تقديم

الرابطة الكتابية،2007

قراءة الربية،27

الخوري بولس الفغالي

تقديم

الايمان هو موقف باطني لدى الانسان الذي يجعل ثقته بالله. والجواب يكون أمانة لا تردّد فيها مهما كانت الظروف. والأمانة تعني المثابرة، مواصلة العمل، الثبات، على مثال ما قال الرب: »من يثبت إلى المنتهى فذاك يخلص« (مت 24:13).

في الايمان نتّكل على الله. ذاك كان وضع ابراهيم. دعاه الله من البعيد إلى أرض الموعد. أطاع وما جادل. سار إلى حيث أراده الرب. وما سأل. أحسّ بيد الله تمسك يده. وتعدّه للمجد. آمن فبرّره الله من أجل إيمانه. أي قدّسه، جعله في خط مشيئته.

في الايمان نسمع لرجال الله. فالله لا يُرى. بل يتكلّم في أعماق القلوب. ولكن وجهَه يُرى من خلال الأولياء والقديسين. وصوته يُسمَع بفم الأنبياء. هذا ما يقول الربّ. ويسمع الناس صوت الربّ من خلال صوت بشري يدعوهم مثل موسى، فيجيبون: »كل ما تكلّم الرب به نعمله ونأتمر به« (خر 24:7). ويشوع جمع القبائل في شكيم: »خافوا الربّ واعبدوه بكمال وإخلاص« (يش 24:14). وكان الجواب: »حاشا لنا أن نترك الربّ« (آ 16).

كلّمنا الرب بالأنبياء. وفي آخر الأيام، كلّمنا بابنه الحبيب (عب 1:1). الله ما رآه أحد قط. ولكن الابن أخبر عنه. فسَّر لنا حضوره. قال لنا: من رآني رأى الآب (يو 14:9). ويسوع هو الكلمة. قالها الآب، فلم يَعُد له شيء يقوله. إليه وصلت كلمات الأنبياء، ومنه تنطلق كلمات المعلّمين منذ الصعود وحتى نهاية العالم، من أورشليم وصولاً إلى أرجاء الأرض كلها.

أنا أؤمن. أنت تؤمن. المؤمنون عديدون. هل واحد يؤمن وحده دون علاقة مع الآخرين؟ كلا. فنحن أعضاء في جسد المسيح الواحد. وهكذا نرتبط جميعاً في الايمان بمن هو الرأس، يسوع المسيح. ويشبّهنا بطرس الرسول بحجارة في بناء. اللحمة يسوع المسيح، وهكذا يرتفع البناء عالياً.

إلينا نحن المؤمنين توجّهت هذه التأمّلات. هي رباط الايمان، لأننا كلنا نعلن الايمان الواحد بالآب، خالق السماوات والأرض. بالابن الذي هو إله من إله، والذي تجسّد من مريم العذراء وصار انساناً. بالروح الذي يقدّس الكنيسة والعالم كله، لكي تتكوّن سماواتٌ جديدة وأرض جديدة.

وإيماننا يستند أول ما يستند إلى الكتب المقدسة. لهذا أعدنا القراءة لنصوص طالما سمعناها وسنظلّ نسمعها، لأنها ليست حروفاً كما في سائر الكتب، ولا كلمات جامدة تكون قاتلة لمن يتعلّق بها ويحسبها صنماً يعبده، ولا يحرّك فيه شيئاً. الكتب المقدسة تحمل كلام الله الحي. وهي تهبنا الحياة على ما قال يسوع للمجرّب عائداً إلى سفر التثنية: »لا يحيا الانسان بالخبز فقط، بل بكل كلمة تخرج من فم الله« (مت 4:4؛ تث 8:3).

ذاك هو كتابنا: رابطة الايمان. نقرأه لا شك في مخدعنا، ولكن لا ننسى أن الكثيرين يفعلون مثلنا. نرتبط بهم ويرتبطون بنا، وهكذا نكون كالجماعة الأولى قلباً واحداً وروحاً واحداً مهما باعدت بيننا المسافات.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM