النصّ الإنجيليّ في ترجمة بيسطرية والقراءة التحليليّة.

النصّ الإنجيليّ

1: 5-1

1 في البدء كان الكلمة

والكلمة كان عند الله

وإلهًا كان الكلمة.

2 هذا كان في البدء عند الله

* * *

3 كلّ شيء به صار،

وبدونه شيء واحد ما صار.

4 فيه كان (كلّ شيء) حياة

والحياة كانت نور الناس

5 والنور في الظلمة يضيء

والظلمة ما استوعبته.

في البدء كان الكلمة

في التحليل، نعزل العناصر التي يتركّب منها النصّ، ونفصِّل أجزاءه. تلك بداية كل دراسة للكتاب المقدس، بل لكل المؤلفات الأدبيّة. هذا ما نبدأ به حين نقرأ 1:1-5. ويأتي كلامنا في مقطعين. الأول، »في البدء« (آ 1-2)، يعرّفنا على الله. والثاني، »به كان كل شيء« (آ 3-5)، يُعرّفنا على دور الكلمة في الخلق: خلقَ الحياة وخلق النور.

القراءة التحليليّة: في البدء كان الكلمة

1- المقطع الأوّل (آ1-2)

آ1- في البدء . En archi في البيبليا العبريّة، يُدعى سفر التكوين بأوّل لفظة فيه: في البدء، (براشيت، في الرأس). لهذا، نستطيع بسهولة أن نرى التوازي بين المطلع الإنجيليّ وسفر التكوين. وهذا التوازي يتواصل في الآيات اللاحقة حيث تُذكر تيمةُ(1) الخلق والنور والظلمة كما في سفر التكوين. ما كتبه يوحنّا، هو ما قرأناه في النسخة السبعينيّة.

البدء archi. في تك، هو بداية الخلق. أمّا هنا، فالخلق هو في آ 3. وهكذا افترق يوحنّا عن تك. »فالبدء« هنا يعود إلى حقبة سابقة للخلق. هو يدلّ على منطقة الله، لا على مستوى النوع، بل على مستوى الزمن. نلاحظ هنا كيف يبدأ مرقس إنجيله: »بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله« (مر 1: 1).

كان الكلمة. hn o logo" هو الفعل في الماضي المتواصل. الكلمة مذكَّر، لا مؤنَّث، وسوف نفهم أنّ الكلمة هو يسوع المسيح، الابن الذي صار بشرًا. نقرأ ثلاث مرّات فعل كان hn. منذ الذهبيّ الفمّ، رأى الشرّاح أنّ كلَّ مرّة يرد هذا الفعل في آ1، يتَّخذ منحى آخر: (1) الوجود. في البدء كان الكلمة موجودًا. (2) العلاقة. ارتبط بالله الآب. (3) الإسناد. هي صفة. يُوصف الكلمة بأنَّه »إله«، بأنَّه ينعم باللاهوت شأنه شأن الآب، ولكنَّه ليس الآب. نحن هنا في أساس عقيدة ما يكوّن الثالوث الأقدس (مجمع نيقية 325). الآب هو الله. الابن هو الله. والواحد لا يذوب في الآخر. بل يكون لدى الآخر، عنده، تجاهه، في علاقة شخصيّة، حميمة. كان الكلمة. تقابل: أنا هو (يهوه في العبريّة). هذا ما قاله يسوع لليهود الذين يجادلونه: قبل أن يكون إبراهيم أنا هو (8: 58).

عند الله. لدى الله. في حضرة الله προς τον θεον نحن هنا أمام إمكانيّتين. الأولى: حين نقول »مع« نتحدَّث عن المرافقة. يسيران معًا. يكونان معًا كما في »مكان واحد«. هنا نكون مع حرفَي جرّ في اليونانيّة: »في« مع حركة »في« بدون حركة مع en. هذه الفكرة عن وجود قبل العالم، تَظهر في يو 17: 5: »المجد الذي كان لي معك para قبل أن يُوجَد العالم«. ونستطيع هنا أن نقرأ 7: 29: من عنده جئتُ. حرفيّا: »أنا من لدنه παρα مع génitif المضاف. أمّا السينائيّ فيقرأ »معه«، παρα مع datif المجرور.

والإمكانيّة الثانية: تجاه الآب(2). الله. هي علاقة بين الآب والابن. بين الله والكلمة. قدَّم »لابوتاري« برهانه بقوّة، فقال: إنّ المعنى الديناميكيّ في εις وفي προς (في حضرة، تجاه) لا يضيع في يونانيّة يوحنّا. فيعلن: حين يستعمل يوحنّا προς مع النصب، فهو لا يعني المرافقة. ويشير إلى آ18 التي تشكِّل تضمينًا مع آ1. مع عبارة »في حضن الآب« ei" to kolpon (أو: بجانب الآب). غير أنّ البرهان الذي يستخلصه »لابوتاري« من آ18 من أجل تفســير دراماتيكـــيّ في προς في آ1، يرتبط باستعمال ei" الديناميكيّ في آ18، وهذا أمرٌ موضوع جدال. وجاء برهان آخر من 1يو 1: 2: »الحياة الأبديّة كما لدى الآبπρο τον  πατερα أو: في حضرة الآب. بما أنّ فاعل هذا القول هو الحياة، فهو يشمل بالأحرى المشاركة، لا العلاقة. والمقابلة بين يو و1يو على أساس الألفاظ، يشكِّل صعوبة، لأنّ اللفظين يظهران في هذين المؤلَّفين مع لطائف(3) مختلفة بعض الشيء.

أمّا نظرتنا فتقول بوجود لطيفة في العلاقة في يو 1: 1ب، ولكن بدون تحديد العلاقة بين الكلمة والله الآب، كما يراها البعض: علاقة البنوّة.

عند اللـه. Pro" ton qeon في حضـرة الله. نجد أل التعريف أمام الاسم qeo" (الله). حين يُذكَر الآب ويسوع والروح القدس، يُستعمل لفظ »الله« مع أل التعريف للكلام عن الآب. رج 2كور 13: 13: »نعمة ربِّنا يسوع المسيح، ومحبّة الله (του θε0υ مع أل التعريف) وشركة الروح القدس«. وإنّ آ18 (تضمين مع آ1) تتحدَّث عن الآب بدون أل التعريف، qeo" كما في 1يو 1: 2 مع لفظ pateron (الآب): الحياة الأبديّة التي كانت عند προς الآب. إذ أبرز يو 1: 1ب العلاقة بين الله الآب والكلمة، ميَّز بينهما تمييزًا ضمنيٌّا.

الله. qeo" بدون تعريف. كأنّنا نقول: إله. هذا كلام عن ألوهيّة يسوع. رج 11: 25: »أنا هو القيامة والحياة«. أو 14: 6: »أنا هو الطريق والحقّ والحياة«. وقد اقترح بعضهم: كان الكلمة إلهيٌّا. ولكن يبقى هذا الاقتراح ضعيفًا. ففي اليونانيّة نجد صفة »إلهي« qeio"، والإنجيليّ ما استعملها. ثمّ جاء من يقول إنّ هذه الصفة qeio" غير موجودة في الأدب اليوحنّاويّ(4). وجاء من يقول: »ما كان الله كانَه الكلمة«. هذا أفضل من الصفة »إلهيّ«. بالنسبة إلى المسيحيّ العاديّ الذي عوَّدته الخلفيّة الثالوثيّة أن يتحدَّث عن »الله« على أنّه »الله الآب«، فترجمة: »الكلمة كان الله« ترجمة صحيحة. وهذه القراءة تَثبُت حين نتذكَّر أنّ في الإنجيل الذي نقرأ اليوم، القول في 1: 1 يجعلنا في تضمين مع 20: 28: ففي نهاية الإنجيل يعترف توما بيسوع على أنّه »إلهي« o qeo" mou. كلّ هذا يمثِّل جوابًا على اتِّهام يسوع في الإنجيل: تجدِّف »لأنَّك جعلت من نفسك إلهًا« (10: 33؛ ق 5: 18: ساوى نفسه بالله). ومع ذلك، يجب أن نقرّ، يجب أن نعترف أنّ بين »والكلمة كان الله« كما في المطلع، وبين اعتراف الكنيسة في مجمع نيقية بأنّ يسوع هو »إله حقّ من إله حقّ«، أنّ هناك توسُّعًا في لغة فلسفيّة مع إشكاليّة مختلفة.

2- المقطع الثاني (آ3-5)

آ 3. كلّ شيء به صار.   Panta di j autou أو: به كلّ شيء أتى إلى الوجود. ما كان قبل أن يكون الكلمة، وها هو قد صار. منذ القرن الثاني، رُبط هذا الكلام بالخلق. رأى بولار(5) في هذا الكلام، عودةً إلى عمل الله الخارجيّ كلِّه، بما فيه تاريخ الخلاص. لأنّ الإنجيل الرابع لا يهتمّ بالكوسمولوجيّا، بعلم الكونيّات، ومع ذلك، نرى أنّ المطلع له تاريخ مستقلّ عن الإنجيل، بحيث إنّ لاهوته لا يكون بالضرورة في حدث الإنجيل. في أيّ حال »كلّ شيء« هو مفهوم أوسع من »العالم«، منطقة الإنسان، التي ستُذكـر في آ9-10. والفعل »صار« egeneto هو ذاك المستعمل للكلام عن الخلق في تك1: 1 كما في السبعينيّة.

»وبدونه« χω ρις αυτου. هي لا تدلّ فقط على السببيّة، بل تتضمَّن الحضور بشكل سلبيّ. لو لم يكن هو موجودًا، لما كانت الخليقة وُجدت.

هناك من يقول فيجمع آ3ب مع آ4: »وبدونه ما كان شيء ممّا كان (آ3ب). فيه كانت الحياة«. في مثل هذه القسمة »ممّا كان«، لا تبدأ آ4، بل تكمِّل آ3. هذه القسمة نجدها في الشعبيّة اللاتينيّة. وبحسب مالمان(6)، تلك كانت قسمة جيروم (ما عدا عبارة واحدة). أمّا لابوتاري(7) فشدَّد على أنّ جيروم بدَّل هذه القسمة حوالي سنة 401 من أجل هدف دفاعيّ.

وبرهن بوامار(8) عن موقفنا، فذكر عددًا من آباء الكنيسة. واعتبر أنّ الموقف الثاني يعود إلى القرن الرابع في دفاعٍ يعارض الموقفَ الأريوسيّ. أخذ الأريوسيّون بموقفنا: فيه كان كلّ شيء حياة (آ4). أو: »ما جاء إلى الوجود كان فيه حياة«. فقد أرادوا أن يبيِّنوا أنّ الابن تبدَّل وبالتالي لم يكن مساويًا للآب. عارض الآباء المستقيمو الرأي هذا، ففضّلوا الترجمة الثانية التي تُبعد كلَّ أساس للتفسير الأريوسيّ. غير أنّ الباحثين جميعًا لا يقبلون بهذا الشرح لأصل القسمة الثانية. اعتبر مالمان (حاشية 6)، أنّها سبقت أريوس. وقال هانشان (حاشية 4) إنّ وضع النقطة كما فعلنا، تعود إلى الحقبة الغنوصيّة. في أيِّ حال، التوازي الشعريّ حاضر مع »فيه كان«. ويُسند كلامنا ما نقرأ في قاعدة الجماعة (قمران 11: 11): »بمعرفته كان كلُّ شيء، وبفكره وجّه كلّ هذا، وبدونه ما صُنع شيء«. ناقش لابوتاري (حاشية 7) المسألة في شكل واسع.

آ4أ. فيه كان كلّ شيء حياة.

Εν αυτοω ζωη نجد هنا خمس مسائل صعبة. »(1) ما كان« (ما أتى إلى الوجود). انتقل المطلع من الماضي المبهم (εγενετο aoriste الذي استعمله مرّتين في آ3، إلى الماضي الكامل (γργονεν) parfait. ظنّ البعض أنّ هذه محاولة لإعطاء فكرة عامّة عن الخلق: »كلّ ما أتى إلى الوجود«: ولكنّ التشديد في الماضي يكون على الاستمرار: كان شيء في الماضي وما زال أثرُه حاضرًا ساعة نتكلَّم.

(2) فيه. في شخص. أو: في شيء. اعتبر شرّاح أنّنا أمام »شيء«. هو وضع معلَّق: ما سوف يكون. والعبارة: »ما سيكون فيه كانت الحياة«. مثل هذه الترجمة غير مقبولة. لو هي عودة إلى الوراء، لكانت »فيه«en toutw عاديّة. وأيضًا لا نجد أل التعريف أمام حياة zwh بحيث تكون مُسنَدًا لا فاعلاً. هذه »الحياة« في آ4أ يجب أن تكون مسندًا، وفي آ4ب هي فاعل. هناك اختلافة مع »في (شيء) كما قال مولا(9). »ما كان، كان فيه حياة«. مثل هذه الترجمة تتجنَّب بعض الصعوبات المذكورة. ولكنَّها تُدخل جوابًا الضميرَ الذي يتضمَّنه الفعل، وليس من مثَل آخر على ذلك في آ1-5(10).

(3) إذا أخذنا »في الشخص«، بأيّ مجموعة من الكلمات نربطه؟ هناك قراءتان ممكنتان: الذي سيكون كان حياة فيه. أو: ما سيكون فيه كان حياة.

أخذ عددٌ من الباحثين المعاصرين بالقراءة الأولى: كان حياة فيه. وبالتالي انضموا إلى أوسابيوس وكيرلُّس الإسكندرانيّ وأوغسطين وأكثريّة الآباء اللاتين. هؤلاء يقولون إنّ الفاعل »ذاك الذي أتى إلى الوجود« يحمل المعنى ذاته لـ »كلّ شيء« كما في آ 3. أي هو يعود إلى الخليقة ككلّ. ومع ذلك، فإنَّ آ4ب (»الحياة كانت نور الناس«) تبدو كأنَّها تقول: ليس الخلق كلّه، بل الخلائق الحيّة. بل البشر الآتون إلى الوجود في آ4أ. وصعوبة أخرى في هذه الترجمة ترتبط بالفعل، فيتوسَّع الكثيرون: وجد حياة. أو: كان حيٌّا. وحتّى في زمن الفعل صعوبة. انتظرنا الحاضر: »هو حيّ الآن فيه«، لهذا رفض لاكان (حاشية 10) وفاوتر(11) هذه الترجمة. فلو أراد صاحب المطلع أن يعبِّر عن العواطف التي في كو 1: 7 (وفيه يتكوَّن كلّ شيء)، لكان اختار طريقة غامضة لكي يفعل.

أخذ أوريجان وهيلاريون وأمبروسيوس والآباء اليونان الأوّلون بالقراءة الثانية: »ما أتى إلى الوجود فيه كان حياة«. هذا يرتبط بموقع »فيه« في اليونانيّة. إنّ هذه العبارة لا علاقة لها بالتبدُّل داخل الكلمة أو مع أزليّة الفكر الإلهيّ في الكلمة. بل حين تلت آ3، مثّلت نزولاً ضيِّقًا على مستوى الخلق. ما تحدَّثت آ4 عن الخلق كلِّه، بل عن خلق خاصّ في الكلمة.

(4) »كانت حياة«. أو: »هو حياة«. يمكن قراءة الفعل في الحاضر. ولكن برديات بودمر(12) تطلب الماضي المستمرّ. والصيغة نفسها مطلوبة في آ4. الماضي المستمرّ واضح وإن صحّح بوامار (حاشية 8، ص 12) النصّ فجعله في الحاضر في آ4أ و4ب. نعتبر أنّ المستمرّ كان في الأصل في آ4أ. ولكن بعض النسّاخ بدّلوه إلى الحاضر، لأنَّه يرتبط ارتباطًا أفضل مع القراءة المذكورة أعلاه: »ما صار كان حياة فيه«.

(5) »الحياة« zwh. هل هي الحياة الجسديّة أو الحياة الأبديّة؟ إذا اعتبرنا فاعل آ4أ هو الخليقة كلها، لا يمكن أن نتحدَّث عن الحياة الأبديّة. ولكن إن اعتبرنا الكلام يدور على الخلق في الكلمة، فالكلام يعني الحياة الأبديّة، فلفظ »الحياة« لا يعني أبدًا الحياة الطبيعيّة، لا في الإنجيل اليوحنّاويّ ولا في الرسائل، والتماهي بين هذه الحياة ونور الناس في ما يلي، يجعلنا نظنّ أنّنا أمام الحياة الأبديّة. في 1يو 1: 2 الكلام واضح: »نبشِّركم بالحياة الأبديّة«.

آ4ب. الحيـــاة كـــــانت نــــور النـاس. η ζωη το φως των αθνρωπων بعضهم أراد أن يقلب المسنَد: »نور الناس كان حياة«. تطلّعوا إلى 8: 12: »نور الحياة« (بوامار، حاشية 8، ص 18-19). ولكنّ التوازي يفرض علينا القول بأنّ »النور« هو المسند، ثمّ يكون الفاعل في آ5أ. ورمزيّة النور تعود بنا إلى تك 1: 3: »وقال الله: ليكون نور، فكان نور«.

آ5. يضيءφω νει رأى بولتمان(13) أنّه الماضي المستمرّ، في الأصل، لا الحاضر، ولكن لا شيء يُسند ذلك في النصوص. »ما استوعبته ου κατελαβεν هل هذا الماضي المبهم يعود إلى محاولة الظلمة للسيطرة على النور؟ أم أنّنا أمام سلسلة من المجادلات؟ هل هو ماضٍ مبهم يدلّ على أنّ الظلمة تحاول دومًا أن تتغلَّب على النور؟ نظنّ أنّ الكاتب عاد إلى تك 3: 1ي. وهكذا نكون أمام الماضي المبهم، على ما يبدو.

»استوعب«. أوقف. فهم. أدرك (الترجمات العربيّة، في السريانيّة: أدرك). الفعل اليونانيّ κατελαβεν صعب الترجمة. ونحن نكتشف أربعة اتّجاهات لدى المترجمين: (1) أدرك. فهم. كيرلّس الإسكندرانيّ والتقليد اللاتينيّ. هو فهم عقليّ. إذا كان »النور« يعود إلى الكلمة المتجسِّد، فهذا المعنى معقول: لا يستطيع الناس أن يدركوا النور الذي حمله يسوع خلال رسالته التعليميّة (3: 19: فضَّلوا الظلمة على النور). نجد أفضل برهان لهذه الترجمة في التوازي، الذي نقرأه في آ10-11: »الظلمة ما أدركته... العالم ما عرفه εγνω ، أخصّاؤه ما استـقـبـلوهparelabon.

(2) استقبل، قبل، تقبَّل، قدّر. مثْلَ بولتمان (حاشية 13) رأى بلاك(14) أنّ الأصل أراميّ »ق ب ل«. الظلمة لم تقبله. صارت كأنّها شخص حيّ، فمثَّلت العالم والأخصّاء، في الزمن. وهناك تلاعب على الكلام: ق ب ل ا: الظلمة. ولكن أطلَّت آراء أخرى فقالت »ا ح د«، أخذ، أمسك(15). أمّا »ق ب ل« فهو أراميّ متأخِّر وقريب من السريانيّة.

(3) انتصر، تغلَّب، تعقَّب. هو المعنى المَعادي. أوريجان، وأكثريّة الآباء اليونان. بوامار، وستكوت(16)، شلاتار(17). يستندون إلى 12: 35: »يباغتكم الظلام«. فالتعارض بين النور والظلمة في الفكر الثنائيّ اليوحنّاويّ، يبدو وكأنَّه يَطلب مثلَ هذا الفعل لكي يصوِّر هذا الالتقاء. مفهوم الكلمة في المطلع (كما سوف نرى) يشبه الحكمة المشخّصة في العهد القديم. نلاحظ هنا أنّ حك 7: 29-30 يقابل الحكمة مع نور لا يستطيع أحد أن يغلبه، لأنّ الشرّ لا يتفوَّق على الحكمة(18). ونجد موازاة أخرى في موشّحات سليمان (17: 6): »لا يُقهَر النور بيد الظلمة«. وتحدَّثت أعمال توما عن النور »الذي لا يُقهر«. لهذا السبب اقتُرح »تغلَّب«. ولكنّ التوازي يكون دُمِّر مع آ10ج وآ11 (ما عرفه العالم. ما قبله أخصّاؤه).

(4) »ساد«. هذا ما اقترحه بعضهم لكي يُمسكوا بالمعنيّين معًا: أدرك. تغلَّب. وكانت ترجمة أكـثر غموضًــا: امتـــصَّ. وفي النهــايــة، نشــير إلى معنى  καταλαμβανειν الذي يكون له معنى واحد حين تكون الآية مستقلّة في النشيد. ولكن يكون له معنى آخر حين يصبح النشيد مطلعَ الانجيل.

.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM