المعاصر.
مثلاً، نجد رغبة في الحدّ من سلطة الملك الذي يجب أن يكون أخاً للجميع (تث 17: 14- 20). والمديون الذي لا يستطيع أن يفي والذي يُباع عبداً، يجب أن يحرَّر في السنة السابعة وتوفى كل ديونه (ف 15). والعريس لا ينفصل عن عروسه ليذهب إلى الحرب (24: 5). والفئات الضعيفة في المجتمع، أي اللاوي والغريب واليتيم والأرملة، تحقّ لهم حماية خاصة. وصارت العدالة شخصية، وكل إنسان مسؤولاً عن أعماله. فلا عقوبات جماعية تُفرض على البنين الأبرياء بسبب خطايا آبائهم (ق تث 7: 9- 10 مع خر 20: 5- 6).

6- محبة الله
ما اكتفى تث بأن يقول ما يجب أن نفعل أو لا نفعل. بل قال: إن القضية هي قضية محبة. سفر التثنية هو كتاب حب الله، وهو يشبه إنجيل يوحنا. أحبّ الله شعبه، فعلى الشعب أن يحبّ ربه.
دلّ الله في التاريخ أنه يحبّ شعبه. وقد بدأ هذا الحب بالوعد للآباء. واختيار الشعب كان فعل حب، كان مجانياً. ما اختار الله الآباء لأنهم كانوا شعباً كبيراً ومهماً، بل لأنهم كانوا صغاراً ومضطهدين (7: 7- 8؛ 9: 6). البرهان اكبر لحب الله هو التحرير من العبودية والأحداث التي تلت هذا التحرير.
وحين كشف الله عن عهده ووصاياه في حوريب، إلتزم شخصياً تجاه هذا الشعب. أخرجه من عالم الديانات الوثنية، وعلّمه ما يجب أن يعمل بحيث صار "شعباً حكيماً عاقلاً" (4: 6). وخلال العبور في البريّة، دلّ اللّه على أنه قريب من شعبه، فاهتمّ بلباس السائرين في الطريق وبنعالهم (8: 4). وحين امتحنهم كان يؤدّبهم كما يؤدّب الأب أبناءه (8: 5). وفي ساعات الأزمة والخطيئة أعطاهم متشفعاً في شخص موسى (10: 10). أخيراً، شكلّت عطية أرض المعياد التحقيق الكامل للمواعيد القديمة.
والجواب الذي يقابل هذا الحبّ، هو حبّ الشعب لربّه: "إسمع يا إسرائيل! الرب إلهنا هو الرب الواحد. فأحبّ الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك" (6: 5). وعلى الشعب أن يتعرّف إلى الرب وإلى عمله في تاريخه لكي يستطيع أن يحبّه بهذا المقدار (7: 9). وهنا يلعب موضوع التذكّر دوراً كبيراً، لأن المحبة لله تتغذّى من تذكار الأحداث المؤسِّسة التي لا تخسر من قيمتها على مرّ العصور (4: 9).
كل سنة، في عيد القطاف، يتذكّر الشعب أعمال اللّه العظيمة فيتلو فعل إيمان يبدأ بهذه الكلمات: "كان أبي أرامياً تائهاً..." (تث 26: 5- 9). ويدلّ الشعب على حبّه بصورة ملموسة، فيجعل متطلّبات العهد فاعلة في حياته. هنا يشدّد تث على ضرورة سماع وحفظ وممارسة "الفرئض والشرائع وأحكام الرب والعمل بها". فممارسة الوصايا هي ينبوع سعادة وبركة، وهي قبل كل شيء جواب المؤمن إلى من أحبّه أولاً.
هنا نستطيع أن نقرأ النص الأساسي عن محبة الله (ف 6)، وما قيل عن تربية الرب لشعبه في البرية، وعن فخاخ أرض الموعد (ف 8). هناك شريعة تركّز أعمال العبادة قي هيكل أورشليم (ف 12)، وأخرى تتحدّث عن العفو عن الديون وتحرير العبيد (ف 15)، وثالثة عن العدالة والرفق في معاملة القريب (ف 24). وأخيراً نقرأ "النؤمن التاريخي" (ف 26) الذي يروي قصة الشعب مع ربّه منذ البداية.

ج- شريعة القداسة (لا 17- 26)
تبدو شريعة القداسة بشكل خطبة يوجّهها موسى بأمر الله إلى شعب إسرائيل. في الواقع، قد ألّفها كهنة أورشليم الذين جمعوا فرائض وعادات تتعلّق بصورة خاصة بالعبادة والكهنوت. ألّف هذا الكتيب، على ما يبدو، في أيام آخر ملوك يهوذا، ولكن جاءته زيادات بعد المنفى (هناك تلميحات في ف 26).
بين شريعة القداسة وسفر التثنية نقاط مشتركة. فهي تبدأ مثل الدستور الإشتراعي، مع شريعة تركيز العبادة في أورشليم. كل حيوان يذبح عند مدخل خيمة الإجتماع (خباء المحضر أو اللقاء)، أي في هيكل أورشليم (لا 17: 4)، وتنتهي شريعة القداسة باللعنات والبركات (لا 26)، كما في تث فتدلّ على عناصر قطع العهد. ولكن العهد يُعاش هنا أولاً في شعائر العبادة.
حين نتجوّل في هذه الفصول المختلفة، نجد قواعد حول احترام الدم "لأنه حياة" (17: 15- 16)، وحول إحترام الإتحاد الزواجي (ف 18 و20). يتجاوز ف 19 الوجهة العبادية ويهتمّ بالأمور الإجتماعية. فنجد وصايا تفرض علينا إحترام القريب ولا سيما الغريب والعامل والمعاق، بل تفرض محبّة القريب (19: 18).
ويحدّد ف 21- 22 واجبات الكهنة، وف 23 طريقة الإحتفال بالأعياد. ويتضمن ف 25 تشريعاً أصيلاً حول "الروزنامة السبتية" وسنة "اليوبيل". السنة السابعة هي سنة مقدّسة. لا يشتغل الإنسان الأرض فيدلّ على أنها تخصّ الله (25: 1- 7). وكل خمسين سنة هي سنة يوبيلية فيها يحُرّر العبيد وتُعاد الأراضي إلى أصحابها الذين أجبروا أن يتخلّوا عنها (25: 8- 54). وهذه الشريعة الأخيرة التي تدل على روح التضامن والمساواة وسط الشعب ظلّت حبراً على ورق، فلم تطبّق أبداً.
والفكرة التي تشرف على عمل كل هذه الشرائع هي فكرة القداسة: "كونوا قديسين لأني أنا الرب الهكم قدوس" (19: 2). الله هو قدوس، يعني أنه يختلف عن كل ما يستطيع الإنسان أن يعرفه أو يتصوّره. حرّيته تامّة. وفي الوقت عينه، إن إله العهد يريد أن ينقل قداسته إلى شعبه. إنه "يقدّس" شعبه (20: 8). وعلى الشعب من جهته أن "يتقدّس" (7:25) فيهاب الله دمارادته في شعائر العبادة، بل في كل حياته

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM