القراءة التحليليّة: اندراوس وبطرسُ والتليمذ الآخر.

 

القراءة التحليليّة:

اندراوس وبطرسُ والتليمذ الآخر

تلميذان تبعا يسوع على أنَّه »رابّي« أي معلِّم (1: 25-39). ثمَّ أتى أندراوس، أحد التلميذين، بأخيه إلى المسيح (آ40-42). دعاه يسوع الصخرة، لأنَّه هو الصخرة، كما دعاه الراعي (21: 15-17) لأنَّه هو الراعي الصالح (10: 11، 14) الذي يبذل نفسه من أجل خرافه.

آ35. وقف. اعتبر برنارد ص 53، أنَّ المعمدان وقف ينتظر يسوع. ولكن يبدو بالأحرى أنَّه كان حاضرًا. اثنان. واحد كان أندراوس (آ40). والآخر لا يُقال اسمه. نماهيه مع »التلميذ الآخر« التلميذ الذي كان يسوع يحبُّه. يقول التقليد هو يوحنّا بن زبدى. بل بالأحرى، كلُّ مؤمن هو ذاك الذي يقدر أن يرافق أندراوس ويُقيم مع يسوع. قد يكون الذي كتَب ف 21 قد فكَّر هكذا، لأنَّه يصوِّر التلميذ الحبيب في وضع يشبه ما نجد هنا (21: 20). جميع لوائح الاثني عشر تسمّي سمعان وأندراوس ويعقوب ويوحنّا، على أنَّهم الأربعة الأوَّلون. وذكر الإزائيّون هؤلاء الأربعة أنفسهم (ترك لوقا أندراوس) على أنَّهم التلاميذ الأوَّلون الذين دُعوا حين كانوا يصطادون السمك في بحر الجليل (مر 1: 16-20 وز). من وجهة مبدئيَّة، من المعقول أنَّ التلميذ الذي لا يُذكَر اسمُه، قد يكون واحدًا من الأربعة، لاسيَّما وأنَّ الإنجيل الرابع يذكر أندراوس وبطرس أنَّهما الاثنان بين ثلاثة مدعوّين. وهكذا يكون لنا أساسٌ لكي يتماهى التلميذ الآخر مع يوحنّا. ذاك في معنى أوَّل، تاريخيّ. أمّا في المعنى الروحيّ، فالنصُّ يبقى مفتوحًا لكلِّ واحد منّا.

قدَّم بوامار (من العماد، ص 72-73) برهانًا أنَّ التلميذ الآخر هو فيلبُّس: فيلبُّس وأندراوس يسيران معًا في هذا الإنجيل (6: 5-9؛ 12: 21-22). ويأتيان من القرية ذاتها (1: 44). كما نشير إلى أنَّ أندراوس وفيلبُّس ذُكرا معًا في لائحة الاثني عشر، في مر 3: 18 (الاسمان متقاربان في أع 1: 13، ولكنَّهما لا يُجمعان بحرف العطف). غير أنَّ اللائحتين في متّى ولوقا تفصلان الاسمين. أمّا الصعوبة بالنسبة إلى بوامار، فهي أنَّ 1: 43 تبدو وكأنَّها تقدِّم فيلبُّس للمرَّة الأولى (أي: كأنَّه لم يُذكر من قبل) بحيث يصعب أن نصدِّق أنَّه قد أشير إليه من قبل. واقترح بعضهم أنَّ هذا المشهد في يو، هو تكييف للمشهد الإزائيّ حيث يرسل المعمدان تلاميذه ليسألوا يسوع (مت 11: 2؛ لو 7: 19). ولكنَّ التشابيه بين المشهدَين قليلة جدٌّا.

تلاميذه. تَوافق الإنجيليّون الأربعة على القول بأنَّه كان ليوحنّا المعمدان تلاميذ، وربَّما يكون المعمِّد فرزهم فعمّدهم مع دور خاصٍّ في الصوم (مر 2: 18 وز؛ لو 7: 29-33) وفي الصلاة (لو 5: 33؛ 11: 1). تحدَّث يو 3: 25 و4: 1 عن بعض المزاحمة بين تلاميذ يوحنّا وتلاميذ يسوع. كما تحدَّث مر 6: 21 وربَّما أع 19: 3 عن هؤلاء التلاميذ بعد موت المعمدان.

آ36. نظر emblepein. يرد مرَّتين في يو. هنا وفي آ42 (نظر يسوع إلى بطرس): حدَّق به. أطال النظر. في آ42 نستطيع القول إنَّ يسوع دخل إلى أعماق بطرس.

آ37. التلميذان. قرأت بعضُ المخطوطات اليونانيَّة: تلميذاه (مع الضمير). وجُعل هذا الضمير في مواضع مختلفة. لهذا اعتُبر مضافًا بيد أحد النسّاخ.

آ38. ونظرهما. qeasqai. راجع ما قلنا من قبل عن هذا الفعل. لا معنى خاصٌّا. هو يقابل 21: 20 مع الفعل blepein. تطلبان.zhteite. أراد بوامار (المعموديَّة، ص 73) أن يثبت الخلفيَّة الآراميَّة في يو، فرأى في الفعل الآراميّ (؟؟؟) معنى طلب أو بحث أو أراد. ونستطيع أن نكتشف هذه المعاني هنا. في معنى أوَّل: ماذا تريدان. وفي معنى أعمق: عمَّ تبحثان؟ ولكنَّ هذين المعنيين موجودان في اليونانيَّة zhtein، دون الحاجة للعودة إلى الآراميَّة. أمّا القراءة المختلفة: من تطلبان، فهي تعكس فهمًا للمشهد وكأنَّه يقدِّم لنا لاهوت التلمذة. رج 20: 15. رابّي. حرفيٌّا: يا عظيمي. أو السيِّد، الربّ. ترجم يو الكلمة »معلِّم«. ليست ترجمة أدبيَّة، ولكنَّها صحيحة بالنسبة إلى الاستعمال. رج مت 23: 8 (يدعوكم أحد: يا معلِّم). طُرح سؤال: هل لفظ »رابّي« جاء في يو، في غير وقته؟ لا يقين في العالم اليهوديّ يؤكِّد أنَّ لفظ »رابّي« أعطيَ لأيِّ حكيمٍ في الحقبة السابقة لسنة 70ب.م. إنَّ رسالة شريرا غاوون (القرن 10 ب.م.) قالت: أوَّل شخص حمل لقب »رابان« كان غملائيل (منتصف القرن الأوَّل تقريبًا)، وهو تاريخ يتوافق مع حقيقة تقول إنَّ لقب »رابّي« صار تسمية عاديَّة لعلماء »مرسومين« مع مدرسة يمنية. غير أنَّ سوكانيك(1) اكتشف معظمة على جبل الزيتون حيث didaskaloV، اللفظ الذي استعمله يو، يُستعمَل كلقب. نجد اللوحة في Tarbiz (1930)1(2). أرَّخ سوكانيك هذه المعظمة قبل دمار الهيكل بعدد من الأجيال. إن كان didaskaloV يقابل »رابّي« (وهو أيضًا ؟؟؟ في ذلك الوقت)، تدلُّ المعظمة أنَّ استعمال رابّي في العهد الجديد، ليس خارج وقته(3).

وحده يو استعمل مرارًا لفظ »رابّي«. لوقا لم يستعمله. في متّى، توجَّه يهوذا وحده إلى يسوع بهذه التسمية. في يو، تواتر »رابّي« و»معلِّم« في فم التلاميذ الذين يحدِّثون يسوع، يتبع مخطَّطًا مقصودًا. هذان اللفظان يُستعملان حصرًا في كتاب الآيات (ف 1-12). أمّا في كتاب المجد، فالتلاميذ يدعون يسوع الربّ .kurioV في هذه الألفاظ، حاول يو أن يُبرز نموَّ الفهم عند التلاميذ.

تقيم. menein يرد هذا الفعل ثلاث مرّات في آ38-39. على مستوى الحياة العاديَّة، menein يعني بات، سكن في منزل (مر 6: 10؛ لو 19: 5). أمّا هنا، فالفعل له رنَّة لاهوتيَّة. الموضع الذي فيه يعيش يسوع يَبرز في مت 8: 18-22 (لو 9: 57-60): لا موضعَ له يُسند إليه رأسه. وذلك جوابًا على كاتب يقول: »يا معلِّم، أتبعك إلى حيث تمضي«. ويرد حدث آخر فيه يقول يسوع لأحد التلاميذ: »اتبعني«. لا نجد ما يقابل هذا في الإنجيل الرابع.

آ39. الساعة العاشرة. أي الرابعة بعد الظهر. كان النهار يبدأ في الساعة الواحدة، والساعة الثالثة هي التاسعة صباحًا. والساعة السادسة هي الظهر. والساعة الحادية عشرة هي الخامسة مساء(4). اعتبر Walker في خط Beber et Westcott أنَّ يو اختلف عن الأناجيل الإزائيَّة، فعدَّ الساعات من نصف الليل، كما كانت العادة عند الكهنة الرومان، وعند المصريّين... واقترح أنَّ الساعة 10 ق.ظ.، تعطي معنى أفضل في السياق الحاليّ. ومع ذلك، واضحٌ جدٌّا في خبر موت يسوع اليوحنّاويّ، أنَّ اليوم التالي (الغد)، عيد الفصح، يبدأ عند المساء، لا في نصف الليل. هذا التفصيل يساعد على عدِّ ساعات الليل انطلاقًا من السادسة بعد الظهر، وساعات النهار انطلاقًا من السادسة قبل الظهر.

هل من معنى لهذه الإشارة الزمنيَّة؟ بعض الملاحظات الزمنيَّة في يو تحمل أهمّيَّة خاصَّة. مثلاً، الظهر في 19: 14. وأخرى لا تحمل الأهمِّيَّة عينها: الظهر في 4: 6. فالرقم عشرة الذي له مدلوله في العهد القديم، وهو رقم الملء والكمال عند فيثاغور وفيلون، جعل بولتمان (ص 70) يعلن أنَّ الساعة العاشرة هي ساعة الملء. ما عاد التلميذان يحتاجان بعدُ إلى شيء. وكان اقتراح آخر: كان ذاك اليوم الجمعة وليلة السبت. فعلى التلميذين أن يلبثا عند الربِّ من الجمعة الساعة 4 بعد الظهر، إلى السبت مساء، ونهاية السبت، لأنَّهما لا يقدران أن يسيرا سوى مسافة سبت. رج 2: 1.

آ40. سمعان بطرس. يُعتبر معروفًا لدى القارئ. فضَّل يو الاسمين. الاسم الآراميّ سمعان، المرتبط بالسماع. والاسم اليونانيّ بطرس، المرتبط بالصخرة. رج مت 10: 2؛ لو 6: 14 مع كلام عن بطرس وأندراوس الأخوين.

آ41. أوَّلاً. . أوَّل شيء عملَه، وجدَ أخاه سمعان. رج البرديتيّن 66، 75. أبوت(5) جعل من prwton صيغة المفعول به، بحيث قال: لبطرس المكانة الأولى. رج أيضًا في الكودكس السينائيّ، وعدد من المخطوطات المتأخِّرة، هي صيغة الرفع: كان أندراوس أوَّل من وجد أخاه سمعان بطرس. وبالتالي يوحنّا بن زبدى، التلميذ الذي لا يُذكر اسمه، مضى إلى أخيه يعقوب. وهناك من قرأ prwi في الصباح الباكر. هكذا في اللاتينيَّة العتيقة وفي السريانيَّة العتيقة (السينائيّ): ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟: في صباح اليوم. وأضاف المنادى: يا أخي ( ) وجدتُ المسيح. في Cureton: رأى سمعان كافا. أخذ بهذه برنارد، بوامار، لأنَّها تساعد فرضيّات السبعة أيّام(6). ومع ذلك، بدا يومٌ آخر متضمِّنًا في 1: 39. فإن أخذنا بفرضيَّة بقاء التلميذين مساء الجمعة وصباح السبت، يكون أنَّ ناسخًا أراد أن يسهِّل الأمور. ولكن إن لم يكن يوم الجمعة مساء، ففرضيَّة الصباح الباكر تبقى معقولة. وأخيرًا، ألغي prwton عند تاتيان وفي السريانيَّة الكيورتونيَّة، وبعض الآباء.

أخاه adeljon. في اليونانيَّة أضيف idion: الخاصّ. هو أخاه في اللحم والدم، لا رجلٌ في القبيلة. الماسيّا messian، في العبريَّة. يرد هذا الاسم فقط هنا وفي 4: 25، خلال حوار مع السامريَّة. المسيح cristoV. أو: الممسوح بالزيت، الذي نال المسحة crisma.

آ42. نظر إليه. رج آ36. بن يوحنّا. ذاك هو النصُّ الأقدم. أمّا النصوص اللاحقة، فقرأت: بن يونا في خطِّ مت 16: 7. أيكون الاسمان شكلين للاسم العبريّ الواحد، أم اسمين مختلفين لوالد سمعان. في 1أخ 26: 3 ترجمت السبعينيَّة ؟؟؟؟؟؟ (يوحنّا) بـ ؟؟؟؟. ولكن قد نكون أمام التباس. بطرس khjaV كيفا. تفرَّد يو بين الأناجيل، فنسخ اسم بطرس اليونانيّ ؟؟؟؟، وربَّما ؟؟؟؟ لأنَّ k اليونانيَّة تقابل ق في السرياني BDF, par 392. ولكن وجود الكاف يعني أنَّنا أمام آراميَّة الجليل. افترض متّى 16: 18 الخلفيَّة الآراميَّة: أنت ؟؟؟؟ (صخر) وعلى هذا ؟؟؟؟ (الصخر) أبني بيعتي. في اليونانيَّة: petroV ثمَّ petra. لا بطرس في اليونانيَّة، ولا كيفا في الآراميَّة، اسم علم، بل كنية تفسِّر بعض الشيء عن طبع سمعان أو مسيرته.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM