خاتمة الكتاب.

 

خاتمة الكتاب.

إطلالة سريعة على إنجيل يوحنّا. شرح ف 1-2. في قسمين كبيرين: المحيط اللاهوتيّ والمحيط التاريخيّ. في الأوَّل، توقَّفنا عند 1: 1-18 فاكتشفنا من هو الكلمة. هو ابن الله. الذي هو في حضن الآب. عرف الآب وأخبر عنه. هذا الكلمة صار بشرًا ليجعل البشر مشاركين له في حياة الله: »قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أبناء الله«.

في القسم الثاني الذي دعوناه المحيط التاريخيّ، لم نقصد أنَّنا نعيش في القرن الأوَّل المسيحيّ مع »الوثائق« التي يعرفها العالم. بل ننطلق من شخص يوحنّا المعمدان الذي تحدَّث عنه المؤرِّخ فلافيوس يوسيفس، كما من هيرودس الذي بدأ ببناء الهيكل منذ 46 سنة. هكذا تكون رسالة يسوع متجذِّرة في مكان معيَّن: أرض فلسطين، بين الجليل واليهوديَّة. وفي زمان معروف: حوالي سنة 28 ب.م. رجال التقى بهم يسوع. ساروا معه، رأوا آياته، أعجبوا بمواقفه الذي ستصل به إلى الموت. وقرأوا كلَّ ما عاشوه معه على ضوء القيامة.

يسوع هو »الآية« التي تدلُّ على حضور الله في العالم. نكتشف من خلاله وجه الآب وعمل الخلاص، أو نبقى على جانب الطريق. من خلال معجزة في قانا الجليل، عرفنا الساعة، ساعة الحاش والآلام والموت على الصليب. وتطلَّعنا إلى اليوم الثالث الذي يذكِّر المؤمن بقيامة الربّ على ما يقول في قانون الإيمان: »وقام في اليوم الثالث كما في الكتب«. وفي هذه الآية الأولى، انتقلنا من نظام العهد القديم إلى نظام العهد الجديد. كان الماء يُوضَع في الأجران للاغتسال من نجاسات تلحق بالإنسان الذي اتَّصل بالآخرين في محيط وثنيّ. فرغت هذه الأجران، وحلَّ محلَّها الخمر الذي يدلُّ على كأس الآلام والموت، وبالتالي على كأس الإفخارستيّا التي تتمُّ حين تكثير الأرغفة.

وكان يسوع »آية« في أوَّل وصول له إلى أورشليم، بمناسبة عيد الفصح. يذبح اليهود الحمل. ولكنَّ الحمل الحقيقيّ هو هنا. يعلنه يوحنّا المعمدان، ويعلن أنَّه يرفع خطيئة العالم. فحملُ الفصح وغيره من الذبائح لم تقدر أن تزيل الخطايا. ولهذا تتكرَّر. وكما أنَّ الله يمجَّد حيث يكون يسوع، كما فعل أحد البرص العشرة الذين شفاهم يسوع، لا مع الطقوس، كذلك حملُ الله بدأ يجتذب الناس إليه، لأنَّه يدلُّ على حضور الله في العالم.

وجاء كلامه يبيِّن، من خلال دمار الهيكل، أنَّ جسده أيضًا يدمَّر. ولكنَّه لا يلبث مدمَّرًا على مثال الهيكل الذي لم يبقَ فيه حجر على حجر. أجل، كلُّ رسالة يسوع تمَّت على ضوء الصليب والموت والقيامة. كلُّ رسالة يسوع عرفت الرفض والمعارضة والمقاومة. بل رسالة الكنيسة بحيث إنَّ المؤمنين يتعرَّضون للملاحقة، فيطرد اليهودُ من المجمع كلَّ من يعترف بأنَّ يسوع هو المسيح. وكما كان المسيح آية، علامة، كذلك كانت الكنيسة، وستبقى حتّى نهاية الأجيال.

ذاك ما حاولنا أن نكتشف في هذا المجلَّد من شرح الإنجيل الرابع والله يسدِّد خطانا وهو الذي بدأ فينا الأعمال الصالحة ويكمِّلها ساعة يشاء.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM