الفصل الثالث: شر يعتي هي المسيح

الفصل الثالث

شر يعتي هي المسيح

حين كان بولس الرسول ماضيًا إلى دمشق »ليعتقل الرجال والنساء الذين يجدهم هناك على مذهب الرب« (أع 9: 2)، كان همُّه تنفيذ الشريعة والعمل بموجبها. فالشريعة هي حياته كلُّها، ولأجلها يستعدُّ أن يضحّي بحياته،  على مثال ما فعل الشهداء المكابيّون حين اضطهدهم أنطيوخس الرابع أبيفانيوس، فقالوا: »نحن نموت ولا نحيد عن شريعة آبائنا« (2 مك 7: 2). ولكنَّ الصدمة التي حصلت له حين سمع صوت الربِّ يدعوه باسمه ويقول له: »أنا يسوع الذي تضطهده« (أع 9: 5) بدَّل نظرته من طرف إلى طرف. لم تعد الشريعة الأساس، بل يسوع المسيح، فهتف: »حياتي هي المسيح وإن متُّ فذلك ربحٌ لي« (فل 1: 21). ولمّا كانت المفاضلة بين العالم اليهوديّ المفتخر بشريعته والعالم الأمميّ الذي شريعته »مكتوبة في القلوب« (رو 2: 15)، أعلن الرسول: »شريعتي هي المسيح« (1 كو 9: 21)، ولها وحدها أخضع. عن الشريعة نتكلَّم فنكتشف ضعفها وعجزها عن إعطاء الحياة. ونفهم أنَّها طريق مسدودة لأنَّها لا تقود إلى الخلاص. فيبقى عملُ النعمة. وفي النهاية، إن تحرَّر المؤمنُ من الشريعة فهو لا يزال يواجه الخطيئة، بحيث يهتف الرسول »من ينجّيني من جسد الموت هذا؟ (رو 7: 24). ويكون الجواب: »أنا بالعقل أخضع لشريعة الله، وبالجسد (وباللحم والدم) لشريعة الخطيئة« (آ25).

1. الشريعة العاجزة

نبدأ فنفهم أنَّ العهد الأوَّل يرى في الشريعة ركنًا من الأركان الجوهريَّة في تقليد العهد. وهبها الله وما فرضها، فأرادها عهد حياة بحيث يكون الشعب »مملكة كهنة وأمَّة مقدَّسة للرب« (خر 19: 6). الشريعة نداء، وهي تنتظر جواب الإيمان، والاستماع إلى الصوت الإلهيّ، وطاعة نعبِّر عنها في لقاء يوميّ: »تكون هذه الكلمات في قلوبكم« (تث 6: 6).

ولكنْ للشريعة معنيان. هي تقابل الكتب المقدَّسة بمجملها (رو 3: 19-20)، وبشكل خاصّ الأسفار الخمسة. ذاك هو معنى لفظ التوراة في اللغة العربيَّة. والمعنى الثاني يقول: الشريعة هي قاعدة حياة. هنا نقرأ كلام الرسول: »المرأة المتزوِّجة تربطها الشريعةُ بالرجل ما دام حيٌّا، فإذا مات تحرَّرت من رباط الشريعة هذه« (رو 7: 2). هذه الشريعة تحيلنا إلى التدبير التوراتيّ حول علاقة الله مع شعبه على ما نقرأ في الرسالة إلى رومة: »غاية الشريعة هي المسيح الذي به يتبرَّر كلُّ مؤمن« (رو 10: 4). هذا يعني أنَّ الشريعة عاجزة في هذا المجال. في الشريعة نجد الفرائض العباديَّة والطقوسيَّة، التي وقع فيها الغلاطيّون فقال لهم الرسول: »تراعون الأيّام والشهور والفصول والسنين! أخافُ أن أكون تعبتُ عبثًا من أجلكم« (غل 4: 10-11). كما نجد المتطلِّبات الخلقيَّة في وصايا بلغ عددها 613 وصيَّة.

وإذ يتحدَّث الرسول عن الشريعة كقاعدة حياة، فهو يتوقَّف بشكل خاصّ عند الختان الذي يدلُّ على الانتماء إلى شعب الله، وبالتالي الحصول على الخلاص. يكفي أن يكون الإنسان يهوديٌّا، لكي يكون نقيٌّا، طاهرًا. لهذا يبقى بعيدًا عن عابدي الأوثان الذين هم نجسون، ولا ينبغي أن نقترب منهم ولا نلمسهم ولا نأكل معهم. مثل هذا الموقف رفضه بولس فقال: »الويل والعذاب لكلِّ إنسان يعمل الشرَّ من اليهود أوَّلاً ومن اليونانيّين. والمجد والكرامة والسلام لكلِّ من يعمل الخير من اليهود أوَّلاً ، ثمَّ اليونانيّين« (رو 2: 9-10).

هنا تبدو الشريعة على أنَّها تلخِّص الوصايا العشر. فلا يكفي أن نسمعها ونعرفها غيبًا، بل ينبغي أن نعمل بها. فنتذكَّر كلام الربّ: »ليس من يقول لي: يا ربّ، يا ربّ، يدخل ملكوت السماوات، بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السماوات« (مت 7: 21). والرسول يقول هنا: »ليس الذين يسمعون كلام الشريعة هم الأبرار عند الله، بل الذين يعملون بأحكام الشريعة هم الذين يتبرَّرون« (رو 2: 13). ونلتقي هنا مع المرأة الكنعانيَّة التي جُعلت »بين الكلاب« لأنَّها وثنيَّة. مع أنَّها ابنة إبراهيم حين قال لها يسوع: »إيمانك عظيم، أيَّتها المرأة. فليكن لك ما تريدين« (مت 15: 28).

أمّا إذا اعتبر اليهوديّ أنَّ ممارسة الختان والحفاظ على الأطعمة الطاهرة يكفيان من أجل التبرير، فهو مخطئ جدٌّا. لأنَّ »العمل بأحكام الشريعة لا يبرِّر أحدًا عند الله« (رو 3: 20أ). فالشريعة وُضعت »لمعرفة الخطيئة« (آ20ب). وهي أعطيَت فقط لليهود »الذين هم في حكم الشريعة« (آ19). فلا يمكن أن تفرض على كلِّ إنسان. في هذا الإطار تكلَّم بطرس في »مجمع أورشليم«، قال: »لماذا تجرِّبون الله بأن تضعوا على رقاب التلاميذ نيرًا عجز آباؤنا وعجزنا نحن (= اليهود) عن حمله؟ خصوصًا ونحن نؤمن أنَّنا نخلص بنعمة الربِّ يسوع كما هم (الوثنيّون) يخلصون«. نعمة الربِّ هي التي تحمل الخلاص، لا الشريعة التي بدت ضعيفة، بل بدت كأنَّها »خطيئة« (رو 7: 7). قال بولس: »ما عرفتُ الخطيئة إلاَّ بالشريعة. فلولا قولها لي: لا تشتهِ، ما عرفتُ الخطيئة. ولكن الخطيئة وجَدَت في هذه الوصيَّة فرصة لتثير فيَّ كلَّ شهوة، لأنَّ الخطيئة بلا شريعة ميتة. كنتُ أحيا من قبل بلا شريعة، فلمّا جاءت الوصيَّة، عاشت الخطيئة ومتُّ أنا. فإذا بالوصيَّة التي هي للحياة، قادتني أنا إلى الموت« (رو 7: 7-10).

ولماذا حصل للإنسان ما حصل؟ لأنَّ الشريعة جاءت تطلب من الإنسان ما لا يقدر أن يحمله. ما أعطته القوَّة، بل ما بدَّلت حياته من الداخل بحيث تصبح الوصيَّة ثمرة طبيعة الإنسان الجديد، الذي وُلد ثانية على ما قال الربُّ لنيقوديمس (يو 3: 3). فأنا المريض زاد مرضي. وأنا الضعيف زاد ضعفي. والشريعة ما استطاعت أن تفعل لي شيئًا. فما الفائدة منها؟ لا شيء. ولا سيَّما إذا لبثت ممارسة خارجيَّة. وما قاله بولس لليهوديّ يقدر أن يقوله للمسيحيّ ولكلِّ مؤمن: الممارسة الخارجيَّة تبقى في الخارج: »هذا الشعب يكرِّمني بشفتيه، وأمّا قلبُه فبعيدٌ عنّي« (إش 29: 13). ويقول إشعيا أيضًا: »صومُكم هذا لا يُسمّى صومًا، ولا يومًا يرضى به الربّ. فالصوم الذي أريده هو أن تحلَّ قيود الظلم« (إش 58: 5-6). فما يبرِّر الإنسان هو الإيمان الذي هو استسلام لله في تجاوب باطنيّ لا نكتفي فيه بأن نمزِّق ثيابنا، بل قلوبنا.

2. من الشريعة إلى نعمة الإيمان

ويطرح بولس السؤال: »هل الشريعة »شرّيرة« لا سمح الله؟ والجواب هو كلاّ ثمَّ كلاّ. قال: الشريعة ذاتها مقدَّسة، والوصيَّة مقدَّسة وعادلة وصالحة« (رو 7: 12). وأضاف: »نحن نعرف أنَّ الشريعة روحيَّة« (آ14). ولكن لماذا »تحوَّل« ما هو صالح فيَّ؟ »لأنَّ الخطيئة تذرَّعت بالصالح فعملت لموتي حتّى تظهر أنَّها خطيئة، وتذرَّعت بالوصيَّة حتّى تبلغ أقصى حدود الخطيئة« (آ13).

فالسبب ليس في الشريعة، ولكن في الإنسان الذي »بيع عبدًا للخطيئة« (آ14). غير أنَّ الشريعة ما استطاعت أن تساعده، فبدت ثقيلة عليه. لهذا احتاج إلى النعمة. والشريعة لا تستطيع بعدُ أن تكون قدرة خلاص فاعلة لأنَّها لبثت خارجيَّة. إن هي عملت فعملها يبقى خارجيٌّا، كما أنَّها تجعل اليهوديّ يفتخر ويبقى على مستوى الافتخار ساعة الأمميّ (الآتي من الأمم الوثنيَّة) يستطيع أن يقول: »قُطعَتْ تلك الفروع حتّى أطعَّم أنا« (رو 11: 19). وهذه »الفروع« تدلُّ على مؤمني العهد الأوَّل. ولماذا »قُطعوا«؟ لعدم إيمانهم (آ20).

حسبَ اليهود أنَّهم يتبرَّرون بالشريعة، فوجب عليهم العودة إلى الإيمان الذي به يلتصق المؤمن بالله ويتقبَّل حبَّه كما تجلّى في يسوع المسيح: فهو وحده يقوم بملء العمل الخلاصيّ. هنا نقرأ نصٌّا طويلاً من الرسالة إلى رومة (3: 21ي)  مع تقابل بين الشريعة والنعمة:

21    ولكن الآن ظهر كيف يبرِّرُ الله البشر من دون الشريعة كما تشهد له الشريعةُ والأنبياء

22    فهو يبرِّرهم بالإيمان بيسوع المسيح،

ولا فرق بين البشر

23    فهم كلُّهم خطئوا وحُرموا مجد الله

24    ولكنَّ الله برَّرهم مجّانًا بنعمته

28    فنحن نعتقد أنَّ الإنسان يتبرَّر بالإيمان

لا بالعمل بأحكام الشريعة.

ويطرح بولس السؤال: بعد اليوم، بماذا نفتخر؟ أبالأعمال؟ والجواب: كلاّ. بل بالإيمان (آ27) وفي الخطِّ عينه نقرأ ما قاله الرسول إلى الغلاطيّين (2: 16):

ولكنَّنا نعرف أنَّ الله لا يبرِّر الإنسان لأنَّه يعمل بأحكام الشريعة، بل لأنَّه يؤمن بيسوع المسيح.

ولذلك آمنّا بالمسيح يسوع ليبرِّرنا الإيمانُ بيسوع المسيح،

لا العملُ بأحكام الشريعة

فالإنسان لا يتبرَّر لعمله بأحكام الشريعة.

ويعود الرسول إلى نبوءة حبقوق فيقول في غل 3: 11:

واضحٌ أنَّ ما من انسان يتبرَّر عند الله بالشريعة،

لأنَّ »البارّ بالإيمان يحيا« (حب 2: 4).

ويأتي التحذير في الرسالة عينها: »والذين منكم يطلبون أن يتبرَّروا بالشريعة، يقطعون كلَّ صلة لهم بالمسيح ويسقطون عن النعمة« (غل 5 4). إلى من يتحدَّث الرسول؟ إلى كلِّ »من اختُتن«. فإذا أراد ذاك أن يكون صادقًا مع ختانه، يلزمه »العملُ بأحكام الشريعة كلِّها« (آ3). وإن سقط في وصيَّة واحدة كان وكأنَّه سقط في جميع الوصايا. من أجل هذا يكون إبراهيم أبو المؤمنين مثالاً لنا. ونقرأ رو 4: 13ي:

13    فالوعدُ الذي وعده الله إبراهيم ونسلَه بأن يرث العالم،

لا يعود إلى الشريعة،

بل إلى إيمانه الذي برَّره.

14    فلو اقتصر الميراث على أهل الشريعة،

لكان الإيمان عبثًا والوعدُ باطلاً.

3. الشريعة والخطيئة

ما يكون وضعُ الشريعة في زمن النعمة؟ هل يعني أنَّ الشريعة أُلغيَت؟ كلاّ. فالشريعة التي هي مجموعة الوحي الذي قدَّمه الله، لا يمكن أن تُلغى. بل تبقى حاضرة لأنَّها تتضمَّن أحكام الله ومتطلِّباته. وهي تحتفظ بمكانتها بقدر ما يتحدَّد موقعها في علاقتها بالإيمان بالمسيح الذي هو أساس التدبير الخلاصيّ الجديد. لهذا قال الرسول: »هل يعني هذا أنَّنا نُبطل الشريعة بالإيمان؟ كلاّ. بل نُثبت الشريعة« (رو 3: 31).

ولكن مع ذلك، لبث الرسول »يقتلع« الشريعة التي تحسب نفسها حاملة الخلاص. فزمنُ الشريعة هو زمن الخطيئة، وعالم الموت. وهذا العالم يتواصل حتّى زمن المسيح، آدم الجديد. ولهذا نقرأ: »جاءت الشريعة فكثُرت الخطيئة« (رو 5: 20). فجاء المسيح لكي »يفتدي الذين هم في حكم الشريعة« (غل 4: 5). وهكذا »لا يكون للخطيئة سلطان عليكم (أيُّها المؤمنون) بعد الآن، فما أنتم في حكم الشريعة بل في حكم النعمة« (رو 6: 14). »وحيث كثرت الخطيئة فاضت النعمة، حتّى إنَّه كما سادت الخطيئة للموت، تسود النعمة التي تبرِّرُنا بربِّنا يسوع المسيح للحياة الأبديَّة« (رو 5: 20-21).

إذا كنّا تبرَّرنا في يسوع المسيح، هل غابت الخطيئة؟ كلاّ. بل هي حاضرة. والمؤمن يختبر كلَّ يوم المواجهة مع الخطيئة. لا شكَّ في أنَّه تحرَّر من الشريعة التي »ماتت« على صليب يسوع، كما المرأة تتحرَّر من زوجها بعد وفاته. وكما هي تتعلَّق برجل آخر، كذلك المؤمن يموت بشكل سرّيٍّ عن الشريعة الموسويَّة فيكون للمسيح ويعيش في نظام الروح. »أنتم أيُّها الإخوة، مُتُّم عن الشريعة بجسد المسيح لتصيروا إلى آخر، إلى الذي قام من بين الأموات« (رو 7: 4). ويواصل بولس كلامه: »ولكنَّنا الآن تحرَّرنا من الشريعة لأنَّنا مُتنا عمّا كان يقيِّدنا« (آ6).

تحرَّرنا من الشريعة. ولكنَّنا ما تحرَّرنا من الخطيئة. هي حاضرة وتفعل فينا، ممّا يجعل الرسول لا يفهم ماذا يعمل. هو لا يحبُّ الشرّ ومع ذلك فهو يعمله. وهو يحبُّ الخير ومع ذلك فهو لا يعمله. إذا كان هو من لا يعمل، فمن يعمل إذًا؟ يقول: »الخطيئة التي تسكن في« (آ17). يبقى على الإنسان أن يعتبر أن جهاده  لم ينتهِ. لهذا يقول الرسول: »من هو واقف يحذر أن يسقط«.

جاء المخلِّص فما عاد شعبُ الله خاضعًا للشريعة، لذلك »المؤدِّب« (غل 3: 25) الذي يُبقي كلَّ واحد قاصرًا. جاء المخلِّص فحرَّر الإنسان من الخطيئة. نحن متنا عن الخطيئة ولا نحيا فيها بعدُ (رو 6: 1). بل نسلك في حياة جديدة (آ4). انتهى ذاك النظام الموقَّت حين وصلت الشريعة إلى غايتها، إلى المسيح، لأنَّه أبلغ المؤمنين إلى برِّ الإيمان (رو 10: 6). فماذا نقول؟ أما هناك بعدُ من قاعدة حياة للذين آمنوا بالمسيح؟ بلا. هي المحبَّة. حيث قال الرسول: »من أحبَّ غيره أتمَّ العمل بالشريعة« (رو 13: 8). وهذا المثالُ الخلقيّ الذي يلخِّص جميع الوصايا (آ9) يتجلّى في حضور المسيح الذي يحقِّقه في حياته. صار »شريعة المسيح« (غل 6: 2)، فما عاد خارج الإنسان، بعد أن حفره الروح القدس في قلوبنا حين أفاض فيها المحبَّة (رو 5: 5).

الخاتمة

تلك كانت مسيرتنا في رفقة القدّيس بولس وهو يكلِّمنا في رسائله عن الشريعة. عرف عجزها وضعفها، ورأى إخوته في الجسد »منفصلين عن المسيح« مع أنَّ لهم »المجد والعهود والشريعة« (رو 9: 4). قُطعوا من تلك الزيتونة لأنَّهم فضَّلوا القيام بأعمال الشريعة على الإيمان بيسوع المسيح. فالشريعة ارتبطت بالخطيئة، لا بما أنَّها شريعة، بل لأنَّ الإنسان يعيش عبوديَّة الخطيئة. ولكن بالمسيح تحرَّرنا من الشريعة بعد أن ماتت الشريعة، وتحرَّرنا من الخطيئة ومن الإنسان القديم الذي »صُلب مع المسيح حين يزول سلطان الخطيئة... فلا نبقى عبيدًا للخطيئة« (رو 6: 6). فلا يبقى لنا سوى أن نقول: »الحمد لله بربِّنا يسوع المسيح« (رو 7: 25).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM