الميمر الرابع: إخوتي انتهت أيّامي.

الميمر الرابع

إخوتي انتهت أيّامي[1]

 

انتهت أيّامي

يا إخوتي، رأيتُ أنَّ أيّامي انتهت

وطارت أزمنةُ أوقاتي

وأسرع وأتى الذين يقودونني

مثل صيّادين نشطاء.

5      وإذ عرفتُ أنّي أمضي،

ووثقتُ أنّي أنتقل

من موضع أُقيم فيه

إلى موضع آخر مخفيٍّ عنّي

كان لي تفكُّرٌ لكي بالكلمات

10     أكتبُ عهدَ الألم.

وبواسطة الحبر والدواة

أرسل الكلمات التي تليق

من الميراث الذي يقتنيه إنسان،

منه يأخذ الوارثون.

15     وأنا ممَّا اقتنيت

ومن الوزنات التي تسلَّمتُ

منها أُعطي وأقسم

الميراث لكلِّ إنسان ما له.

قبل أن يأتي الواهب

20     فيحاسب على الوزنات التي في يدي

تاجرتُ كما استطعتُ

المساعدة من النفوس

وبلغ زمن الحصاد

فجُمعت مثل السنابل.

25     بلغ زمنُ القطاف

فحُملت مثل عفر (العنب)

 

صلّوا لأجلي

فأقول لأحبابي

وأومئ للذين عرفوني

أن يُصلُّوا كما في الآلام

30     من أجلي لأنّي بالآلام حلفتُ

لئلاَّ أكون هناك زؤانًا (مت 13: 24ي)

بعد أن دُعيتُ هنا حنطة

ولا أكون عنقود خرّوب

بعد أن أُسقيت الندى مع العنب (إش 5: 1ي).

35     ولا ينطفئ هناك قنديلي

ولا ينقص الزيت في سراجي (مت 25: 1ي).

ولا ألبس الثياب القذرة.

قدّام الجماعات المتَّشحة بالنور (مت 22: 12ي)

ها أنا أخرج لأنتقل

40     من هذا المسكن الزمنيّ

ولا أعود إليكم

ووجوهَكم لن أرى

كما قال أيّوب البارّ

على مزبلة الضيقات (أي 2: 8).

45     كلُّ رجل ينزل إلى الشيول (مثوى الأموات)

ولا يقدر أن يعود إلى بيته (أي 7: 10).

ولا يعرف موضعه

ومن سباته لا ينتفض.

تنحلُّ السماوات والأرض

50     وحينئذٍ يستيقظ الراقدون

من فراش الشيول الصامت.

حيث ارتاحت أجسادُهم واضطجعت.

فالتاجر الذي انتقل، فكَّر

متى يعودُ إلى مسكنه.

55     والفلاّح الذي زرع يتطلَّع

وينتظر متى يحصد.

فأنا أعرفُ، يا إخوتي،

حتّى يوم الانبعاث،

لا تعود النفس إلى الجسد

60     ولا تتزيَّن بأعضائها[2].

 

لا تحزنوا

لا تحزنوا عليَّ لأنّي ذهبتُ

فمن صغائري نجوتُ

عونٌ كبيرٌ للخاطئ

أن يغتنم لأيّام حياته.

65     فلا يُكثر الخسارات

ولا يجد المكاسب.

ما أمرَّ ساعة الموت

الذي يفصل الأخَ عن أخيه

والأحبّاء عن رفاقهم

70     والآباء عن أولادهم،

والرعاة من عرّابيهم،

والتلاميذ من معلِّميهم.

تلميذًا كنتُ وساجدًا

لكلِّ أسيادي وآبائي.

75     اذكروني في الصلاة

ساعةَ القدسُ ينشقُّ.

فإن صنعتُ النقائص كلَّها

فما خلطتُ النقيصة بحقيقتي.

ولا زرعتُ الزؤان

80     في حقلة الإيمان.

ولا وضعتُ الأدناسَ

في بشارة المسيح الملك.

ما ارثيت كلَّ أيّامي

بهذه القوَّة الثلاثيَّة[3]،

85     ولا تفكَّرت بوقاحة

على ذاك الذي اقتادني وأتقنَ.

ما "بصصتُ" في الآب بوجداني

ولا حجبتُ الابن بعقلي

ولا دفعني تفكُّري الفارغ

90     أن أرتاب بالروح القدس.

فأنا أحذر من أن أتطلَّع

في أسمائهم الثلاثة

وأنا ساجد كما يليق

للآب والابن والروح القدس.

95     لكم، يا إخوتي، أقول،

ولكلِّ الجمع القائم

في الله الذي فصلني.

أقسم لكم بحسرة:

حين تقومون للصلاة

100   اذكروني فيما بينكم.

وصلُّوا واطلبوا من ربِّنا

أن يتحنَّن عليَّ في يوم مجيئه.

وأن يغفر بحنانه

الخطايا التي صنعتُ قدّامه.

 

اذهب، يا أخانا، ولا تحزن

105   اذهب يا أخانا، لا تحزن[4]

لأنَّ الموت فصلك عنّا

لأنَّ ربَّنا الذي أخذك من عندنا

يسكنك في النور مع الأبرار

فإخوتك الذين رقدوا قبلك

110   وأخوتك الذين سبقوا وتعرَّفوا

يتطلَّعون إليك في أجواقهم

وينتظرونك في راتبهم

لتمضي فتحتلط بينهم

وترتَّل التسبحة في جموعهم.

115   فمك الذي سكت وصمت

من الخدمة التي بيننا.

يرتِّل التسبحة ولا يسكت

في خدمة الروحانيّين

ألحان ترتيلك

120   ونغمات قيثارة صوتك

الذي ارتاح وسكت من بين مراتبنا.

ها هو في أجواق أبناء العلاء

التي اختلطت ورتَّلت التسابيح

في جموع اللهيب المشتعلة.

125   رجلاك التي بَطلتْ من بيت

ربِّك الذي فصلك عنّا

تمسكان الرقص والفرح

في بيت السكن الأبديّ

فرحًا وحزنًا صنع لنا

130   يومُ انفصالك عنّا

الحزن لأنَّك انفصلتَ عنّا

والفرح لأنَّك مع الروحانيّين

في جنان النور تلتذُّ

في الملكوت الأبديّ.

135   ها أنت تختلط مع القدّيسين

في سكّان أرفع من القنوط.

حين رأينا أنَّك لست عندنا

لبسنا الألم والحزن.

وحين فكَّرنا أنَّك في الجنان،

140   فرحنا كثيرًا وابتهجنا

كلُّنا نقرِّب الصلاة.

إلى الله ربِّنا كلِّنا

أن يُملَّك في موضع الأطياب

ويكون لنا سورًا وسلاحًا

145   ويحفظنا من المضار

في النهارات والليالي.

ويؤهِّلنا لآخرة صالحة

ولملاك السلام

ويمنحنا بصلواتك

150   غفرانَ الذنوب والخطايا.

ويقيمنا عن يمينه

في يوم ظهوره العظيم

وينجِّينا من النار

المحفوظة لفاعلي الإثم

155   ولا يدخل في الدينونة معنا

لأنَّنا نعترف أنَّنا أثمة

على القائلين والسامعين

تكون مراحم الله

من الأحياء ومن الموتى

160   يَصعد المجدُ في كلِّ وقت

للآب والابن والروح القدس

في كلِّ وقت. آمين وآمين[5].

 


[1] العنوان في بيجان، الجزء الثاني (ص 886-890) ܐܚܪܢܐ ܕܟܗܢܐ: أي آخر الكهنة. والعنوان: مار أفرام. ܕܡܪܝ ܐܦܪܝܡ. لم يحسب بيجان هذا الميمر مع سائر الميامر، ولا أعطى له رقمًا. لهذا لم يترجمه الأب بهنام سوني.

[2] في العالم السريانيّ، هناك انتظار للقيامة العامَّة. تقيم النفوس البارَّة في "الفردوس"، في النعيم، ولكن ملء السعادة يكون في المجيء الثاني.

[3] أي الثالوث الأقدس. هو فعل إيمان يعلنه الكاهن عند ساعة موته.

[4] الجماعة المصلِّية تتحدَّث إلى من انفصل عنها وكأنَّه حاضر معها.

[5] هو حوار الكاهن مع رعيَّته عند ساعة موته. يعترف بأنَّه خاطئ، ولكنَّه يعترف أيضًا بالثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس. طلب الكاهن من إخوته الكهنة ومن الجماعة أن يذكروه في صلاتهم. فتوجَّهوا إليه يعلنون حزنهم على فراقه، وفرحهم بأنَّه بين أجواق القدّيسين في عالم النور.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM